بعد أن شككت هيئة الدفاع عن الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، في حيادية القضاء وقدمت طعنًا أجلت بسببه المحاكمة لمدة أسبوعين، قبل أن تفصل محكمة الاستئناف في الدعوى وتقرر إعادة الملف للمحكمة الابتدائية مرة أخرى، ها هي هيئة الدفاع تهاجم النيابة العامة، وتتهمها بالتأثير على العدالة، باستدعاء شهودها وتهديدهم علنًا وخفية، وفتح بلاغات في مواجهتهم، لإضعاف قضيتها.
للأسبوع الثاني على التوالي يفشل الدفاع في إحضار الشهود الذين أعلنهم في وقت سابق
جلسة بلا شهود
للأسبوع الثاني على التوالي يفشل الدفاع في إحضار الشهود الذين أعلنهم في وقت سابق، حيث لم ينجح الأسبوع الماضي إلا في إحضار شاهد وحيد، حمل الرقم (14) كان قيد الحبس بسجن كوبر، وهو أحد رموز النظام البائد، الفريق عبد الرحيم محمد حسين، وتعلل محامي الدفاع عن المخلوع هاشم أبوبكر الجعلي، بأن النيابة العامة تمارس ضغوطًا على شهوده بالاستدعاء والتهديد المعلن والخفي، والتمس من المحكمة إعمال سلطاتها في حماية الشهود.
اقرأ/ي أيضًا: البدوي: العقوبات تخنقنا وسنبني اقتصادًا موجهًا للشباب
وقال دفاع المعزول، إن شاهد الدفاع– وهو المراجع العام للجمهورية السودان- الذي تم إعلانه رسميًا، رفض المثول أمام المحكمة بحجة أن شهادته غير مجدية، في عدم وجود تقرير مراجعة بشأن الأموال السعودية التي تلقاها المعزول. والتمس الجعلي من المحكمة إيداع رد المراجع في المحضر بدون التعليق عليه، إلا أن القاضي رفض باعتبار أن الرد وجه للدفاع وليس للمحكمة.
وزير مالية النظام البائد يتراجع عن الإدلاء بشهادته
منذ وقت باكر حضر إلى المحكمة، مسلم أحمد الأمير، آخر وزير دولة للمالية في حكومة المخلوع، كشاهد دفاع معلن، إلا أنه تراجع عن المثول أمام المحكمة في آخر دقائق، وطلب من محامي المخلوع مقابلة القاضي، قبل بدء المحكمة، ألا أن الأخير رفض.
وذكر الدفاع أن الغرض من مقابلة القاضي، كان لإخطاره بالظروف التي طرأت على الشاهد، حيث تلقى اتصالًا من النيابة أثر على شهادته، مما اضطر الدفاع إلى صرف الشاهد، الذي طلب إعفاءه من الشهادة لما قد يصيبه من ضرر.
اتهامات للادعاء بملاحقة الشهود والتأثير على العدالة
سيل من الاتهامات وجهها عضو هيئة دفاع المعزول، للنيابة العامة داخل قاعة المحكمة، وقال هاشم الجعلي: " النيابة أثرت على شهود الدفاع الذين مثلوا أمام المحكمة في وقت سابق، وهما ممثلا بنك السودان المركزي والإدارة العامة للجمارك".
وأكد الجعلي أن النيابة فتحت بلاغًا كيديًا ضد الشاهد حاتم حسن بخيت، اضطرت إلى شطبه بعد الادلاء بشهادته، ورأى أن البلاغ ضد بخيت كان مؤثرًا على قضية الدفاع، وبناء عليه قررت المحكمة أن تأخذ شهادته بحذر، على اعتبار أنه شريك في القضية مع المتهم البشير. والتمس الجعلي من المحكمة إعمال سلطاتها وحماية الشهود، وفقا لنص المادة 15(2) من القانون الجنائي، وفتح الباب أمام الدفاع لاستكمال قضيته بعدالة وشفافية.
من جهته كذب رئيس هيئة الاتهام ياسر بخاري، مزاعم الدفاع وطالبه بإثباتها لمحاسبة كل من تنسب إليه هذه الوقائع، وقال: "النيابة خصم شريف ولا تلجأ لهذه الأساليب" وأضاف "نحن على ثقة بأنه ليس بيننا من يفعل ذلك".
وأشار إلى أن تعلل الدفاع بسلوك مشين للنيابة للاستغناء عن بعض الشهود، أمر مرفوض، ويهدف لتطويل إجراءات المحكمة، وطالب بخاري المحكمة بإغلاق قضية الدفاع الذي فشل في إكمال قضيته. بعد أن أخذ فرصته كاملة، واستمعت المحكمة إلى الشاهد رقم 14.
إصدار أمر قبض ضد المراجع العام
قرر قاضي المحكمة، إصدار أمر بالقبض على المراجع العام لجمهورية السودان، العام الطاهر عبد القيوم، لرفضه المثول أمام المحكمة كشاهد دفاع، ومخالفته المادة 94 من القانون الجنائي، واتخاذ الإجراءات اللازمة في مواجهته وإخطاره بموعد الجلسة السبت المقبل.
كما رفض القاضي التماس الدفاع بإمهاله فرصة لإحضار الشهود وعتبر أن الدفاع منح فرصة كافية لإكمال قضيته إلا أنه فشل في ذلك. وانتقد القاضي دفاع المعزول وأشار إلى أنه اتخذ طريقًا مغايرًا في قضيته، حيث قدم قرار فحص لمحكمة الاستئناف، وتم إعادة الملف للمحكمة مرة أخرى، وفشل الدفاع في إحضار الشهود واكتفى بشاهد واحد قيد الحبس بسجن كوبر، الأسبوع الماضي. وأكد القاضي أن الدفاع ليس له الحق في صرف الشاهد، طالما حضر للشهادة، وأوضح أن المحكمة لم تقرر في شهادة حاتم بخيت من حيث الضعف أو القوة، كما لم تقرر رفض شهادته لمجرد أنه شريك في البلاغ محل الدعوي.
قرر قاضي المحكمة، إصدار أمر بالقبض على المراجع العام لجمهورية السودان، العام الطاهر عبد القيوم، لرفضه المثول أمام المحكمة كشاهد دفاع
واعتبر القاضي أن ما ذكره الدفاع بشأن ممارسة ضغوط على الشهود محض ادعاء لا سند له، وأوضح أن المحكمة ملزمة بحماية الشهود بنص المادة 15 (2) من القانون الجنائي والمادة 35 من قانون الإثبات، والتي تمنح الشاهد الحصانة القانونية اللازمة وأن لا يكون عرضة لأي مساءلة قانونية، لما أدلى به من شهادة، كما له الحق في تحرير بلاغ ضد كل من يهدده، بعد الحصول على إذن مقاضاة من المحكمة.
الموقف الذي وضعت فيه هيئة الدفاع، ربما دفعها لبذل جهود مكثفة لإحضار بقية الشهود في الجلسة رقم 12، وهم مدير شركة سين للغلال طارق سر الختم ووزير رئاسة الجمهورية السابق فضل عبد الله فضل، في محاولة لإنقاذ موكلها من التهم الموجهة إليه باستلام أموال غير مشروعة من دولة أجنبية.
اقرأ/ي أيضًا
"النائب العام": الوقت غير ملائم للحديث عن تسليم البشير للجنائية
طلب لرفع الحصانة عن عسكريي السيادي يثير الجدل في السودان