15-أبريل-2024
تعليم الأطفال السودانيين في مصر

نزح أربعة ملايين طفل جراء الحرب في السودان

تعد شريحة الأطفال والقصر من أكثر الفئات تضررًا من الحرب الجارية في السودان، والتي أكملت عامها الأول اليوم. ويواجه الأطفال بجانب العنف المباشر للحرب، النزوح والأمراض والمجاعة، في ظل توقف التعليم والصحة.

بالسودان أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم

ومنذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في نيسان/أبريل 2023، غادر أكثر من ثمانية ملايين شخص في السودان منازلهم، بينهم أربعة ملايين من الأطفال. ويقيم نصف الأطفال النازحين داخل السودان، بينما عبر النصف الآخر الحدود إلى دول الجوار. وتعد أزمة نزوح الأطفال في السودان هي الأكبر في العالم.

وكانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الأطفال قد حذرت من تعرض (24) مليون طفل سوداني لخطر "كارثة عابرة للأجيال". وقالت إن "حقوق الأطفال في الحياة والبقاء والحماية والتعليم والصحة والتنمية "جميعها قد انتهكت بشكل خطير في الصراع الذي يشهده البلد".

توقف التعليم

ومنذ اندلاع الحرب توقفت جميع المؤسسات التعليمية في البلاد. ويقيم مئات الآلاف من النازحين بالمدارس والمعاهد والمرافق التعليمية، والتي تحولت إلى مراكز نزوح مؤقتة، ما يجعل استئناف الدراسة على المحك، حتى في المدن الآمنة.

أما في مناطق الحرب، في المؤسسات التعليمية التي نجت من القصف المباشر، فإنها لم تنجُ من النهب والتخريب، بما في ذلك الوزارات والمرافق الحكومية ودور المعلمين والاتحادات. وتعرضت مباني وزارة التربية والتعليم في العاصمة الخرطوم، لحرائق ضخمة منذ الأيام الأولى للحرب، الأمر الذي يشي بتدمير كامل الأرشيف والسجلات في مخازن الوزارة.

وبدأت وزارة التربية والتعليم حصر الطلاب الراغبين في الجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية المؤجلة منذ العام الماضي. وكان وزير التربية والتعليم الاتحادي، محمود سرالختم، قد قال الشهر الماضي، إن أكبر أزمة تواجه امتحانات الشهادة هي التأمين، معلنًا عن ورشة ستعقدها الوزارة لتحديد مواعيد الامتحانات. وقال إن مواعيد امتحانات شهادة التعليم الابتدائي في السودان ستكون في السادس من حزيران/يونيو المقبل، ومواعيد امتحانات شهادة التعليم المتوسط ستكون في تموز/يوليو المقبل.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، يعاني السودان الآن من واحدة من أسوأ الأزمات التعليمية في العالم، حيث "لا يتمكن أكثر من (90) بالمائة من الأطفال في سن المدرسة البالغ عددهم (19) مليون طفل في البلاد من الوصول إلى التعليم الرسمي". وأضافت: "سيؤدي التعطيل المستمر للتعليم إلى أزمة أجيال في السودان".

وتحاول بعض الولايات إخلاء النازحين من المداراس، ولكن تواجه هذه الإجراءات بالرفض من قبل النازحين الذين لا يجدون مكانًا للإقامة، لا سيما في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات، وتكدس المواطنين في المدن الآمنة.

صحة الأطفال

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة، "يونيسيف"، إن (8.9) مليون طفل في السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد. ويتضمن هذا العدد حوالي (4.9) مليون في مستويات الطوارئ من الجوع.

وقالت "يونيسيف" في بيان لها بمناسبة مرور عام على الحرب في السودان، إنه من المتوقع أن يعاني حوالي 4 ملايين من الأطفال دون سن الخامسة في السودان، من سوء التغذية الحاد هذا العام. ومن المتوقع أن يعاني أكثر من (700) ألف طفل من سوء التغذية الحاد الشديد المهدد للحياة.

نائب المدير التنفيذي لليونيسف، تيد شيبان قال إن حوالي نصف الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها بسبب الاشتباكات المستمرة، الأمر الذي يزيد من خطورة الظروف التي يمرون بها.

ويزيد من الخطورة التي يواجهها الأطفال قلة التغطية باللقاحات في ظل الجوع وتفشي الأوبئة والأمراض، لا سيما في مراكز النزوح واللجوء المكتظة في ظروف غير صحية.

ويعاني السكان العالقين في مناطق الاشتباكات من انعدام الممرات الآمنة وفشل الهدن الإنسانية التي يتفق عليها طرفا النزاع، كما يتهمان بعرقلة عمل المنظمات الإنسانية ووصولها للأكثر احتياجًا وعلى رأسهم الأطفال.

ويذكر أن منظمات كانت قد كشفت عن وفاة طفل واحد كل ساعتين في معسكرات النزوح جراء سوء التغذية. وأشار بيان لمنظمة أطباء بلا حدود في شباط/فبراير الماضي، إلى أن ربع الأطفال الذي خضعوا للفحوصات الطبية في معسكر زمزم للنازحين، بولاية شمال دارفور، يعانون من سوء التغذية الحاد.

وقالت يونيسيف إن السودان شهد ارتفاعًا بمقدار خمسة أضعاف في بلاغات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الطفل العام الماضي، لا سيما تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب، فضلًا عن القتل والتشويه والعنف الجنسي ضد الأطفال. وأضافت: "من المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى بكثير من تلك المبلغ عنها نظرًا للصعوبات الشديدة في التحقق من الانتهاكات بسبب مشاكل الوصول".

وتشمل مخاطر الحرب الأطفال الذين لم يولدوا وأمهاتهم الحوامل، حيث يواجه أكثر من (230) ألف طفل وامرأة حامل وأم جديدة خلال الأشهر المقبلة، خطر الموت بسبب الجوع، حال لم يتم توفير المساعدات المنقذة للحياة لهم.

ضعف التمويل

وعلى الرغم من حجم الاحتياجات الإنسانية المهولة في السودان، إلا أن المنظمات الإنسانية تشكو من ضعف التمويل. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت عن احتياجات بقيمة (4.1) مليار دولار، ولكن لم تحصل إلا نسبة ضئيلة للغاية منها.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة، إنها بحاجة إلى (240) مليون دولار للأشهر الستة المقبلة، وذلك لمنع المجاعة في (93) منطقة من الأكثر هشاشة في السودان، والتي تضم (3.5) مليون طفل دون سن الخامسة.

ويضيف نائب المدير التنفيذي لليونيسف، تيد شيبان: "بعد (365) يومًا من النزاع، لا يزال أطفال السودان على حافة الهاوية من حرب مروعة. بدون عمل منسق عاجل وموارد إضافية، فإن البلاد تخاطر بكارثة أجيال سيكون لها آثار خطيرة على البلاد والمنطقة وما بعدها".