25-يوليو-2022
خالد سلك في ورشة تقييم المرحلة الانتقالية

الوزير السابق بشؤون مجلس الوزراء خالد سلك في ورشة تقييم المرحلة الانتقالية

اختتمت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) أمس الأحد ورشة تقييم الفترة الانتقالية التي انطلقت الأربعاء الماضي ونظمتها الحرية والتغيير بالتعاون مع صحيفة الديمقراطي بدار المحامين. وخرجت الورشة بمجموعة من التوصيات، أولها ضرورة اعتراف قوى الحرية والتغيير واعتذارها عن أخطائها خلال الفترة الانتقالية واتخاذ التدابير المناسبة لمنع تكرارها، ومن هذه الأخطاء عدم وضع الإصلاح الأمني والعسكري كأولوية قصوى وقبولها تولي العسكريين مسؤولية تعيين وزيري الدفاع والداخلية وعدم اتخاذ إصلاحات جذرية لتفكيك التمكين في القوات النظامية، بالإضافة إلى تلافي الأخطاء التي صاحبت التعيينات وعدم الانفتاح على الخبرات الواسعة من غير الحزبيين ما أضر بإصلاح الخدمة العامة، فضلًا عن ترك أوضاع النيابة والقضاء على حالتها الموروثة من النظام البائد.

وعد عمر الدقير بتحويل توصيات الورشة إلى خطة عمل خلال الفترة المقبلة وعلى رأسها توسيع المشاركة حول الإعلان الدستوري

اعتراف واعتذار

واعتذرت قوى الحرية والتغيير للشعب السوداني عن الإخفاقات التي تمت منذ وضع الوثيقة الدستورية شاملةً فترة حكمهم في خلال الفترة الانتقالية التي استمرت لنحو ثلاث سنوات.

وقال عضو المجلس المركزي للتحالف المحامي طه عثمان في الورشة: "يجب أن نعترف أولًا للشعب السوداني عن أخطائنا". وأضاف أن مجزرة فض اعتصام القيادة العامة هي أول انقلاب نفذه المجلس العسكري وليس انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر، مشيرًا إلى مجموعة من الأخطاء التي صاحبت تجربة التحالف.

وركزت الأوراق المقدمة على التحديات والصعوبات التي واجهت الحكومة الانتقالية، فيما ركز جزء آخر من النقاش على أداء المجلسين السيادي والتنفيذي وسلام جوبا الذي قال بعض المشاركين في الورشة إنه "السبب في انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر". وناقشت كذلك سياسة السودان الخارجية والمشروع الاقتصادي لحكومة الفترة الانتقالية ولجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، إلى جانب ورقة الإصلاح الأمني والعسكري. واضطلعت لجان المقاومة بدور المناقش لهذه الأوراق إلى جانب عدد من الإعلاميين. وللمرة الأولى في السودان ينظم تحالف سياسي ورشة لتقييم تجربته السياسية وتحديد أوجه النجاح والقصور فيها.

https://t.me/ultrasudan

وفي مقالة له نُشرت في 16 تموز/ يوليو الجاري، أشار البراق النذير السكرتير الصحفي لرئيس مجلس الوزراء السابق عبدالله حمدوك إلى وجود أخطاء تستوجب الاعتراف والاعتذار والوعد بالمراجعة الجادة في المستقبل، لتحسين شروط التحالفات وترفيع العمل من جميع الفاعلين لإنجاز مهام الانتقال وصولًا إلى الديمقراطية التامة، خاصةً مع بروز الحاجة الملحة لاستعادة زخم الثورة على المستوى السياسي والتنظيمي والجماهيري والإعلامي.

وتباينت وجهات النظر حول خطوة التحالف بتقييم تجربته السياسية، فهناك من عدّ الخطوة سلوكًا جديدًا في السياسة السودانية يجب دعمه والبناء عليه، فيما نظر إليها آخرون على أنها امتداد لما أطلق عليه "الاستهبال والفهلوة السياسية" ما أخضع عملية التقييم نفسها للتقييم.

وانتقد عضو لجان مقاومة بحري وأحد المناقشين في ورشة تقييم الفترة الانتقالية أباذر مدثر الأمين - انتقد الحرية والتغيير في طريقة تقييمها للفترة الماضية. وقال إنها "لم تكن لديها خطة من الأساس"، واصفاً ما تم بأنه عمل "ارتجالي".

وقال مدثر في تصريح لـ"الترا سودان " إن الأوراق التي قدمت في الورشة تفتقد إلى الشفافية التي تعد "قيمة أساسية من قيم الثورة"، مضيفًا أن الحرية والتغيير لم تقدم رؤية واضحة لآليات الوصول إلى الأهداف عبر الورشة. وأردف: "عملية التقييم تتم عبر تقييم خطتك وإلى أين وصلت فيها وهذا لم يحدث".

ديمقراطية رجع الصدى

وصوّب الصحفي السوداني المقيم في الإمارات علاء الدين محمود سهام نقده إلى ورشة التقييم، وأسماها "ديمقراطية رجع الصدى"؛ أيّ تقييم نفسك بنفسك. وأردف علاء الدين في تصريح لـ"الترا سودان": "المفارقة في أن التقييم الذي يفترض فيه الصدق صاحبته الكثير من التناقضات والأكاذيب".

ويخلص علاء الدين إلى القول بأن مخرجات الورشة أكدت أن ما حدث من قوى الحرية والتغيير "لم تكن أخطاء يمكن الاعتذار عنها، بل فعل مقصود يجعلنا نشكك في هذا التحالف المريب وهو يريد إعادة إنتاج الدولة القديمة ونظامها وليس تحقيق أهداف الثورة وغاياتها".

وشارك معظم منسوبي قوى الحرية والتغيير ممن تولوا مناصب دستورية في حكومة ما قبل الانقلاب في مداولات جلسات التقييم؛ من بينهم وزير المالية الأسبق إبراهيم البدوي ووزيرة الخارجية مريم المهدي وعضوا مجلس السيادة محمد الفكي وصديق تاور ومقرر لجنة تفكيك التمكين وجدي صالح.

تقويم أم تبرير وإنكار

لكن ثمة من يتساءل؛ هل كان الغرض من مطالبة الحرية والتغيير بتقويم أدائها في حكومة الثورة أن تجتمع مكونات (قحت) ويُقدم ممثلوها في مجلسي السيادة والوزراء نقدًا وتقويمًا لسنوات حكمهم؟ فيما يشير مراقبون أن الغرض لم يكن أن تحضر "قيم التبرير والإنكار" بقدر ما كان الغرض تقويم التجربة والاستفادة من خلاصاتها في تجارب الانتقال المقبلة.

ويرى الكاتب الصحفي محمد عتيق في عموده المنشور في صحيفة التغيير في يوم 24 تموز/ يوليو الجاري أنه ولأجل أن يكون التقويم صائبًا ويؤدي إلى نتائج وطنية مفيدة يجب أن تضطلع به كوادر فكرية وسياسية من غير ممثلي الأحزاب في الحكومة، ليأتي خاليًا من شبهات التبرير أو الإنكار، لأن المطلوب -بحسب عتيق- ليس المحاسبة بالإبعاد عن التكوينات الحكومية المقبلة، فلا عقوبات في الأمر، وإنما "وضع أسس جديدة لصياغة برامج محددة تكون أهدافًا للفترة الانتقالية ومواثيق ملزمة للجميع".

ودافع القيادي في المجلس المركزي ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير عن خطوة التحالف بإقامة ورشة لتقييم الفترة الانتقالية في سلوك جديد على المشهد السياسي السوداني، لافتًا إلى أن تقييم الأداء السياسي والتنفيذي للتحالف "خطوة مطلوبة" وأن الإقرار بالأخطاء اعتذار عما حدث ووعد بعدم تكراره. وأوضح الدقير: "انتقدت قوى التغيير تجربتها لأن غياب النقد يحول الأخطاء إلى خطايا".

ووعد الدقير في ختام ورشة تقييم الفترة الانتقالية بتحويل توصيات الورشة إلى "خطة عمل" خلال الفترة المقبلة وعلى رأسها "توسيع المشاركة حول الإعلان الدستوري".