عبر سودانيون عن حزنهم لنبأ مقتل الملازم أول محمد صديق حسب نعي بعض ضباط الجيش، خلال معارك عسكرية جرت بين الجيش والدعم السريع في محور مصفاة الجيلي السبت.
عضو في لجان المقاومة: فتح محمد صديق نافذة من الضوء على ثورة ديسمبر
وانتشرت نبرات الحزن وسط المتظاهرين السلميين الذين شاركوا في ثورة ديسمبر، معبرين عن عدم نسيانهم تلك اللحظات التي صعد فيها الملازم أول محمد صديق إلى المدرعة العسكرية في اعتصام القيادة، ودعوته للعسكريين بالانحياز إلى المعتصمين أثناء الأوقات العصيبة التي واجهت الثورة.
وقالت لمى محمد التي شاركت بفاعلية في العمل مع لجان المقاومة بمدينة أم درمان لـ"الترا سودان"، إن خبر استشهاد الملازم أول محمد صديق نزل عليها كالصاعقة صباح اليوم، لأن الثوار ينظرون إلى بطولة صديق بشكل مختلف.
وقالت لمى محمد إن الملازم أول محمد صديق، استحوذ على مشاعر السودانيين اليوم الأحد، عقب انتشار خبر تصفيته على يد الدعم السريع في معارك قرب مصفاة الجيلي شمال الخرطوم بحري السبت.
وأضافت: "كنت شاهدة عيان عندما صعد صديق المدرعة العسكرية وأطلق مقولته الشهيرة في اعتصام القيادة العامة في نيسان/أبريل ،2019 لقد فتح بابًا كبيرًا لثورة ديسمبر، لأنه كان شجاعًا حينما صمت الجميع".
وانضم صديق الذي أحيل إلى التقاعد في شباط/فبراير ،2020 إلى الجيش مرة أخرى مقاتلًا ضد قوات الدعم السريع منذ الشهور الأولى للحرب، والتي اندلعت منتصف نيسان/أبريل 2023.
ظل صديق يعمل من خلال محور متحرك نهر النيل، وتوعد بتحرير مصفاة الجيلي من الدعم السريع، وخاض العديد من المعارك في هذه الجبهة المشتعلة منذ الشهر الماضي.
بينما تقول نون وليد التي شاركت في الاحتجاجات الشعبية في السودان خلال العامين الماضيين، إنها تشعر بالغضب لأنها شاهدت مقطع فيديو للملازم أول محمد صديق، وهو يتعرض لصفع من أحد عناصر الدعم السريع عقب أسره.
وتضيف أن استشهاد صديق ترك غصة في حلقها، ولم تعد تستطيع التعبير عن حزنها، لأن أمثال صديق يجب أن يبقوا جنودًا وضباطًا وهم يخلصون لشرف الجندية في الجيش السوداني.
وتردف: "كنا أكثر سعادة عندما صرخ صديق صادحًا بالحق في اعتصام القيادة العامة في نيسان/أبريل 2019، الآن بعد خمسة أعوام على تلك الواقعة، نحن أكثر حزنًا على موته".
بالتزامن مع إحالته إلى التقاعد، كان صديق قد أدلى بتصريحات في مقابلة تلفزيونية بقناة الجزيرة، أنه لا يدري الأسباب التي جعلت القوات المسلحة تحيله إلى المعاش.
شكل قرار إحالة صديق إلى التقاعد تحولًا في موقف تنسيقيات لجان المقاومة بولاية الخرطوم في ذلك الوقت من العسكريين، وازدادت شقة الخلافات بينهما، وظلت المقاومة لثلاث سنوات على التوالي تقود مواكب ذكرى "الرهيفة التنقد" وهي عبارة من العامية السودانية وقد تشبه عبارة "فليحدث ما يحدث".
هذا التحول في موقف المحتجين ضد النظام العسكري في ذلك الوقت، اشتعل مجددًا اليوم الأحد، عقب الأنباء المتداولة عن استشهاد الملازم أول محمد صديق. تحول قد يضعف من حظوظ قائد الجيش نفسه الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ويعيد فتح "الدفتر القديم" مع جرح يقول المحتجون إنه غائر جدًا نتيجة تنحي محمد صديق عن الحياة.
استشهاد الملازم أول محمد صديق سيشكل علامة فارقة في تاريخ هذه الحرب، فالعبرة التي تركها صديق أن الناس عادة لا يبخلون بالثناء والتمجيد على الشجعان عندما يرحلون
خلال اللحظات الأخيرة أظهر صديق كعادته وفق إفادات أعضاء المقاومة شجاعته التي عرف بها، حينما رد على جندي الدعم السريع الذي سأله "ماذا تقول عن الجاهزية؟" سأله صديق "بالنسبة لي شنو؟" وكأنه يرفض منح صك للدعم السريع حتى وهو محاط بالبنادق.
يقول المعز محمد الناشط في تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم لـ"الترا سودان" إن استشهاد الملازم أول محمد صديق سيشكل علامة فارقة في تاريخ هذه الحرب، فالعبرة التي تركها صديق أن الناس عادة لا يبخلون بالثناء والتمجيد على الشجعان عندما يرحلون، أما الجبناء لن تلاحقهم سوى اللعنات.
وأردف: "عاش شجاعًا ومات شجاعًا، لم يتوانى عن قول الحقيقة في أوقات أشد ظلامًا، فتح طاقة من الضوء على ثورة ديسمبر".
وتابع: "من أوصل شعور بأهمية المغادرة من المشهد للبشير، ليس الجنرالات بل ما فعله الملازم محمد صديق في ذلك اليوم كان كافيًا لإقناع البشير بحتمية التنحي".