على وقع حصار الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، تحرك مجلس الأمن الدولي منذ الأسبوع الماضي لممارسة الضغوط على الأطراف العسكرية للوقف عن القتال، لكن هذه الخطوات في نظر فاعلين في المنطقة لم تقد إلى الحلول المطلوبة جراء استمرار القصف المدفعي على الأحياء المدنية، وتضييق مخارج النجاة على من يحاولون النزوح نحو القرى الواقعة في الولاية.
باحثة: عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن قد يصعد من بند العقوبات
وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر قرارًا في الـ 13 من الشهر الجاري، يطالب قوات الدعم السريع بإيقاف حصار المدينة، كما يطالب قرار مجلس الأمن بانسحاب "جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين في الفاشر".
وتقول الباحثة في الشأن الإنساني نهلة حسن لـ"الترا سودان"، إن مدينة الفاشر في طريقها إلى أن تتحول إلى "منطقة تماس" بدلاً من إعادة الحياة واستمرار المدنيين في حياتهم الطبيعية على خلفية قرار مجلس الأمن الدولي.
وتشير حسن إلى أن قرار مجلس الأمن الذي صدر منتصف الشهر الجاري غير ملزم وهو مجرد دعوة مشددة، لذلك استمر القتال في الفاشر ولا تزال حياة مئات الآلاف من المدنيين في خطر محدق، خاصة مع التقارير التي تحدثت عن وقوع تصفية على أساس عرقي في نيالا عقب مقتل قائد هجوم الفاشر في الدعم السريع علي يعقوب.
وترى نهلة حسن أن هجوم الفاشر يوضح عدم سيطرة حميدتي على الوضع الميداني، وأن هناك تأثيرات إقليمية ودولية على هذا المخطط الذي يوضح كيف أن العالم يشاهد السودان يحترق ولا يتحرك بمسؤولية.
وأكدت منظمة أطباء بلا حدود العاملة في مستشفيات الفاشر استمرار حصار المدينة، وتعريض حياة المدنيين إلى الخطر على الرغم من قرار مجلس الأمن القاضي بوقف القتال فورًا.
وتقول نهلة حسن إن الفاشر في طريقها للتحول إلى "منطقة تماس" ببقاء كل طرف في موقعه داخل المدينة، وتبادل القصف والاشتباكات المسلحة مع صعوبة استعادة الحياة المدنية والمرافق العامة.
وأردفت: "هذا النموذج موجود في بعض البلدان التي فشلت فيها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في الوصول إلى تسوية على الأرض لإنعاش آمال المدنيين في الاستقرار ووقف القتال، وقد يتكرر في الفاشر، وتضيف: "عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي قد يعجل بالعقوبات الدولية على أي طرف يعرقل الإجراءات التي أعلن عنها المجلس".
وكانت المحكمة الجنائية أعلنت الجمعة أن مدعي المحكمة كريم خان طلب معلومات عن الوضع في الفاشر، لأن اختصاصات المحكمة تقتصر في السودان على إقليم دارفور، ولديها صلاحية التحرك لملاحقة مرتكبي الانتهاكات بحق المدنيين في الإقليم.
ويقول شهود عيان من الفاشر إن الحياة اختلفت كثيرًا عما كانت عليه قبل ثلاثة أسابيع، لم يعد الناس يتحمسون للخروج وشراء الاحتياجات، أصبح الغالبية يخططون للنزوح والمغادرة خوفًا من سيناريوهات متعددة جميعها سوداء.
وباتت مدينة الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، على مرمى النيران العسكرية بشكل شبه يومي منذ آذار/مارس الماضي، واشتدت في أيار/مايو الماضي. وفي حزيران/يونيو الجاري دخلت المدينة دوامة من العنف ومستقبل غامض جدًا.
وتسيطر القوات المسلحة والحركات المسلحة المتحالفة خلال الحرب على المناطق الجنوبية والغربية ووسط المدينة، فيما تسيطر الدعم السريع على الناحية الشرقية وأجزاء من المناطق الشمالية للمدينة.
وعزز تحالف الحركات مع الجيش من موقف الأخير في إقليم دارفور، مع سقوط أربع فرق عسكرية للقوات المسلحة في الضعين وزالنجي والجنينة ونيالا نهاية العام الماضي.
وكان المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرلو استبق الأوضاع الميدانية محذرًا الدعم السريع أن السيطرة على الفاشر لا تعني السيطرة على إقليم دارفور، وأن الولايات المتحدة لن تعترف بدارفور مستقلة عن السودان في مقابلة مع "بي بي سي" مطلع هذا الشهر.