يجري رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال "يونيتامس" فولكر بيرتس مشاورات واسعة مع الأطراف السودانية للوصول إلى "صيغة مشتركة" تسهل العودة إلى المسار الديمقراطي.
ومنذ انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 يعيش السودان احتجاجات لم تتوقف في الشوارع في ظل تصاعد الانتهاكات وفق إحصائيات لجنة أطباء السودان، بمقتل أكثر من (78) من المتظاهرين خلال حوالي ثلاثة أشهر.
فولكر الذي حظيت مبادرته بدعم الولايات المتحدة الأميركية ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي يحاول معرفة اتجاهات القوى السياسية والعناصر الفاعلة في قوى المقاومة الشعبية، نافيًا التسريبات الإعلامية حول مقترحات وضعها في جوف مبادرته تتعلق بتشكيل مجلس مدني رئاسي من ثلاثة شخصيات ومجلس معني بالأمن والدفاع يملك رئيس الوزراء صلاحياته، وذلك في مسعى منه لإقناع المدنيين بعدم تكرار نموذج الشراكة السابقة.
أطراف مدنية تعتقد أن مبادرة فولكر تستغرق وقتًا طويلًا
وفي رد فعل على هذه المبادرة تظاهر الأسبوع الماضي المئات من عناصر موالية للمؤتمر الوطني المحلول قرب مقر البعثة شرق العاصمة الخرطومم، وأعلنوا رفضهم للتدخل الأممي من خلال المبادرة في السودان.
ويوضح حسن الأمين المحلل السياسي في تصريح لـ"الترا سودان"، أن فولكر سيقدم "ورقة بيضاء" ليضع عليها اشتراطات الأطراف المدنية ويضعها أمام العسكريين، وفي هذه الحالة سيقوم بتذويب الخلافات وتقريب وجهات النظر.
وأضاف: "عادة المبعوثون الدوليون لا تحركهم العواطف بل الأفعال على الأرض والنتائج المطلوبة وهو تفادي الانهيار بأي ثمن للوصول إلى الاستقرار عن طريق التنازلات المؤلمة من جميع الأطراف".
ويجري المبعوث الأممي مشاوراته في ظل تعقيدات كبيرة تواجه المدنيين، إذ أن قوى الحرية والتغيير "مجموعة المجلس المركزي" صعدت خلافاتها إلى السطح مع الحزب الشيوعي بعد اشتراط الأخير وضع ورقة مكتوبة لإعلان تحالف جديد.
كما أن تنسيقيات لجان المقاومة بالعاصمة والولايات لم تتحمس لمبادرة بيرتس، فهي تعتقد أن الأمم المتحدة لا تشعر بأهمية الثورة التي تحاول صنع "واقع جديد أمنيًا وعسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا".
ويقول عضو لجان المقاومة بمدينة ودمدني مجاهد رفيع في حديث لـ"الترا سودان"، إن لجان مقاومة ودمدني رفضت لقاء فولكر الذي تقدم بدعوة إليها لأنه لم يصف الوضع في السودان بالانقلاب إلا بعد مرور فترة، وواصل رفيع إفاداته بالقول: "فولكر لا يمنح الاعتبار للثورة".
إضافة إلى التعقيدات التي تواجه المبعوث الأممي في ملعب مليء بالأزمات، فإن تصريحات قادة المكون العسكري تعكس بعضًا من شروطها، وصرح نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو قبل يومين، بأن "فولكر مسهل وليس وسيط".
لكن الخبير في الحوكمة والسياسات الإنمائية وليد مادبو قال في مقابلة مع "الجزيرة" مساء الأحد الماضي، إن مبادرة المبعوث الأممي بمثابة الفرصة الأخيرة للعسكريين موضحًا أنه يتعين على المكون العسكري أن يوافق على المبادرة للخروج من الأزمة.
لكن بعض الأطراف المدنية تعتقد أن المبعوث الأممي يطيل من عمر المبادرة بدلًا من الالتزام بالتوقيت الزمني المقترح من جانب بعض الأطراف التي انخرطت معه في المشاورات.
وذكرت وزيرة الخارجية السابقة ونائب رئيس حزب الأمة مريم الصادق في تصريحات مؤخرًا، أن بعض الأطراف المدنية اقترحت على فولكر استغراق أربعة أسابيع فقط لإتمام المبادرة، لكنه يستهلك ثلاثة أسابيع في المشاورات وبدأ بالعمل الإعلامي.
اقرأ/ي أيضًا: لجان بحري: طرح الميثاق السياسي اقترب وعلى الأحزاب أن تستعد
ولم يحدد رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان فولكر بيرتس أطرافًا مدنية بعينها لحصر المبادرة عليها، لأنه قبل يومين أجرى مشاورات مع المؤتمر الشعبي وهو طرف مدني خارج الأطراف الانتقالية قبل الانقلاب.
ويقول عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير شهاب الطيب، في تصريح لـ"الترا سودان"، إن مبادرة فولكر بدأت بشكل موسع في جمع الأطراف وبطيئة في ذات الوقت، لكنه ربما يحاول معرفة شواغل القوى المدنية المعنية بالتحول الديمقراطي، على حد قوله.
قيادي في "قحت": فولكر يلتقي أطرافًا متعددة غير معنية بالتحول الديمقراطي
ويرى الطيب أن فولكر لم يحدد مركزًا مدنيًا بعينه للمشاورات، لكنه يحاول الوصول إلى جميع القوى المدنية بما فيها تلك القوى خارج مركزية قوى الحرية والتغيير والتي كانت تعارض الحكومة الانتقالية.
ويضيف: "توسعة فولكر للمبادرة يثقلها ويفرغها من الأهداف المطلوبة للتحول الديمقراطي واستعادة مسار الانتقال من الانقلاب".
واقتربت المبادرة التي أطلقها رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان من إتمام الشهر الأول وهو لا يزال يُجري المشاورات مع الأطراف السياسية والرسمية؛ فهل ينتهي هذا الشهر مستغرقًا في المشاورات؟.
اقرأ/ي أيضًا
محتجون يغلقون طريقًا في بورتسودان تسلكه الشاحنات المصرية
مساهمة بريطانية للمساعدات الطارئة لبرنامج الأغذية العالمي في السودان