10-أبريل-2023
مراسم التوقيع على الاتفاق الإطاري في القصر الجمهوري

وقعت الأطراف المدنية والعسكرية على الاتفاق الإطاري في ديسمبر الماضي

منذ انتفاء مبررات المصفوفة الزمنية بين قوى الإطاري والمكون العسكري حول الاتفاق السياسي والدستور الانتقالي وتكوين الحكومة المدنية، والأيام تكشف عن سيناريوهات مغايرة تنتظر السودانيين إذا أُجهض الاتفاق نهائيًا.

ويخشى الوسطاء الدوليون والأمم المتحدة من عودة السودان إلى "دائرة الفوضى" جراء عدم وجود يقين عما إذا كان العسكريون على استعداد لتوقيع الاتفاق، خاصة قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.

"انقسام متطرف" بين القوى المدنية وقادة الحراك السلمي قد يكون سببًا في إضعاف معسكر قوى الثورة

ويقول الباحث في مجال الديمقراطية والسلام مجاهد أحمد لـ"الترا سودان"، إن الاتفاق النهائي سيجرد المكون العسكري من أي سلطة مباشرة في مؤسسات الدولة عدا الأجهزة الأمنية والعسكرية، لذلك هم يبحثون عن "موطئ قدم" في الدولة حول من يكون بيده "السيادة" - بحسب مجاهد.

ويقول أحمد إن "السيادة" تعني من يقرر الحرب ومن يدير العلاقات الخارجية المتشابكة والمعقدة، لذلك فإن الاتفاق النهائي إما أنه سيكون اتفاق يضعف الشق المدني أو لا توقيع؛ أي انهيار الإطاري، لذلك موقف المدنيين هو الذي يحدد مصير الاتفاق والانتقال معًا.

وفي خضم الأزمة حول انهيار المصفوفة الزمنية أعلن المبعوث الأممي لحقوق الإنسان في السودان فولكر تورك في بيان مساء السبت، عن أمله في عودة مسار الانتقال بتوقيع الاتفاق النهائي، ودعا إلى عدم استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين.

خلال عام ونصف من الانقلاب العسكري فإن الاتفاق الإطاري على ما يبدو شكل اختراقًا لقوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي"، والتي تحاول استعادة مسار الانتقال رغم الانتقادات الواسعة من "حلفاء الأمس"، وهي مجموعات جذرية تدعو إلى إسقاط المكون العسكري بالكامل، وعدم عقد أي "ًصفقة سياسية" في وجودهم.

وتزايدت التكهنات حول تعثر الاتفاق النهائي بسبب صعود التيار الإسلامي في الساحة السياسية من خلال تدشين الإفطارات في الأحياء بالعاصمة السودانية والولايات.

وتوعدت قيادات في حزب المؤتمر الوطني المحلول بإفشال الاتفاق الإطاري، وهذه التصريحات تعكس مدى الانقسام داخل الحزب الحاكم سابقًا، بين تيار يحاول التهدئة وتيار آخر من "صقور" يحاول الصدام مع الواقع.

ويرى المحلل السياسي أحمد مختار في حديث لـ"الترا سودان"، أن الواقع معقد للغاية ما بين عودة "الحزب المحلول" إلى الساحة من "مخبئه الإجباري"، وما بين طموحات العسكريين في سلطة ترث نظام البشير.

وينوه مختار إلى أنه في ذات الوقت هناك "انقسام متطرف" بين القوى المدنية التي قادت الحراك السلمي وأطاحت بالنظام البائد، لدرجة أنه من الصعب التفكير في خلق توافق من الحد الأدنى.

ويرى مختار أن المجتمع الدولي وجزء من "قوى الثورة" وقوى مدنية تعتقد أن الاتفاق الإطاري قد يجنب السودانيين خطر الانزلاق إلى الحرب الأهلية، لذلك فإن فشل المصفوفة الزمنية جعلهم يشعرون بالإحباط رغم وجود آمال بتنفيذ الاتفاق خلال هذا الشهر.

قال قيادي في قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" ردًا على سؤال من "الترا سودان" حول مستقبل الاتفاق الإطاري، إن "القوى الموقعة على هذا الاتفاق تحاول أن تصنع مكانًا أكثر أمانًا بعد سنوات من الاضطرابات والأزمات".

وقال هذا القيادي رافضًا نشر اسمه إن "الاتفاق الإطاري إذا لم ينفذ، بالطبع للقوى الموقعة والمؤيدة خياراتها السلمية المعروفة، وحينها سيدفع من عرقل هذا الاتفاق الثمن غاليًا".

وأضاف: "عندما أقترح الوسطاء الدوليون المحادثات مع الجيش مطلع العام 2022، كنا على يقين من أن المقاومة سترفض هذا الأمر، لكن مع مرور الوقت تيقن الجميع أن ما اخترناه كان صائبًا" - بحسب تعبيره.

ويقول الباحث في مجال الديمقراطية والسلام مجاهد أحمد، إن انهيار الاتفاق الإطاري لن يضُر القوى المدنية بقدر ما أن هذا الأمر سيجعلهم يعودون إلى التحالف مرة أخرى بالعودة إلى الوسائل السلمية.

الاجتماعات التي انعقدت اليوم الأحد على فترتين، لم تحرز تقدمًا يذكر

ويرى أن العلاقة بين قوى الإطاري والمقاومة ليست سيئة إلى درجة مقلقة، بل يمكن قيادة "حوار بناء" وإصلاح الأخطاء والعمل على الخيارات المناسبة للجميع؛ إما ثورة راديكالية أو وضع تسوية جديدة.

ورغم آمال "قوى الإطاري" على إحراز اللجنة المشتركة بين الجيش والدعم السريع تقدمًا حول النقاط الخلافية، وأبرزها "سنوات الدمج" و"السيطرة"، فإن الاجتماعات التي انعقدت اليوم الأحد على فترتين، لم تحرز تقدمًا يذكر، ولا تزال المسافة بعيدة بين الطرفين، ولا تزال الخلافات حول تبعية قوات الدعم السريع لمجلس السيادة المدني أم قائد الجيش قائمة، بما يهدد بنسف العملية السياسية.