تعلو أصوات السودانيين مطالبةً بالشفافية وتوضيح أسباب تأخر تعيين الولاة، ويتساءل الناس عن الجهة التي تعطل تنفيذ هذا الاستحقاق الأساسي في تفكيك وإبعاد عناصر النظام البائد من السيطرة على الولايات، وقد كان المعلن أن قوى الحرية والتغيير دفعت بقائمة مرشحيها لرئيس الوزراء "عبد الله حمدوك" لاعتمادها، ولكنه قام بإعادتها لهم لمراجعتها، وذهب البعض أن التعطيل المسئول عنه مكتب حمدوك نفسه، دون أن تبادر أي جهة بتوضيح حقائق ما يحدث في هذا الأمر، وظل الغموض يكتنف أسباب تعطل هذه العملية الأساسية دون أن تفصح الحكومة الانتقالية أو "قوى الحرية والتغيير" عن أي معلومات تفيد الرأي العام حول هذه العملية.
بيانات صدرت من قوى بالتحالف الحاكم تكشف عن خلافٍ عميق حول طريقة اختيار الولاة ومخالفتها للمعايير
ولكن، تكشف معلومات مسربة عبر بيانات صادرة من جهات تنضوي تحت لواء التحالف الحاكم "الحرية والتغيير" عن خلافات حول الطريقة المتبعة في اختيار الولاة لمجافاتها المعايير المتبعة ومخالفتها للوائح أعلى الهيئات القيادية بالتحالف، وفق ما أوضحت رسالة "تجمع القوى المدنية" بتاريخ 1 كانون الثاني/يناير ٢٠٢٠ الموجهة للمجلس المركزي القيادي لقوى الحرية والتغيير وتم نشرها علنًا، تتحدث حول ما شاب عملية اختيار المرشحين لمناصب الولاة من خروقات من قبل المجلس، ما قد يعطي تفسيرًا لأسباب تعطل هذه العملية، وفيما يلي أبرز ما ورد بالرسالة:
اقرأ/ي أيضًا: "في انتظار الطعن".. البشير يمتلك معلومات "كافية" عن تهمة تقويض النظام الدستوري
- عدم مشاركة أعداد كبيرة من مكونات وكتل الحرية والتغيير، وحركات الكفاح المسلح والقيادات المحلية والمجتمعية في ولايات مختلفة في عملية الاختيار.
- خرق عملية اختيار الولاة لأحد بنود إعلان الحرية والتغيير، الذي ينص علي أن الفترة الانتقالية ينبغي أن تُشكل من حكومة كفاءات وليس حكومة محاصصات حزبية.
- تجاوز اختيار النساء لمنصب الولاة، وعدم التقيد بنسبة (٠٤%) المتفق عليها، وخلو قائمة المرشحين من أي مرشحة لمنصب الوالي.
- عدم اعتماد نتائج ترشيحات قوى الحرية والتغيير بالولايات المختلفة لمنصب الوالي مما يعتبر تجاوزًا واضحًا لآلية اختيار الولاة، واعتماد مرشحين لم ينالوا ثقة ناخبي قوى الحرية والتغيير في ولايات: شمال وجنوب دارفور وجنوب كردفان ونهر النيل وسنار وغيرها، في تغول واضح وبائن لسلطات الولايات المعنية.
- الخلل الذي شاب عملية التصويت وأدى لتغيير لائحة المجلس المركزي، فيه مخالفة لبنود اللائحة حيث تم تحويل التصويت لاختيار المرشحين بدلًا لتصويت فردي بدلًا عن الكتل، مما يوحي بممارسة التكتل الحزبي داخل قوي الحرية والتغيير.
واعتبر البيان أن الاجتماع المعني بالتصويت لاختيار ولاة الولايات مخالف للوائح التنظيمية، ودعا المجلس المركزي القيادي لمراجعة الآليات التي تم اتباعها، وإلغاء قرارات الاجتماع كأنها لم تكن.
اقرأ/ي أيضًا: مفاوضات سد النهضة.. ترامب "يضغط" والخرطوم تستضيف اجتماع "خطّة الملء"
أما حركة "التغيير الآن" وهي حركة مدنية من حركات مقاومة النظام البائد وأحدى مكونات التحالف فقد ذهبت هي أيضًا في ذات الطريق، في سياق إعلانها موقفها الرافض للمليونية والمطالب التي دعا لها "تجمع المهنيين" واستجابت لها لجان المقاومة والتشكيلات المهنية، فقد كشفت هي الأخرى جوانبًا مما يعتري عملية اختيار المرشحين لمناصب الولاة من خلل ونددت به.
اتهامات بتجاوزات لمعايير اختيار الولاة ومخالفتها للوائح التحالف وهجوم نسوي لخلو القائمة من المرشحات
وجاء في بيان حركة "التغيير الآن": "أن السبب الأساسي لتأخر تعيين الولاة المدنيين ليس هو عملية السلام كما يحاول البعض أن يبرر، بل هي قائمة المحاصصات المعيبة التي رفعها المجلس المركزي لرئيس الوزراء" وقالت "التغيير الآن أن القائمة المقدمة احتوت على اسم مرشحٍ واحد لكل ولاية في محاولة لفرض الأمر الواقع، وأن الولايات تم تقسيمها بين التنظيمات السياسية بشكل معيب، تم فيه تجاهل المرشحين من القواعد الولائية، واعتماد مرشحين غير مستوفيين للشروط الأساسية لحكام ولايات، وأن الفترة الانتقالية تتطلب وجود سندٍ شعبي كبير من السكان المحليين في كل ولاية لحكامهم، وأضافت الحركة، أنه في بعض الولايات تم اختيار المرشح صاحب أقل عددٍ الأصوات في الولاية لمنصب الوالي!. إلى جانب خلو القائمة من أي مرشح امرأة لأي ولاية من ولايات السودان، وهو ما قالت الحركة أنه "يتعارض ليس فقط مع ميثاق الحرية والتغيير، والذي ينص على إزالة كافة أشكال التمييز ضد النساء، بل ومع الدور الطليعي الذي لعبته نساء السودان في مسار الثورة".
اقرأ/ي أيضًا: لجنة التحقيق في انقلاب 89 تستجوب المتهمين من قيادات المؤتمر الشعبي
الاعتراضات حول الطريقة التي عملت بها الحرية والتغيير على اختيار حكام الولايات تمددت لتشمل مجموعات نسوية، هاجمت تجاوز التحالف لنسبة 40% من المناصب المخصصة للنساء في ترشيحاتها لمناصب الولاة المثبتة في الوثيقة الدستورية، الأمر الذي يخالف إعلان الحرية والتغيير. وكشفت ناشطات نسويات عن وقائع اجتماع تم بينهم وبين قيادات بالحرية والتغيير حول هذه المسألة، وقمن بنشر الردود والتعليق عليها عبر وسائط التواصل الاجتماعي عن مبررات الحرية والتغيير حول عدم اختيار امرأة لمنصب الوالي، واعتبرنها واهية واتهمن التحالف بالتغول وإهدار حق المرأة.
مواصلة المجلس المركزي إكمال تسمية مرشحي مناصب الولاة، يعني أن المسألة ستواجه بالرفض من جديد بواسطة كيانات داخل "قحت"
ويذكر أن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير واصل اجتماعاته، واستبعد الطعون والاعتراضات المقدمة من كياناته حول عملية الترشيح وإجراءاتها وتمسك بصحتها، بحسب ما علمت من أحد أعضاء المجلس، وواصل في إكمال تسمية مرشحي مناصب الولاة، وهذا يعني أن المسألة ستواجه بالرفض من جديد بواسطة كيانات داخل الحرية والتغيير نفسها، إلى جانب الولايات المختلفة، بالإضافة لما ينتظرها من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي أعاد القائمة السابقة من قبل، مشيرًا لأهمية استجابتها لشروط التوافق مع ترشيحات الولايات للمناصب، واستيفاء نسبة المرأة المحددة وهي (40%) من جملة مناصب الولاة.
يبدو تحالف الحرية والتغيير في وضع حرج وهو مواجه من قبل الجماهير بعدة مطالب أهمها تقديم إجابات للرأي العام حول الاتهامات المنتشرة حول طريقته في التعامل مع اختيار الولاة، وإعلان قائمة مرشحيه للرأي العام، وتوضيح المعايير التي استندت عليها عملية الاختيار، مع نشر السير الذاتية لمرشحيه لهذه المناصب، لاسيما مع اتفاق معظم المكونات على أن التكتم لم يعد مجديًا في التعامل مع هذا الأمر الحاسم لاستقرار ولايات السودان المختلفة واستقرار الفترة الانتقالية بمجملها.
اقرأ/ي أيضًا