13-يونيو-2021

يعاني قطاع النقل من عدد من الأزمات (Panos Pictures)

لم يكن قطاع النقل بمعزل عن الإجراءات الاقتصادية برفع الدعم نهائيًا عن الوقود في البلاد، ويقول متعاملون في هذا القطاع إنه تلقى الضربة الأولى بارتفاع التكلفة بنسبة (200)% عما كانت عليه قبل تحرير المشتقات النفطية حيث تكافح الحكومة الانتقالية احتجاجات شعبية على هذه الإجراءات بالصمت والانزواء لتمريرها، والحصول على ملياري دولار من البنك الدولي في غضون (15) شهرًا.

ومن (675) جنيهًا للجالون رفعت الحكومة السعر الثلاثاء الماضي إلى (1285) جنيهًا للجازولين، والبنزين إلى (1305) جنيهًا، ولا تزال الأزمة مستمرة في غالبية الولايات فيما تعاني الخرطوم من أزمة طفيفة.

قبل أيام من استئناف الدراسة بالجامعات يخشى طلاب من عدم قدرتهم على الذهاب إلى الكليات بسبب التكلفة

وصعدت تكاليف النقل لتنافس معدلات الطعام والشراب في نسب التضخم، سيما وأن العاصمة والولايات بمنأى عن شبكة مواصلات منظمة وحيوية كما يقول المحللون في اقتصاديات النقل، لأن المواصلات يديرها قطاع تقليدي غير منظم مثل ملاك الحافلات الصغيرة وتجمعات نقابية غير فعالة.

اقرأ/ي أيضًا: 800 مليون دولار حجم استيراد السلع من حصائل الذهب خلال ستة أشهر

ويؤكد أحمد حسين (22) عامًا، وهو طالب جامعي، أنه وصل من منطقة الكلاكلة شرق جنوب العاصمة إلى شرق الخرطوم لكليته الجامعية بقيمة (300) جنيه، وكانت التسعيرة السائدة (150) جنيهًا قبل تحرير الوقود.

وأجبرت الزيادات حسين وهو طالب من عائلة متوسطة الحال إلى زيادة مصروفه اليومي من عائلته من (500) جنيه إلى ألف جنيه يوميًا، بالتالي زيادة العبء المالي على أسرته التي تكافح من أجل تدابير الإنفاق على الوضع المعيشي الذي  تأثر بتحرير الوقود وارتفعت أسعار الخبز التجاري والألبان والخضروات ضعف ما كانت عليه.

أما أجرة التاكسي في شركات النقل والتوك توك المعروفة شعبيا في السودان بـ" الركشة"، تأثرت بتحرير الوقود بشكل كبير، فمثلًا تبدأ تطبيقات سيارات الأجرة قبل تحرير الوقود من (400) جنيه، لكنها زادت اليومين الماضيين لتبدأ الطلبات من (600) جنيه، أي أن مشوار كان يكلف (1200) جنيها يكلف الآن (2200) جنيه.

ويقول عباس خيري وهو سائق سيارة أجرة تعمل عن طريق تطبيقات التاكسي لـ"الترا سودان"، إن تعبئة الوقود في سيارته كانت تكلف ستة آلاف جنيه قبل تحرير الوقود، أما بعد القرار الذي وصفه بالكارثي قال إن التعبئة تكلف (14) ألف جنيه بالتالي من الطبيعي أن ترتفع تكلفة النقل يضيف خيري.

ويرى خيري أن طلبات سيارات الاجرة عن طريق التطبيقات قد ترد إليهم من أشخاص مضطرين لأن المواصلات غير متوفرة على مدار الوقت، لكنه  يتوقع حدوث ركود في أسواق النقل بسبب التكلفة العالية جدًا.

وتُسير هيئة السكك الحديدية قطارات ركاب داخلية بشكل محدود من شمال العاصمة الى محطة جاكسون للحافلات غرب الخرطوم، لكنها ليست كافية لحل مشكلة أربعة ملايين شخص في العاصمة يواجهون صعوبات التنقل بين مدنها الثلاثة.

بينما الحافلات التي استوردت منذ العام 2010 وعددها يفوق ألفي حافلة صينية وأخرى من طراز مرسيدس، هي الأخرى خرجت عن الخدمة ولا يعمل منها سوى أقل من (50) باصًا، وتواجه صعوبات في قطع الغيار والحركة بسبب ضيق الشوارع.

ويعد مصير مئات الآلاف من طلاب الجامعات في الخرطوم والمدن لمتابعة الدراسة في الجامعة يكتنفه صعوبات في ظل رداءة المواصلات وارتفاع اسعارها بشكل جنوني وتأثر عائلاتهم بالإجراءات الاقتصادية.

ويقول مسؤول في شركة سيارات أجرة تعمل عبر التطبيقات على الهواتف النقالة في تصريح لـ"الترا سودان"، إن خططهم بالدخول في قطاع النقل الجماعي محفوفة بالمخاطر بسبب عدم ثبات سعر الصرف.

وأضاف: "كانت خططنا تقتضي الدفع بأسطول باصات للنقل الجماعي تعمل عبر تطبيقات في العاصمة حتى منتصف 2021، لكن سعر الصرف المتحرك إلى أعلى يشكل لنا مخاوف من تآكل الاستثمارات".

ولا تقتصر مشاكل النقل على تحرير الوقود، بل يشكل ارتفاع قطع الغيار أبرز أسباب  خروج آلاف الحافلات عن الخدمة خاصة في ولاية الخرطوم، وبينما كانت التقديرات تشير إلى خروج عشرة آلاف عن الخدمة قبل ثلاثة سنوات، لم تتحدث تقارير حكومية عن دخول استثمارات جديدة في قطاع النقل مع تزايد عدد سكان العاصمة.

وتهيمن أيضًا السيارات الخاصة على حركة النقل داخل ولاية الخرطوم لرداءة المواصلات وعدم انتظامها، ولم تستقبل الولاية التي يقطنها أكثر من عشرة ملايين مواطن، أي استثمارات جديدة في هذا القطاع منذ سنوات طويلة.

اقرأ/ي أيضًا: وزير الصحة لـ"الترا سودان": النظام البائد دمر النظام الصحي بالكامل

ويقول المحلل في اقتصاديات النقل امجد عبد الله، إن عوامل رداءة المواصلات في البلاد متعددة مثل اكتظاظ المدن بالمواطنين الباحثين عن جودة الخدمات والرفاهية التي لا تتوفر في الأطراف، إلى جانب عدم كفاءة المؤسسات الحكومية المسؤولة عن النقل.

محلل: تزعم الحكومة أن الدعم يذهب للأثرياء وفي نفس الوقت لا تدعم المواصلات التي يستخدمها الفقراء والطبقة الوسطى

وأردف عبد الله لـ"الترا سودان": "اذا كانت الحكومة تزعم أن الدعم يذهب للأثرياء لماذا لا تبني شبكة المواصلات بنظام يجعلها تحصل على الوقود المدعوم، وبالتالي تنقل المواطنين وتقلل الطلب على السيارات الخاصة وخفض استهلاك الوقود وتخفيف الضغط على البنية التحتية المتآكلة".

وتابع عبد الله: "في تحرير الوقود الحكومة كمن رمت المواطن في بحر دون أن يلف حوله طوقًا للنجاة، في بلد يعاني من عدم وجود بنية تحتية وعدم توفر شبكة فعالة للمواصلات على مستوى البلاد وليست العاصمة وحدها".

اقرأ/ي أيضًا

تجمع المهنيين: جهات تُرسل عناصر إلى الأحياء لإثارة الانفلاتات الأمنية

السودان يتعاقد مع شركة ألمانية لتطوير ميناء بورتسودان