29-مايو-2022
فشلت الآلية في إقامة لقاء مباشر بين الأطراف

فشلت الآلية في إقامة لقاء مباشر بين الأطراف

جددت قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي، تمسكها بالشروط التي أقرتها سابقًا للدخول في العملية السياسية في ظل ما وصفته بالعنف المفرط الذي استخدمته قوى الأمن ضد المتظاهرين في المواكب الأخيرة. ومن ناحية أخرى، أكدت قوى ميثاق التوافق الوطني استعدادها الدخول في الحوار بلا شروط لحل الأزمة السياسية. يأتي ذلك بعد أن طرحت الآلية الثلاثية مقاربة مفصلة للحوار، وذلك في اجتماعها الأخير مع مجلس السيادة الانتقالي، والذي بدوره أكد التزامه بدعمها.

ناقش اجتماع لمجلس السيادة الانتقالي مع الآلية مقاربتها للحوار الذي تقوم بتسهيله للتوصل إلى توافق

ووفقًا لإعلام مجلس السيادة، فإن الاجتماع ناقش العرض الذي قدمته الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد، بشأن مقاربتها لعملية الحوار الذي تقوم بتسهيله بين الأطراف السودانية للتوصل إلى توافق لإدارة الفترة الانتقالية.

دعوة للإسراع في الحوار

وأوضح عضو مجلس السيادة الفريق بحري إبراهيم جابر، في تصريح صحفي، عقب الاجتماع، إنهم تداولوا ضرورة تعجيل بداية الحوار المباشر والفراغ منه خلال فترة زمنية محددة، فيما أكد ولد لبات جاهزية الآلية للإسراع بالعملية السياسية، وحث الجهات المسؤولة بضرورة اتخاذ الإجراءات المشجعة لعقد الحوار، لا سيما إطلاق سراح ما تبقى من المعتقلين السياسيين، خاصة منسوبي لجان المقاومة الشبابية.

 قوى الحرية والتغيير- مجموعة التوافق الوطني، تقول بأنها جاهزة للدخول في الحوار السياسي اليوم قبل الغد، دون تحديد شروط مسبقة، وأوضح القيادي في التوافق الوطني ورئيس المكتب التنفيذي للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، علي عسكوري، إنهم جاهزون للجلوس والدخول في حوار مباشر اليوم قبل الغد، لحل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.

حوار بلا شروط

وقال عسكوري لـ"الترا سودان" إنهم لا يشترطون أي شيء للدخول في الحوار، وتابع: "نحن ضد الاعتقال السياسي ولكن لا نشترط أي شيء لبداية الحوار. جاهزون لنجلس اليوم لحل مشكلة البلد"، وأوضح أن هناك جهات أخرى تشترط ضرورة إقصاء عدد من المجموعات للدخول في الحوار، وتابع: "هذا شأنها والآلية، ونحن لسنا جزءًا من ذلك، هذه المجموعة تطالب بإقصاء العسكريين أنفسهم، لا يمكن لأي مجموعة أن ترهن البلد لها، البلاد تحتاج لإكمال المؤسسات واختيار رئيس وزراء وتكوين الحكومة الاتحادية والولاة، ويجب إكمال المؤسسات وتنفيذ اتفاقية السلام وتجهيز البلاد للانتخابات".

ويرى عسكوري بأنه لا يمكن أن تكون البلاد مرهونة لمجموعة واحدة، وأكد بأن أياديهم ممدودة للحركة الشعبية والحزب الشيوعي في أن يطرحوا قضاياهم، مؤكدًا أنهم مع الشراكة ومع الوثيقة الدستورية. وتساءل عسكوري: "من الذي أتى بالعساكر ومن الذي أقر الشراكة؟ الحزب الشيوعي كان جزءًا من الشراكة ولا يمكن أن يغير الناس آراءهم بين مرة وأخرى، يجب الالتزام بالوثائق التي شهد عليها العالم كله".

 وجدد عسكوري رفضهم أن تكون البلد مرهونة لمجموعة، وأن الخرطوم لا تمثل كل السودان، وتابع: "إذا خرج سكان الخرطوم جميعًا فهم لا يمثلون السودان، هناك (35) مليون غيرهم. سكان الخرطوم يعتقدون بأنهم سيفرضون إرادتهم على بقية السودان، وهذا الأمر يجب أن يوضع له حد. العقلية التي ترى ذلك لا بد من إيقافها، وهذا موقفنا". وأكد بأن العهد الذي "تتظاهر فيه مجموعة في الخرطوم وتفرض أجندتها على سكان الولايات لن يعود مرة أخرى"، بحسب تعبيره.

 ضرورة تهيئة المناخ 

ومن جهته، أكد المجلس المركزي للحرية والتغيير، بأنه لا يوجد تواصل بينه والآلية الثلاثية في إطار تسريع العملية السياسية، وقالت الناطق الرسمي باسم المجلس، سلمى نور لـ"الترا سودان"، إن الحرية والتغيير متمسكة بشروطها، خاصة بعد العنف الذي مورس في مواكب 19 و 21 و26 من شهر آيار/مايو الجاري، وتابعت: "متمسكون بشروط تهيئة المناخ، عدا ذلك لن تكون الحرية والتغيير جزءًا من العملية السياسية. نحن حددنا الأطراف بوضوح، وهم قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة وقوى الكفاح المسلح التي وقعت والتي لم توقع على اتفاق السلام".

وتقول نور بأن الأطراف الأخرى ليست طرفًا في الأزمة السياسية، وأنها يمكن أن تشارك في عملية الرجوع لمسار التحول الديمقراطي وتشارك في الانتخابات، لكنهم لن يقبلوا بها طرفًا في الفترة الانتقالية.

ويعيش السودان منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 أزمة سياسية طاحنة، بعد استيلاء الجيش على السلطة بقرارات وصفتها قوى الحرية والتغيير بأنها انقلاب عسكريً، بينما ترى مجموعات سياسية أخرى حليفة للجيش بأنها تصحيح لمسار الثورة. ومنذ  الثامن من كانون الثاني/يناير 2021م  أطلقت بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال عملية سياسية من أجل الخروج من الأزمة السياسية، وتشمل العملية السياسية كل من الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والحركات المسلحة والجماعات النسائية ولجان المقاومة التي تتظاهر في شوارع البلاد منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 وحتى اليوم.

العودة للشراكة واختلاف الشركاء

يقول مساعد رئيس حركة/جيش تحرير السودان، والقيادي في قوى التوافق الوطني، نور الدائم طه، بأن رؤيتهم للحوار تستند على عدم الإقصاء والمحافظة على مكتسبات الفترة الانتقالية، وتابع في تصريح لـ"الترا سودان": "رؤيتنا مبنية على الشراكة الحقيقية بين كل الكيانات الفاعلة في الساحة السياسية، وكذلك المكون العسكري، بما فيهم الحزب الاتحادي الديمقراطي والمؤتمر الشعبي والقوى المحلية، يجب أن نجلس ونتكلم مع أي طرف، وإذا كانت هناك مشكلة مع طرف يجب أن نجلس معه لنحلها".

خالد عمر يوسف لـ"الترا سودان": هدف أي عملية سياسية يجب أن يكون إنهاء الانقلاب والتأسيس الدستوري المتين لمسار تحول ديمقراطى مستدام

ويطالب نور الدائم بالشفافية في الحوار وعدم الإقصاء، وأن يقود الحوار إلى عدم هيمنة أي مجموعة على البلد، ويشترط أن يكون الحوار بمشاركة الجميع، عدا  المؤتمر الوطني والذين تورطوا في جرائم، وزاد: "هؤلاء لا يجب أن لا يكونوا جزءًا من الفترة الانتقالية". 

أما وزير رئاسة مجلس الوزراء السابق، والقيادي في المجلس المركزي للحرية والتغيير، المهندس خالد عمر يوسف، فيقول بأن هدف أي عملية سياسية يجب أن يكون إنهاء الانقلاب والتأسيس الدستوري المتين لمسار تحول ديمقراطى مستدام يحقق غايات الشارع ورغباته. 

ويتابع يوسف في تصريح لـ"الترا سودان": "هذا يتطلب ابتداءً الإيفاء بمتطلبات تهيئة المناخ الديمقراطي وعلى رأسها إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ورفع حالة الطوارئ ووقف العنف ضد المدنيين في كل أرجاء البلاد وضد المتظاهرين السلميين، ووقف القرارات الارتدادية التي يعاد بها تمكين النظام البائد وعناصره؛ بدون هذه المطلوبات لا يمكن أن تتوافر عملية سياسية ذات مصداقية وتقود لتحقيق غايات الشارع". 

https://t.me/ultrasudan

وأوضح يوسف بأن السودان يفقد الكثير يوميًا بسبب الانقلاب، مشيرًا إلى أن البلاد خسرت استقرارها وأمنها، وفقدت تكاملها واندماجها الدولي وفقدت مليارات الدولارات كانت تتدفق على خزينتها من المؤسسات المالية الدولية والدول الصديقة، ويضيف: "الآن هي مهددة بفقد اعفاء الديون الذي يفوق الــ(40) مليار دولار بسبب الانقلاب، لذا فإنّ في البلاد كارثة يجب حلها، وحلها هو إنهاء الانقلاب والتأسيس المتين لمسار مدني ديمقراطي مستدام يتوافق مع مطالب الشارع وغاياته".

 توافق بين العسكر و الآلية الثلاثية

يرى أستاذ العلوم السياسية، الدكتور عبدالرحمن أبو خريس بأن المكون العسكري والآلية الثلاثية على توافق تام حول العملية السياسية. وأضاف في تصريح لـ"الترا سودان"، بأن مجلس السيادة جدد دعمه لعمل الآلية وابدى استعداده للتعاون معها.

وتابع أبو خريس: "لا توجد رؤية جديدة، الآلية تكرر كلامها القديم وهي لا تملك مبادرة ولا حل، بل تعمل على جمع مقترحات الأطراف لتقريب وجهات النظر لتحقيق التوافق السياسي".

ويقول إن العسكر مرفوضون من قبل بعض الأطراف، وهناك أطراف ضد عمل الآلية بحجة أنه تدخل خارجي، لكنه يضيف بأن الآلية والسلطات على اتفاق في الأهداف.

وأوضح أبو خريس بأن اجتماع الآلية بمجلس السيادة مؤخرًا وحّد الرؤيتين، وتوقع أن يحتوي التقرير المقبل لمبعوث الأمم المتحدة فولكر بيرتس، على تصنيف المجموعات التي ترفض الحوار، باعتبارهم أعداء للحوار. ويمكن أن تفرض عليهم عقوبات من قبل المجتمع الدولي، باعتبارهم يرفضون الحوار ويقفون ضد التحول الديمقراطي، الأمر الذي يقود إلى حالة من عدم الاستقرار واللا دولة.

أستاذ العلوم السياسية عبدالرحمن أبو خريس: المكون العسكري في حالة صعبة

ويرى أستاذ العلوم السياسية، بأن السلطات في ضيق لذلك تستعجل العملية السياسية، وكذلك المجتمع الدولي في حرج، حيث لم يقدم شيئًا للسودان، ولذلك يعملون بحرص على إنجاح الحوار.

ويؤكد بأن المكون العسكري أيضًا في حالة وصفها بـ"الصعبة"، ولم يستطع تشكيل حكومة منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ولذلك يريدون العمل مع الآلية لخلق موقف مدعوم من الأمم المتحدة. وحتى تنجح هذه الرؤية، يقول أبو خريس بأنه ينبغي أن تكون الأحزاب المشاركة في الحوار قوية ولديها سند شعبي، لكي تفضي العملية السياسية إلى انفتاح يستأنف بموجبه الدعم الدولي.