22-فبراير-2020

ختان الإناث يشكل خطورة على صحة الفتيات (NPR)

يحتفل العالم في  السادس من شباط/فبراير باليوم العالمي للقضاء على بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للبنات، المعروف عمومًا باسم "الختان". في السودان عانت معظم النساء من تبعات هذه العادة المؤذية نفسيًا وجسديًا، تروي السيدة محاسن لـ(الترا سودان) أنها تعرضت لهذه العملية القاسية عندما كانت طفلة لم تتجاوز العشر سنوات من عمرها، و ظلت تعاني خلال مراحل حياتها المختلفة من ختان الإناث، عانت في البدء من الآثار المباشرة بعد العملية، ثم لاحقًا في الزواج وعند الولادة. تقول محاسن إن التجربة علمتها كيفية الانتصار على العادات والتقاليد عن طريق تجنيب بناتها لمخاطر الخضوع لهذه العملية، وأشارت إلى أنها لن ترضى بتمسك المجتمع بالعادات الضارة، وستعمل على محاربتها من خلال توعية النساء والشابات في محيطها الصغير.

بمعدل (86.6%) تنتشر عادة بتر وتشويه الأعضاء التناسلية في كل أنحاء السودان، وبالنوع الأكثر أذى (الختان الفرعوني)

مجتمع واع، شباب فاعل يقود إنهاء ختان الإناث

شرحت الناشطة النسوية إيلاف نصر عدة طرق للتوعية بمخاطر بتر وتشويه الأعضاء التناسلية، منها الحديث المباشر مع النساء عن أضرار استمرار العادة وتوارثها من جيل لجيل. وقالت إن التوعية بهذه العادة الضارة لايزال يفتقر إلى الانتشار، وشددت إيلاف على ضرورة إرسال المزيد من الحملات والقوافل الصحية إلى القرى البعيدة وضواحي الخرطوم ليقوم الأطباء بمهمة التوعية وإدارة حوار مجتمعي مع الأهالي والرجال لأن الفئة الأخيرة شريكة في الحد من الظاهرة.

اقرأ/ي أيضًا: ذوو الإعاقة بالسودان.. طَرْقٌ مستمر على القضايا وآمال في استجابة الحكومة

وأضافت إيلاف في تصريحها لـ(الترا سودان) علينا مواصلة الحديث مع الأمهات وتوعيتهن بأن ختان الطفلات لن يجلب لهن أية فوائد. وأضافت: "يتوجب علينا كنشطاء في الحقل العام الدفع باتجاه سن قوانين رادعة لمحاربة ظاهرة الختان، الناس تخاف العقوبات والقانون الفاعل وسيلة جيدة لردع ممارسي العادة".

من ملصقات حملة سليمة

في ذات السياق، قالت نجاة الأسد مسؤولة الإعلام بالمجلس القومي لرعاية الطفولة إن اليوم العالمي لبتر وتشويه الأعضاء التناسلية يأتي لبث رسائل التوعية في أوساط الشباب وكل أفراد المجتمع بضرورة إنهاء هذه الممارسة، والحث على تغيير المفاهيم لعدد من العادات الضارة التي تؤثر على صحة البنات الصغيرات في المستقبل.

أكدت نجاة إن هذه الجهود تأتي في اطار خلق مجتمع معافى ومتوازن نفسيًا، قالت: "يحتفل المركز القومي لرعاية الطفولة مع شركاه بهذا اليوم الهام لنذكر أنفسنا بأهمية مراجعة ما تم في السنوات الماضية في هذا الملف، والإسراع للتقليل من نسب الممارسة لتنتهي بحلول العام 2030 وهي المدة الزمنية للاستراتيجية القومية لإنهاء ختان الإناث".

بحسب نجاة فأن الجديد في هذا الاحتفال هو الشعار الذي ينص على دور الشباب في هذا المجال وضرورة قيادته لهذا العمل، لأنهم اثبتوا جدارتهم في إحداث التغيير الذي حدث في السودان، وختمت حديثها بالقول: "الآن ننتظر من الشباب الكثير في تغيير المفاهيم والعادات الضارة في المجتمع".

اقرأ/ي أيضًا: البعيدون عن القلب والعين.. قضايا الإعاقة في عهد السلطة المدنية

قصص النجاح

كانت الكاتبة والناشطة في مركز الألق الإعلامي تهاني سعدان واحدة من الذين اقترحوا شعار اليوم العالمي للحد من ختان الإناث الذي جاء ليؤكد على دور الشباب، تشرح تهاني هذا الشعار قائلة: "تمكن الشباب من إنهاء دكتاتورية استمرت 30 عامًا، هم قادة التغيير لذلك نؤكد على أهمية إشراكهم في التغيير المجتمعي ليكونوا نواة ورسل في مجتمعاتهم ويتحدثوا عن حملة الفتاة السليمة في منابرهم المختلفة".

منذ العام 1924 ظل الجدل مستمرًا حول ختان الإناث، دون الوصول إلى نهاية تقضي على هذه العادة، تؤكد تهاني إن المسيرة لاتزال طويلة وتتحدث عن ضرورة سرد قصص النجاح والتجارب الشخصية في التخلي عن هذه العملية. وأشارت تهاني إلى إن الفاعلين في مجال ختان الإناث كانوا في الماضي يسردون القصص التي تروي مرارات العادة وأوجاع الولادة وموت الأمهات، والمطلوب حاليًا سرد قصة نجاح الفتاة غير المختونة.

شددت تهاني في حديثها مع (الترا سودان) على أهمية كلمة "سليمة" (شعار حملة التخلي عن ختان الإناث) والتعريف بألوان الحملة وأغانيها في المجتمعات المحلية، قالت: "لحملة "سليمة" أربع رسائل وهي أنا لا أخاف التغيير، ما نعرفه أكثر الآن مما نعرفه في الماضي، لأن المجتمع يتغير للأفضل، أنا قوية في قراري".

ومن موقعها ككاتبة حثت تهاني على تفعيل دور الإعلام في المجتمع للتوعية بمخاطر ختان الإناث، وضرورة الاحتفاء بالمجتمعات التي تخلت عن هذه العادة مثل حي "السكة حديد" ولذلك ترى أن الإعلام ينبغي أن يسير جنبًا إلى جنب مع جهود الفاعلين في هذا المجال.

أرقام

بمعدل (86.6%) تنتشر عادة بتر وتشويه الأعضاء التناسلية في كل أنحاء السودان، وبالنوع الأكثر أذى (الختان الفرعوني) هناك تباين في المعدلات والأنواع والعادات باختلاف الانتماء الإقليمي والعرقي، غالبًا ما يتم بتر البنات في الفئة العمرية بين خمس وتسع سنوات.

احتفى السودان هذا العام بدور الشباب في التغيير وأكد على ضرورة قيادته لحملة التخلي عن ختان الإناث في مجتمعاتهم

مسؤولية نقل رسائل التوعية

أكد الناشط في مجال حقوق المرأة مصعب حسونة إن التغيير الذي حدث مؤخرًا في البلاد لم يكن سياسيًا فقط وإنما مفاهيمي واجتماعي، وأن على النشطاء الحقوقيين دعم هذا الخط وارسال الرسائل الإيجابية للأجيال القادمة، التي تضمن ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، خاصة الأطفال، في العيش الكريم والحماية من كل المهددات، وحق البنات بشكل أخص حياة كريمة دون أن تؤثر عليهن العادات الضارة مثل ختان الإناث.

قال حسونة: "يعيق ختان الإناث حركة الفتاة في حياتها الخاصة وداخل الفضاء المجتمعي العام. لنعمل من أجل أن يكون عام 2020 فرصة لتغيير حقيقي في قضية الختان والتخلي عنه وليس مجرد شعارات واحتفالات تمر مرور الكرام".

أكد حسونة إن قضية التخلي عن هذه العادة القديمة يجب أن يكون نابعًا من ادراك خطورته على صحة البنت وعن قناعة ومن أجل الحماية. قال: "كشباب طموح أرى أن أبناء جيلي ومن بعدنا نملك الوعي الكافي لحماية الطفلات من ظاهرة ختان الإناث، هي مسؤولية مشتركة ما بين الإعلام ولجان المقاومة في الأحياء، مسؤولية تقع على عاتق المجتمعات الصغيرة والبعيدة عن المركز في القرى والحارات، وأبناء هذه المناطق مطالبين أن ينقلوا رسالة البنت السليمة للأخرين بغرض حفظ حقوقها وخاصة حقها بعدم المساس بجسدها".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"ساريا".. حكاية طفلة فضحت ظاهرة التحرش في السودان!

نساء جبال النوبة.. عزلة تمتد من مناطق الحرب حتى حواضر المدن!