26-يونيو-2024

خزان سنار

شهدت مدينة سنار عاصمة الولاية الواقعة جنوبي البلاد، اليوم الأربعاء،  هدوءًا عقب ساعات عصيبة عاشها المواطنون ليلة أمس، جراء هجوم محدود للدعم السريع على تخوم المدينة الواقعة تحت مرمى نيران هذه القوات.

انتقال الحرب إلى سنار يعني تهديد حياة مليوني مواطن 

وقال مواطنون من مدينة سنار لـ"الترا سودان"، إن الأمور سارت كالمعتاد صباح اليوم الأربعاء، وتوجه الناس إلى أعمالهم والمكاتب الحكومية استمرت في نشاطها اليومي دون توتر ملحوظ كما حدث بالأمس.

وقال شاهد عيان من مدينة سنار إن المتاجر والمحال استمرت في نشاطها كالمعتاد اليوم الأربعاء دون أي توقف بسبب المخاوف من وصول الدعم السريع عقب إحكام الجيش السيطرة على المداخل الحدودية للمدينة. وتهدد الحرب حياة أكثر من مليوني شخص في منطقة سنار، لا سيما بعد سيطرة الدعم السريع أواخر العام الماضي على ولاية الجزيرة، وفر المدنيون إلى سنار هرباً من انتهاكات قوات دقلو.

وكانت أسواق مدينة سنار شهدت طوابيرًا من السيارات للحصول على الوقود بغرض المغادرة، وارتفاع موجة النزوح التي انحسرت اليوم وفق شهود عيان تحدثوا لـ"الترا سودان". وقال الجيلي من مدينة سنار لـ"الترا سودان" إن الوضع هادئ ولا يشبه الساعات العصيبة التي عاشها المواطنون ليلة أمس، لكن هناك رغبة لدى بعض المواطنين بالمغادرة إلى مدن مجاورة مثل سنجة.

وأضاف: "نشاهد مظاهر عسكرية وانتشار كثيف في مدخل المدينة، والجيش قادر على وقف تقدم الدعم السريع، والطيران الحربي شن غارات جوية الساعات الماضية". وكانت الدعم السريع هاجمت أطراف مدينة سنار بعدد من العربات القتالية، بينما تصدت لها القوات المسلحة التي تعمل بتشكيلات عسكرية مختلفة على تأمين المدخل الرئيسي للمدينة.

وعززت المخاوف بشأن سيطرة الدعم السريع على مدينة سنار سقوط منطقة جبل موية الواقعة غربي ولاية سنار مساء الاثنين الماضي، عقب معارك عسكرية عنيفة بين الجيش وهذه القوات. وتقول نيفين وهي خريجة جامعية من مدينة سنار لـ"الترا سودان"، إن الوضع اليوم يختلف عن ليلة الثلاثاء التي لن ينساها السكان، حينما خرجنا إلى الشارع مسرعين لنعرف وجهة الأصوات العالية للقذائف التي كنا نسمعها.

وأضافت: "في لحظة ما انتابني إحساس أن المدينة سقطت على يد الدعم السريع وقررنا جمع مقتنياتنا للمغادرة إلى مناطق مجاورة، بعد ذلك علت مكبرات الأصوات من المساجد في الحي أن الجيش انتصر وتمكن من استعادة الوضع كما كان، في تلك اللحظة شعرت بنعمة الأمن".

وشهدت منطقة جبل موية حركة نزوح للآلاف من المدنيين صوب مدن المناقل وربك وسنار والدندر، وهي بلدة تضم عشرات القرى يقطنها أكثر من (120) ألف مواطن. ويقول الباحث في مجال السلام والديمقراطية مجاهد أحمد، إن فرص السلام في السودان باتت في انخفاض مستمر، مشيرًا إلى أن السودانيين وصلوا مرحلة متابعة المعارك العسكرية لحظة بلحظة، وهم يتمنون عدم سقوط مدينة على يد الدعم السريع تجنبًا للانتهاكات التي ترتكبها هذه القوات.

ويرى مجاهد أحمد في حديث لـ"الترا سودان"، أن تمدد الحرب إلى ولايات جديدة يلحق الضرر والانتهاكات بملايين السودانيين الذين سدت أبواب دول الجوار في وجوههم مؤخرًا، وشدد على ضرورة منع انتقال الحرب إلى مناطق جديدة، وقال إن المجتمع الدولي يتفرج على مأساة السودانيين. وبسيطرتها على منطقة جبل موية غربي ولاية سنار، تضع الدعم السريع أقدامها على حدود مشتركة بين ثلاث ولايات هي سنار والنيل الأبيض والجزيرة، وهي خطة سعت إليها هذه القوات للتمدد إلى مدن جديدة والاستحواذ عليها.

وقال مجاهد أحمد إن سيطرة الدعم السريع على منطقة جبل موية يعني السيطرة على طريق آمن، كان يربط بين وسط البلاد وشرق السودان، بالتالي التحكم في هذا الممر البري إلى جانب تهديد الاستقرار في سنار بالقصف المدفعي، بالتالي دفع المدنيين إلى النزوح للمناطق المجاورة وخلق أزمات متعددة تقع على عاتق الحكومة في بورتسودان.

وتابع: "الدعم السريع مساء الثلاثاء كانت تستهدف زعزعة الاستقرار في سنار، بالتالي خفض خطة الجيش من التفكير في استعادة منطقة جبل موية إلى الاكتفاء بحماية مدينة سنار، وإلى حد ما نجحت قوات الجنرال دقلو في تحقيق ذلك".

لا يزال الوضع في سنار مستقرًا، لكن هذا لا يعني تلاشي الخطر الذي طرق على أبواب المدينة الواقعة جنوبي البلاد مساء الثلاثاء، بينما يكثف الجيش من تعزيزاته العسكرية على مداخل الولاية عقب سقوط منطقة جبل موية، التي تضع المناطق المأهولة بالمدنيين على مرمى النيران والقذائف الصاروخية.