19-يونيو-2020

غانية من بنغلاديش تتناول عقارًا (Getty)

أظهرت دراسة بريطانية حديثة، أن الديكساميثازون المعروف عند السيدات السودانيات بـ"أب نجمة" قد يكون مفيدًا لبعض الحالات التي تواجه خطر الموت نتيجة للإصابة بمرض فيروس كورونا الجديد.

إنها تسبب العجز الجنسي والإدمان بالإضافة للموت، كأثرٍ جانبيٍ آخرٍ في قائمة آثارها الجانبية التي تخبرنا أن التلاعب بضبط المصنع يخرق الضمانة

والديكساميثازون هو دواء من فئة الستيرويدات القشرية، وقد سميت بذلك لأنها تنتج في قشرة الغدة الكظرية، الغدة الصماء الواقعة فوق الكلى البشرية، والمسؤولة عن عددٍ من الإفرازات الهرمونية، أهمها الهرمونات الستيرويدية، التي ينتمي لها دواء الغانيات في بنغلاديش، السكاكر التي تباع خلسة لزيادة الوزن في السودان.

اقرأ/ي أيضًا: كورونا على طاولة الأدب

قالت الدراسة البريطانية -والتي ما تزال دراسة يتيمة وقاصرة لا يعتد بها بما يكفي- إن الديكساميثازون كان ذو أثرٍ جيدٍ على ثلث المصابين الموصولين بأجهزة التنفس، لكنه لم يظهر أي تحسنٍ في الأشخاص المصابين الذين لم يصلوا مراحل خطيرة من المرض وربما يكون خطرًا عليهم. الدواء أنقذ ثلث المودعين وأعادهم من صالة مغادرة الحياة، بقصصٍ عجيبة، عن كيف يغرق المرء وهو لا يزال في قلب اليابسة.

وتستخدم الستيرويدات ضمن استخداماتها الكثيرة لتخفيف رد الفعل المناعي للجسم والذي يسمى بالاسم اللماح "التهاب"، وذلك لأن ما يقتل بعض مصابي كورونا -والعديد من الأمراض الأخرى- إنما هو رد الفعل المناعي الكاسح الذي يحرق كل شيء في طريقه حتى خلايا الجسم نفسها، بالعاصفة النارية التي يعرفها الأطباء بالاسم اللاتيني المركب؛ عاصفة السايتوكاين.

والديكساميثازون ليس دواءً سهلًا أو عاديًا، وقد تشفق على من يضطرون لاستخدامه فترات طويلة، خصوصًا لأسباب غير طبية وبدون متابعة مع المختصين.

تؤثر هذه الأدوية على أي خلية في الجسم، وتتسبب في اختلالاتٍ هرمونية قد تكون قاتلة للبعض، ولها آثارٌ نفسية قد تستمر مع المستخدمين لفتراتٍ طويلة. إن قائمة أضرارها طويلةٌ جدًا، لكن مثل كل الأشياء من هذا القبيل، فالستيرويدات تؤثر على كل شخص بشكلٍ مختلفٍ، وتساعد من يحتاجونها فعلًا ويستخدمونها تحت إشراف الطبيب.

ديكساميثازون
ديكساميثازون "أب نجمة"

وللديكساميثازون قصة عجيبة في السودان، فقد قالت إحدى السيدات في تحقيقٍ أجرته (بي بي سي) قبل سنين، إن النساء في القرية يتناولنه كالحلويات، وأصاب العديد منهن بالمضاعفات الخطيرة. هذا ليس ذنبهن في آخر المطاف، بل هو "جرح طفيف في ذراع الحاضر العبثي" لأن تكون امرأة في السودان.

إنه السر المفضوح، الستيرويدات وأدوية الشهية لها أسماء شعبية في بلادنا -وإن هذا لأمر ذو دلالة- فهي "الجيران اتهجموا" في إشارة لقدرتها السريعة على زيادة الوزن، وهي "جاري الشحن" في إشارة مزدوجة ومتقاطعة لفداحة امتهان العولمة لنا ولبلادنا، وأشهرها طبعًا "أب نجمة" لأن لا البائع ولا المشتري يعرف عن هذا الدواء شيئًا سوى رسمه، بالنجمة الحمراء على العلبة.

والديكساميثازون ممنوع على الرياضيين، فالستيرويدات تعد أدوية منشطة، وبعض المراهقين يستخدمونه للحصول بسرعة على البنية العضلية التي يحلمون بها، غير مدركين أو غير آبهين أنها أيضًا تسبب العجز الجنسي والإدمان بالإضافة للموت، كأثرٍ جانبيٍ آخر في قائمة آثار الستيرويدات التي تخبرنا أن التلاعب بضبط المصنع يخرق الضمانة.

أما بالنسبة للغانيات في بنغلاديش فالقصة حزينة، فالدواء يستخدم، ليظهر الطفلات اللاتي يرزحن تحت نير العبودية الجنسية في مواخير بنغلاديش القانونية؛ أكبر من سنهن بما يكفي ليغض الرقيب المرتزق طرفه عن الفظاعة.

اقرأ/ي أيضًا: تخليص الإبريز في تلخيص باريز.. والكورونا والأفندية

كنت سأقول هذا الدواء كاره للنساء، لكن المسدسات لا تقتل الناس، وإنما الناس هم الذين يقتلون الناس، على قول أبناء العم سام.

يقول الشاعر السوداني عاطف خيري: "كيف تمضي الظهيرة، دون أن يجلس رجلٌ ما في مكانٍ ما يتفقد سمكةً في نهر غربته"

وعلى كل حال، إنها جائحة كورونا ثقفتنا في كل شيء، من مواخير بنغلاديش لأرياف السودان، ومن مستشفيات صاحبة الجلالة لأعلى بقليل من الكلى البشرية، في كل شيءٍ سوى أن "كيف تمضي الظهيرة، دون أن يجلسَ رجلٌ ما في مكانٍ ما يتفقدُ سمكةً في نهر غربته" مع كل هذا الإغلاق؟

اقرأ/ي أيضًا

الخيال "كناية" عن المسؤولية في رواية "كافكا على الشاطئ"

"فيكتور كيري واني".. ذاكرة الصحافة الوطنية في جنوب السودان وموسوعتها الحية