التقى "الترا سودان" القيادية في حركة العدل والمساواة وعضوة سكرتارية قوى الحرية والتغيير (ميثاق التوافق الوطني) وأمينة أمانة المرأة والطفل بالحركة آمنة صالح؛ فكان هذا الحوار حول قضايا الانتقال وتحديات تنفيذ اتفاق جوبا للسلام وتبعات إلغائه.
أمينة المرأة في العدل والمساواة: إلغاء اتفاق جوبا للسلام "غير وارد"، ومن يقول بإلغاء الاتفاق لم يقرأ الاتفاق أو لديه مصلحة في استمرار الحرب
حول مقاومة النساء في معسكرات اللجوء والنزوح في الحياة اليومية ودورهن في تحقيق السلام، قالت القيادية بحركة العدل والمساواة آمنة صالح إن النساء لا يخترن اللجوء والنزوح وإنما يكون "فعلًا إجباريًا" بفعل الحروب التي تفرض عليهن أو بسبب التغيرات المناخية، موضحةً أن العيش في مخيمات النزوح واللجوء "ليس بالأمر السهل"، إنما فيه كثير من المعاناة والمشقة والعنف الذي يصل أحيانًا إلى الموت -على حد قولها- من لحظة خروج المرأة من القرية أو المدينة أو الفريق وتنقلها من مكان إلى آخر من دون أن تعرف إلى أين سينتهي بها المطاف، مشيرةً إلى إمكانية أن تفقد أفراد أسرتها أو أبناءها واحتمالية أن تكون حاملًا ومعها أطفال أو طفلة صغيرة فتتعرض للاغتصاب أو الأسْر أو الافتراس من الحيوانات وغيرها.
وأضافت آمنة صالح: "نعم هناك ضوء في آخر النفق وهناك أمل". وأوضحت أن المعسكرات ليست أقل خطرًا من الطريق، مشيرةً إلى المساحة المحدودة والعدد الكبير من اللاجئين واللاجئات وعدم توفر الحماية سواء من الأسرة أو إدارة المعسكر. وزادت: "ربما تكون المرأة وحيدة في المعسكر ليس معها أي فرد تعرفه، ووجدت نفسها في المكان". وتابعت: "في الغالب المعسكرات ليست مكانًا آمنًا لأن الخدمات مشتركة ولا يوجد تخصيص للنساء والأطفال وهنا مكمن الخطر الذي يمكن أن تقع فيه حوادث التحرش والعنف والاغتصاب". وأردفت أن المرأة لا تستطيع -لانعدام الأمان- الإبلاغ عما تتعرض له من تحرش وعنف، إلى جانب عدم توفر الخدمات، ما يدفع النساء إلى "بيع أجسادهن للحصول على الغذاء لأطفالهن وتلبية الاحتياجات من طعام وغيره" - على حد قولها.
وزادت آمنة: "المرأة بطبيعتها تحب الحياة ولها قابلية للتأقلم مع الأوضاع الصعبة، وبمرور الزمن تكتسب خبرة في كيفية مقاومة الظروف إما بالتدريب داخل المعسكر وعن طريق العون القانوني وتأسيس الجمعيات والمنظمات التي تساعد النساء والأطفال من ضحايا العنف والاغتصاب في المعسكر". وأكدت أن مشاركة النساء في لجان الحماية في المعسكرات إحدى أهم الوسائل التي تعمل على حماية النساء ومساعدتهن في معرفة الخطوات التي يجب أن يتبعنها للحصول على الحماية الدولية. وأردفت: "وجود النساء في المنظمات والمؤسسات الدولية المتخصصة في العمل الإنساني من الضرورة بمكان".
وأوضحت القيادية في العدل والمساواة أن السلام هو "المفتاح السحري" لوقف معاناة النساء لأنهن الأكثر تضررًا، مشيرةً إلى أن إشراكهن في طاولة المفاوضات ومحادثات السلام مهم حسب التجربة التي أكدت استقرار اتفاقيات السلام التي تشارك فيها المرأة ضمن العملية على حد قولها، لافتةً إلى ما جاء في القرار (1325) الخاص بالمرأة والأمن والسلام، قائلةً إنه من أقوى القرارات التي صدرت من الأمم المتحدة فيما يتعلق بحماية المرأة في مناطق النزاعات، وموضحةً أنه قرار ذو صلة بجميع عمليات السلام والاتفاقيات عبر دعم السلام والتخطيط وعودة النازحين واللاجئين المتأثرين بالحرب وما بعد النزاعات المسلحة من عمليات إعمار واستعادة النسيج الاجتماعي للمجتمعات المتأثرة بالحرب، ما يؤكد ويدعم المساواة بين الجنسين ويعزز المشاركة الشاملة للنساء في عملية السلام من أربعة محاور هي الوقاية، والحماية، والمشاركة، والإنعاش وإعادة الإعمار.
وبسؤالها عن الصعوبات التي تواجه حركات الكفاح المسلح في التحول إلى قوى مدنية؛ قالت أمينة المرأة والطفل بالعدل والمساواة إن هناك عدد كبير من الصعوبات التي تواجه الحركات المسلحة للانتقال إلى أجسام سياسية، أولها أن هذه الحركات دخلت بموجب اتفاق سلام له استحقاقات مرتبطة بالحركات وتحولها، مثل التخلص من الجيوش وهو أمر مرتبط ببروتوكول الترتيبات الأمنية المتعلق بعمليات إعادة الدمج والتسريح للحركات، مشيرةً إلى أن هذه الخطوة "تمضي ببطء". وأضافت: "لا يمكن التحول إلى جسم سياسي من دون التخلص من الأجسام العسكرية". وبيّنت: "هذه المسألة إلى الآن بعد توقيع اتفاق السلام لم تحدث، لأن الترتيبات الأمنية بطيئة وتواجه عدة معوقات، منها عدم وجود تمويل لعمليات الدمج والتسريح". وزادت: "صعوبات الانتقال الموجودة حاليًا هي واحدة من العراقيل"، مشيرةً إلى أنه من المفترض أن تتكون أجسام اتحادية وعلى مستوى الولايات والأقاليم باعتبارها استحقاقات وتقوم بتنفيذ الاتفاقية، ولم تتم هذه المسألة ولا تزال المعوقات موجودة أمام الحركات للتحول إلى أجسام مدنية – بحسب إفادتها.
وحول المطالبات بإلغاء اتفاق جوبا للسلام من أجسام وكيانات سياسية مع وجود جهات رافضة لبعض أجزاء الاتفاقية مثل مسار الشرق؛ قالت آمنة صالح إن مسألة الإلغاء "غير واردة" لأن الاتفاق به أطراف موقعة، ولإلغائه لا بد من موافقة جميع الأطراف، وبه شهود وشركاء دوليين. وتساءلت: "في حالة إلغائه ما البديل؟ وأين ستذهب القوات؟ وماذا بشأن عودة النازحين واللاجئين؟" وأضافت أن من يقول بإلغاء الاتفاق ربما هو شخص لم يقرأ الاتفاق أو لديه مصلحة في استمرار الحرب، أو أن السلام ليس من مبادئه الأساسية المؤمن بها. وأشارت إلى أن الاتفاق خفض مستوى التوتر وأوقف الحرب في كثير من المناطق وهي "محمدة" – على حد تعبيرها.
وعن الآثار التي يمكن أن تترتب على إلغاء اتفاق جوبا للسلام؛ أشارت القيادية بحركة العدل والمساواة إلى عدم ضمان عودة النازحين واللاجئين لقراهم وهو "استحقاق إنساني". وتساءلت: "كيف ستتم الترتيبات للجيوش؟ وقالت إنها متيقنة من أنه لا عودة إلى الحرب، مضيفةً: "أي شيء يتم في الخرطوم بالورقة والقلم وجرد حساب".
وعن مصير حركة العدل والمساواة في حال إلغاء اتفاق جوبا للسلام؛ أوضحت آمنة صالح أن حركة العدل والمساواة "باقية في السودان ولن تذهب إلى مكان آخر"، وقالت إن الحركة لن تشجع على العودة إلى القتال وستعمل مع الجميع للجلوس حول طاولة واحدة من أجل بناء السودان.
وبخصوص اتهام حركة العدل والمساواة بأنها ضد قيام الدولة المدنية؛ قالت آمنة صالح إنه بالرجوع إلى "منفستو الحركة" سنجد أنها تدعم قيام الدولة المدنية وتتحدث عن تحقيق العدالة والمساواة لنا ولغيرنا. وأضافت: "هذا كلام مردود عليه في منفستو الحركة"، مؤكدةً أهمية أن يُحكم السودان بصندوق الانتخابات.
وحول موقف الحركة من تسليم المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية؛ قالت القيادية بحركة العدل والمساواة إن أي شخص انتهك حقوق الإنسان وارتكب جرائم يجب أن يقدم إلى محاكمة، وإن كان بريئًا فيبرأ عن طريق المحكمة.
آمنة صالح: أي شخص انتهك حقوق الإنسان وارتكب جرائم يجب أن يقدم إلى محاكمة
وفيما يخص رؤيتهم لملامح الدستور القادم؛ قالت آمنة صالح إنها تتضمن: "الإيمان بالدولة المدنية، والحرية لنا ولغيرنا، واحترام حقوق الإنسان، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطن، والفيدرالية، وتطبيق العدالة".
وأكدت آمنة صالح ضرورة "إسكات البندقية" لإكمال السلام في كل أجزاء السودان، لافتةً إلى أهمية وجود "القائد عبدالواحد محمد نور والرفيق عبدالعزيز الحلو" لإتمام العملية السلمية في السودان.