11-يوليو-2022
ضيو مطوك

وزير الاستثمار في دولة جنوب السودان وعضو الوساطة الجنوبية في اتفاق جوبا لسلام السودان د. ضيو مطوك

الدكتور ضيو مطوك هو وزير الاستثمار في دولة جنوب السودان، وعضو الوساطة الجنوبية في اتفاق جوبا لسلام السودان، حيث ساهم ضمن فريق الوساطة الجنوبية في الوصول لاتفاق سلام السودان التاريخي الذي تم توقيعه بالعاصمة جوبا في العام 2020.

في حديثه لـ"الترا سودان"، ناقش مطوك دعاوى الوحدة مع السودان، حيث قطع بعدم عودة جنوب السودان للوحدة، وقال إن البلدين ليسا في حاجة للوحدة ولا للاتحاد الكونفدرالي أو الفيدرالية، بل للتجانس والعمل مع بعضهم البعض، مشددًا على أنهم إذا عملوا معًا في دولتي السودان وجنوب السودان، سيكون الانفصال أمرًا رمزيًا في ظل التنسيق المستمر بين البلدين، وتبادل المنافع حتى في المنابر الدولية والإقليمية، مشيرًا إلى أنهم بدلًا عن أن يكون لديهم صوت واحد؛ في حال التنسيق سيكون لديهم صوتان، وبدلًا عن ذراع واحدة، سيكون هناك أذرع لمحاصرة المشاكل التي يمكن أن تحدث للبلدين.

العودة للوحدة وأوهام السياسيين

يقول مطوك في حديثه لـ"الترا سودان"، بأن هناك فهمًا بالنسبة للساسة السودانيين بأن جنوب السودان يمكن أن يرجع ويكون دولة واحدة مع السودان، ووصف مطوك هذا بالـ"وهم" الذي عليهم أن ينسوه تمامًا. ويضيف: "هذا وهم ويجب عليهم أن ينسوه تمامًا، لأن هذا سيبعدهم عن الانسجام، وأعتقد أننا يجب أن نعمل لتوحيد الخيارات، والإرادة السياسية والاقتصادية، والباقي سيكون سهلًا".

مطوك لـ"الترا سودان": انفصال جنوب السودان شكّل ضربة قوية للنظام الحاكم في الخرطوم آنذاك

ويقول مطوك بأن منطقة القرن الأفريقي أصبحت منطقة نزاعات، وأن الدول فيها تعيش توترات ونزاعات، وتابع: "يجب أن نكون أسرة واحدة ونعالج قضايانا بالطرق السلمية، ونصل لتوافق في هذه القضايا لننهض ونلحق بالآخرين. شرق أفريقيا من أسوأ التجمعات الدولية في أفريقيا وفي العالم؛ هناك اقتتال في كثير من الدول، وأنا أعتقد أن هذا أمر غير جيد، ويجب أن نمضي لمعالجته".

ما بعد انفصال الجنوب

يقول مطوك بأن انفصال جنوب السودان في العام 2011؛ شكّل ضربة قوية للنظام الحاكم في الخرطوم آنذاك. وأضاف: "ربما كانت لديهم حسابات مغايرة، لكنهم صدموا وقاموا بإجراءات لا نرى أن هناك سببًا لها؛ لأن الجنوب انفصل بموجب اتفاق سلام شهد عليه المجتمع الدولي. والذي جرى بعد الانفصال مباشرة، لم يكن  له داعٍ، وحتى الآن آثاره موجودة، من إغلاق مفاجئ للحدود، ومعاملة الجنوبيين في السودان معاملة غير حميدة من قبل النظام السابق، وهذه ربما أضرت بالعلاقات بين البلدين والشعبين".

يضيف مطوك بأن الثورة السودانية جاءت بمنهج جديد، وفتحت آفاقًا جديدة للعلاقات بين البلدين، بموجب توجه القيادتين للمضي بالعلاقات للأفضل. وأكد أن العلاقات تتحسن يوميًا وأنهم يمضون نحو معالجة القضايا التي نتجت عن انفصال جنوب السودان، وأكد أن هناك قضايا عالقة لم تحل بعد، وزاد: "نرى أن هناك فرصة للبلدين لمعالجة كل هذه القضايا".

يمضي مطوك بأنهم كانوا يتمنون أن تمضي الأمور للأفضل في ظل توافق القيادتين بعد الثورة،  وتابع: "لكن ربما التداعيات السياسية في السودان وجنوب السودان طغت على الملفات الاقتصادية، وهي الملفات المرتبطة بالإنسان في المنطقتين؛ التجارة والتداخل وتبادل المنافع. هذه القضايا هي التي يجب أن ننصرف لها ونعطيها وقتًا أكبر، وليس القضايا السياسية التي نعمل عليها الآن. لكن لا تستطيع القيام بعمل اقتصادي وتجاري في ظل عدم الاستقرار، ونرى أنه إذا استقرت الاوضاع، هناك مشروعات  يمكن أن تنفذ، خاصة وأن هذه المنطقة تحتضن ثلث سكان الدولتين، في الشريط الحدودي، وجل الموارد موجودة بها؛ المعادن والبترول والثروة الحيوانية والصمغ العربي والزراعة".

الوساطة وسلام السودان

يقول ضيو مطوك إن اتفاق جوبا لسلام السودان واجه بعض المشاكل في دارفور والمنطقتين، واعتبر تخريج الدفعة الأولى بداية صحيحة لتنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية. ويمضي مطوك: "الدفعة المتخرجة جاءت في إطار البروتوكول الخاص بإنشاء قوات حفظ السلام، نتيجة لخروج الـ"يوناميد" من دارفور، والتي كان من مهامها حماية المدنيين وتوصيل القوافل المدنية، وعندما خرجت في 2020، كان هناك سؤال حول من سيقوم بهذه المهام، لأن هناك شكوك من قبل الحركات حول دور القوات المسلحة، وكذلك هناك شكوك حول قوات الحركات في أن تقوم بهذا الدور في دارفور، وبالتالي تقرر إنشاء قوة قوامها (12) ألفًا مناصفة بين الحركات والحكومة، وبعد ذلك يتم تدريب القوة وتخريجها بشكل موحد، وتوكل لها مهام حماية المدنيين في دارفور".

يبلغ قوام القوة  التي تخرجت في الثالث من تموز/ يوليو الجاري في ولاية شمال دارفور (2000) مقاتل، ومن المتوقع أن تدخل الدفعة الثانية المعسكر في جنوب دارفور، والدفعة الثالثة أيضًا في غرب دارفور، بحيث يتم انتشار القوات بشكل شامل في دارفور.

https://t.me/ultrasudan

يُرجع مطوك عدم تنفيذ كثير من بنود الاتفاقية لعدم تشكيل الآليات التقييمية والتنسيقية  التي تجمع الشركاء الدوليين والإقليميين والجهات السودانية ليكوّنوا آلية للمراقبة والمتابعة، وتابع: "لكن الآلية حتى الآن لم تُنشأ، وأعتقد أنها واحدة من أسباب عدم وجود الدعم الدولي والإقليمي. هناك أيضًا مؤتمر للمانحين لدعم السلام، ولم يقم المؤتمر، وهذا سبب آخر لعدم تقديم دعم للسلام. وإذا كانت هناك دولة يمكن أن تدعم السلام، يكون ذلك بحكم علاقتها الثنائية مع السودان، وليس بموجب اتفاق سلام جوبا، لأن الاتفاق أقر كيف للمجتمع الدولي أن يدعم السلام". وتابع: "يجب أن تقوم كل هذه الآليات ليتمكن المجتمع الدولي من دعم السلام".

تجربة جنوب السودان

يقدم مطوك تجربة جنوب السودان في معالجة قضية الحرب كنموذج يمكن أن يستفيد منه السودان، ويقول بأنهم أنجزوا تسوية داخل المؤسسة العسكرية، عبر تقسيم القيادة العسكرية بين الأطراف المتنازعة، بحيث تم تخصيص بعض المقاعد في قيادة القوات النظامية لقائد المعارضة، رياك مشار، وبعض التنظيمات التي هي جزء من اتفاق السلام، لاستيعاب قياداتها العسكرية في هذه المؤسسات". وزاد مطوك: " هذا نموذج جديد، قدمناه من أجل السلام والاستقرار، حيث كان هذا مطلب الحركات وقبلنا به، وتمت معالجة القضية". ويقول بأن هذه التوافقات قاموا بها من أجل غد أفضل للأجيال القادمة. 

ويؤكد مطوك بأن جنوب السودان لم يقدم مبادرة لحل الأزمة السياسية في السودان، لكنهم جاؤوا للخرطوم من أجل إسناد ودعم الآلية الثلاثية، ويرى بأن جنوب السودان لديه خبرة ودراية بالقضايا السودانية بحكم أنه كان جزءًا من الدولة لوقت قريب، واستطرد متأسفًا: "أُسيء الفهم حول دورنا، وقيل بأن جنوب السودان يريد أن يأخذ الملف من الآلية الثلاثية، وهذا ما استغربنا له كثيرًا. يجب أن يؤخذ جنوب السودان من هذا المنطلق، أننا كدولة جوار، من حقنا أن نساعد ونساهم في استقرار السودان، لأن عدم استقراره يعني عدم استقرار جنوب السودان. ولا يمكن لنا ترك السودان لوحده ونحن نرى المخاطر التي تواجهه؛ جئت والمستشار توت قلواك لهذا الغرض". 

ويمضي مطوك: "إطالة أمد الحروب في السودانين الشمالي والجنوبي أثر كثيرًا على المجتمعين، وكذلك خلق لديهم خبرة ودراية في حل النزاعات، وليس هناك من هو أفضل منا في هذا المجال. نحن أصحاب تجارب، فالسودان ساهم في وصول جنوب السودان للسلام، كذلك جنوب السودان قام بهذا الأمر في 2020، وعازمون على مواصلة المشوار، وليس هناك صعوبة في تحقيق السلام في السودان، ولو تُرك لنا المجال يمكن أن نعالج المعضلة".

مستقبل أفضل للبلدين

ويرسم وزير الاستثمار وعضو الوساطة في اتفاق جوبا لسلام السودان مستقبلًا باهرًا للبلدين حال تحقق الاستقرار، ويقول بأن كلا البلدين لديه ميزات، وتابع: "نحن دولة حبيسة نسعى للوصول للموانئ الخارجية عبر السودان، البترول واحد من النماذج. كنا نعتقد أن الاستقرار يتيح فرصة لنؤسس ميناء في منطقة بورتسودان ووصول منتجات جنوب السودان للموانئ الخارجية، وهذه مشاريع طموحة". ويكشف عن مقترحات واعدة، قائلًا:  "نفكر في قيام منطقة حرة في الحدود، يمكن أن تدعم شرق وغرب أفريقيا، والآن هناك مشاريع طرق قارية بجنوب السودان، وهناك أيضًا مشاريع لربط القارة مع بعضها البعض، وهذا يساعد كثيرًا".

وزير الاستثمار بدولة جنوب السودان: إمكانيات السودان وجنوب السودان وفرصهما الزراعية أفضل من أوكرانيا وروسيا، لكنها لم تستغل بعد

يقول مطوك عن المنطقة الحدودية بين البلدين بأنها منطقة منتجة، وأنه لعدم وجود البنية التحتية لم تستغل مواردها، ويرى أنهم إذا تجاوزوا الملفات السياسية وحققوا الاستقرار السياسي في البلدين؛ يمكن أن يمضوا للمنافع الاقتصادية.

ويؤكد مطوك على أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت على الغذاء، لكنه يشير إلى أن إمكانيات السودان وجنوب السودان وفرصهما الزراعية أفضل من أوكرانيا وروسيا، لكنها لم تستغل بعد. وتابع: "هناك مشاريع كبيرة إذا تحقق الاستقرار يمكن تنفيذها، وعندها يمكن أن تحدث طفرة كبيرة في التجارة والزراعة".