09-يونيو-2022
الحوار

مشهدٌ لم يبدُ مُفارقًا للواقع السياسي في السودان، مُحاولة جمع أطراف الأزمات في طاولةٍ للحوار والتفاوض ضمّتها قاعات الفنادق داخليًا وخارجيًا، أما الشارع فيرفع أمام خصومه شعار اللاءات الثلاث، التي أولها لا تفاوض.

وفي سعيٍ لفك تعقيد الأزمة التي بدأت منذُ 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021م، في قاعة فندق السلام روتانا افتتحت صباح أمس "الأربعاء"، الجلسة التقنية التحضيرية للحوار السوداني - السوداني بتيسير من الآليّة الثلاثيّة للاتّحاد الأفريقي وإيقاد ويونيتامس.

الآلية الثلاثية: العملية لن تكون مُجدية بدون مشاركة بعض القوى السياسية الأساسيّة التي تغيبت عن المشاركة في الاجتماع

غياب قِوى الحُرية والتغيير

كان من اللافت غياب أبرز القِوى السياسية المعنية بالحوار حول الأزمة السياسية، وهو موقفٌ ظل مُعلنًا من قِبل قِوى الحُرية والتغيير المجلس المركزي، ولجان المقاومة السودانية.

وضمت الجلسة الافتتاحية أمس، اللجنة العسكرية بمجلس السيادة برئاسة نائب رئيس المجلس الفريق أول محمد حمدان "حميدتي"، الفريق أول شمس الدين كباشي والفريق إبراهيم جابر.

 أما القوِى السياسية الحاضرة، قِوى الحُرية والتغيير "التوافق الوطني"، الاتّحادي الأصل، المؤتمر الشعبي، الجبهة الثورية، تحالف قوى الحراك الوطني والحزب الليبرالي.

تيليغرام

ومع حضور ممثلين للجان المقاومة، ما لبثت أن أصدرت لجان مقاومة بانت شرق، تعميمًا صحفيًا قالت فيه، إن عضو اللجنة محمد أنور شارك بدون تفويض أو علم اللجنة، حيثُ أوضح العضو أن حضوره لم يكن يمثل لجان المقاومة، وإنما الكتل الثورية (مبادرة حنبنيهو)، مُشيرةً إلى فصله من لجنة مقاومة بانت.

مُعالجات سياسية فوقية

تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم، قالت إنها تلقت دعوة من الآلية الثلاثية من أجل فتح باب التفاوض المباشر مع الانقلابيين عبر طاولة الحوار.

المتحدث باسم لجان مقاومة الخرطوم أحمد عصمت قال في تصريح لـ(الترا سودان): "لن نتراجع عن اللاءات الثلاثة لأن هذه رؤيتنا للحل، واللجان ثابتة على موقفها ولن يتغيّر".

وترى اللجان أن المعالجات السياسية الفوقية التي تتبعها الآلية الثلاثية تتقاصر عن جذور الأزمة الحقيقية للصراع، وتحول دون معالجة جذور القضية الحقيقة التاريخية للسودان.

فرص النجاح

المتحدث باسم الآلية الثلاثية للاتّحاد الأفريقي وإيقاد ويونيتامس، أوضح في بيان إنّ  الاجتماع التقني ناقش التفاصيل التحضيرية، بما في ذلك الإجراءات وجدول الأعمال المحتمل، للمحادثات السودانية - السودانية المُقبلة الهادفة إلى استعادة الانتقال الديمقراطي بقيادة مدنية.

وقالت الآلية إنّ مناقشات جادّة جرت حول القواعد الإجرائية وشكل المحادثات بشأن القضايا الموضوعيّة.

إلا أنّ الآلية أقرّت بأن العملية لن تكون مُجدية بدون مشاركة بعض القوى السياسية الأساسيّة التي تغيبت عن المشاركة في الاجتماع، وعلى رأسها المجلس المركزي لقِوى الحُرية والتغيير وحزب الأمة والحزب الشيوعي السوداني ومجموعة حقوق المرأة وتجمُّع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة.

وأضافت: "تمثّل هذه القوى أصحاب مصلحة رئيسيين في العملية السياسية من أجل الانتقال الديمقراطي في السودان"، من جانبه، أعلن مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة عدم تلقيه دعوة من الآلية الثلاثية.

فولكر
وصفت السفارة الأميركية في الخرطوم، الجلسة التي انعقدت للحوار المُيسر خطوة مُهمة إلى الأمام

وقال الأمين السياسي بالمجلس سيد علي أبو آمنة لـ"الترا سودان": "لم تقرر الآلية الثلاثية كيفية إشراكنا في الحوار، المشاركة كفاعلين وقوى سياسية أو إدارة أهلية كمراقبين".

وأضاف: "نحنُ نرفض أن نكون مراقبين لا يمكن للمجلس الأعلى أن يتم إقصاؤه من حوار، بينما تشارك أحزاب  لا تتجاوز عضويتها (70) شخصًا"، واصفةً أنها أحزاب مجهرية.

آلية وطنية

عضو مجلس السيادة الانتقالي وعضو اللجنة العسكرية الفريق إبراهيم جابر، قال في تصريح لـ"الترا سودان": "إنّ الجلسات ستتواصل الأحد المقبل لاختيار الآلية الوطنية التي ستقود وتدير الحوار، وستتكون من شخصيات وطنية سودانية يتم التوافق عليها، فالآلية الثلاثية عبارة عن مسهل للحوار الذي يديره السودانيون". 

وحول فرص النجاح، يرى جابر أن السانحة التي أتاحتها وسهّلتها الآلية الثلاثية واحدة من المنابر الجيدة حتى يجلس السودانيون مع بعضهم، فالمشكلة ليس من يحكم السودان، بل كيف يُحكم، فمنذُ الاستقلال كان يتم ترديدها دون الوصول لحل، ولا سبيل لحل مشاكل السودان إلا بالحوار.

وأضاف: "الحوار سوداني سوداني مباشر، لا إقصاء إلا من أبى، ونهدف للوصول إلى تفاهمات، وحتى الذين جلسوا اليوم كانت بينهم بعض التباينات، ولكن بالحوار يمكن الوصول إلى حل".

الألية الثلاثية: مناقشات جادّة جرت حول القواعد الإجرائية وشكل المحادثات بشأن القضايا الموضوعيّة

تأسيس دستوري

بالمقابل، قالت قِوى الحُرية والتغيير "المجلس المركزي" في تعميم صحفي، إنّ تعاطيها الإيجابي مع العملية التي تُيسِّرها الآلية الثلاثية رهينٌ بثبوت توجهها نحو مساعدة الشعب السوداني في إنهاء الانقلاب والتأسيس الدستوري الجديد لمسار انتقال ديمقراطي مستدام تقوده سلطة مدنية كاملة تعبر عن الثورة وغاياتها.

وترى قِوى الحُرية أن التصميم الصحيح للعملية السياسية يقوم على التعريف الدقيق لطبيعة الأزمة السياسية الراهنة، وهو انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر وما ترتّب عليه، فيما وصفت السفارة الأميركية في الخرطوم، الجلسة التي انعقدت للحوار المُيسر خطوة مُهمة إلى الأمام.