18-فبراير-2022

آن الصافي (زهرة الخليج)

فازت الروائية السودانية آن الصافي، بالمركز الثاني في جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي في دورتها (12) عن المجموعة القصصية (المسائل).

وآن الصافي أديبة من السودان، مقيمة بين مدينة (أبوظبي) في دولة الإمارات العربية المتحدة وكندا. حاصلة على بكالوريوس هندسة كمبيوتر، إعلامية، محاضرة ومدربة في مجال الإدارة والتنمية البشرية. من خريجي أكاديمية الشعر بأبوظبي، الدفعة الخامسة. منسقة ثقافية في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات/ فرع أبوظبي. عضو في مؤسسة بحر الثقافة بمدينة أبوظبي، عملت في المكتب الإعلامي لمهرجان أبوظبي الدولي للسينما طوال سنواته. سابقاً، أسست وأدارت شركة لنظم المعلومات، استشارة وتدريب لمدة عشر سنوات.

الصافي: مهم أن نفهم قضايا الحاضر من قراءة ودراسة وتحليل ما حدث في الماضي

ثمة تلاق بين الماضي والحاضر والمستقبل، كيف استنهضت آن الصافي الأسطورة الشعبية السودانية لرسم ملامح المستقبل؟

الأمس كان مستقبل لما قبله، اليوم مستقبل الأمس كما اليوم ماضي المستقبل. هذه المعادلات بتنوعها تبين أن لكل عصر أدواته، وأدوات كل عصر تؤثر على حياة الإنسان، ومؤكد تؤثر على مسار المجتمعات.

مهم أن نفهم قضايا الحاضر من قراءة ودراسة وتحليل ما حدث في الماضي، هذه الآلية تجعلنا أمام مسؤوليتنا تجاه الغد. ببساطة ما سنفعله اليوم نتيجته هي حصادنا في الغد. من الأمور المهمة لنعرف قيمة هذه الحياة، أن نعي مفهوم أنسنة المجتمعات من جهة ومن جهة أخرى قيمة الاستدامة. مثال، أي خلل في التوازن البيئي من صنع الإنسان سيجني أثره انسان أيضًا، بالإضافة للكائنات الحية ومكونات الكوكب مجملاً. 

إذن لكل مقدمة نتيجة، والإنسان في هذه المعادلة هو المسؤول، مسؤول عن ذاته وعن غيره، فهو من ميزه الخالق بالعقل واتخاذ القرار. بلا شك الإبداع جزء مهم في هذه المعادلة. والكتابة الإبداعية أسمى درجات الفكر الإنساني وربما أكثرها مشقة. أؤمن بأن الكلمة مسؤولية وقد تشهد لكاتبها أو عليه. من هنا السعي لتقديم أي عمل إبداعي يتطلب وضع الهدف والآلية، وكثير من التفاصيل قد تستدعي البحث والتعمق وجهود حثيثة ومتواصلة مع كل منجز. عليه الكتابة في هذه الحالة ليست رفاهية وليست إلا محاولة جادة للتعبير عن أفكار ومتخيل حول واقع من رؤى الكاتب.

نهرب من الحياة بالجنون، بالرهبنة أو الموت، لماذا اخترت الكتابة؟

الكتابة سبيلي لترجمة عوالم تدور بخلدي قد تشبه الحياة التي تتكشف لي مع كل حرف.

لكل إنسان قصة، ولكل مكان ذاكرة، ويسجل الزمن في كل لحظة حكاية وإن كانت حديث عابر بين شخصين، كيف تنتقي قصتك وتمسكين بها؟

أعمل على مشروع أدبي وفكري ثقافي أسميته الكتابة للمستقبل. هذا المشروع أقوم به وحدي تمامًا، له أهداف وسمات ونهج ومميزات، والأعمال الأدبية التي أقدم هي تطبيقات لهذا المشروع.

هذا المشروع يتطلب مني أن أكون في حالة مستمرة من البحث والاطلاع في شتى الحقول. يحدث أن أجد روابط لقضايا مع معطيات علمية وثقافية بعينها. هنا يتشكل العمل في ذهني وعادة أبدأ بالاسم، أعني عنوان العمل. من ثم تتشكل الشخوص أمامي ومن أول حرف في العمل وحتى كلمة النهاية، أجدني أمام اكتشافات جديدة لمعاني الحياة.

كيف وظفت آن الصافي التي تعيش في مدينة معاصرة وسريعة الإيقاع (أبوظبي) مسألة الزمن الأدبي، وبين الريف السوداني البسيط وحياة الخرطوم الهادئة؟

آمل أن أكون بجهدي وسعيي قدمت وأقدم ما يعبر عن ما أؤمن به. ماذا لو فكرنا ونحن في أي بقعة من هذا الكون بشكل عالمي أو كوني والتنفيذ محليًا، تتفاوت الإجابة من شخص لآخر ربما. عني أنتمي لوطني وثقافته ويعيش في وجداني أينما ارتحلت. عشت جل عمري على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، تحديدًا في مدينة أبوظبي، المدينة العصرية والحديثة والحاضنة للثقافات المتنوعة بتسامح وتوازن ناجح.

مع سعي دائم بين البحث والتلقي والكتابة، أجد أن الإنسان في كل مكان لديه معاني مثل الفرح والحزن والشبع والجوع والأمان والخوف كلها متفق عليها، إن جاز التعبير. قد تتفاوت قضايا الإنسان والمجتمعات، في قائمة الأولويات، ولكن نتفق أن سرعة التغيرات التي تمر بها البشرية والطبيعة، على كوكبنا في هذا العصر، لم تعرفها الحضارة الإنسانية من قبل. هنا تأتي أهمية آلية التفكير والمقارنة، وتوظيف العلم في فهم معطيات كل مجتمع. بذا من الممكن إيجاد حلول ومخارج لأي قضية، أو على الأقل، الوقوف بوضوح أمام أسباب القوة وأسباب الضعف. استشراف المستقبل يجب أن يكون عملية مستمرة، لأنه يساعد على توظيف الطاقات بشكل يخدم الفرد والمجتمع، في الوقت الراهن والقادم بإذن الله.

اقرأ/ي المزيد من المواضيع المشابهة:

سودانية واحدة في جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي

موسيقى الراب..نبض الثورة والحرية

كيف تنظر آن الصافي لتصنيفات النقاد أو الكتابة ما بعد الحداثة، في ظل مجتمعات عربية لا تزال تعيش صراعًا بين الحداثة والتراث؟

نحن نعيش في عصر طالت آثار الحداثة وما بعدها مجتمعات إقليمنا، بل ووصلنا لحقبة بعد ما بعد الحداثة حتى، ببساطة إقليمنا جزء من هذا الكوكب، مع أدوات العصر الحديثة من تقنيات وحلول ذكية وتطبيقات تواصل ما عهدتها البشرية من قبل كل ذلك وصلنا ونستخدمه، حتى وإن لم نكن نصنعه، لا ننسى سهولة السفر والتنقل، كل ذلك أدى لنشوء ما يعرف بالمدن الحاوية للثقافات/الكوزموبوليتان. أو على أقل تقدير الترويج له، أو ربما نقده عبر عمل سردي، بشكل يستوقف المتلقي ليتفكر في جدواه ومزاياه، أو عدمها، وإن كان يوافق عصره ومساره المبتغى.

نعم، ما زال هناك أماكن نائية ولكن توجد بها خدمات الشبكة العنكبوتية، كما أن لأدوات الإعلام الجديد دور بارز في تشكيل وعي المجتمعات ومشاركة تفاصيلها بكل دقة وبعدة تقنيات. أمام كل ذلك، سيكون غير موضوعي أن نقول إننا بمعزل عن أثر أدوات العصر. عليه ماذا يرجى الآن من المبدع عبر تعبيره عن أفكاره وما يجول بخلده من رؤى؟ فلنكن أكثر عملية، للكاتب دور وللناقد وظيفة مهمة وهي أن يجد جماليات كل عمل مقدم. أقولها دوماً، من يود تقديم نقد عن عمل جديد ومبتكر أن يشحذ وعيه ويستخدم أدوات توافق كل عمل على حدى. لا يجوز أن تستخدم ذات الأدوات لجميع النصوص من جميع الحقب، إن حدث فهذه محدودية وعقم لن يؤخر الإبداع، بل يؤخر فوائد مرجوة من الأعمال المقدمة والتي من الممكن أن تفيد المجتمع والحركة الأدبية والثقافية مجملًا.

كيف تنظرين للكتابة النسائية السودانية في ظل المتغيرات الاجتماعية والسياسية المتسارعة في الفضاء العام؟

كتابة المبدعة والمبدع في السودان، أمر مستمر وجدير بالاهتمام. توجد لدينا أقلام جادة ومهمة في شتى الحقول. السودان بلد الحضارات الضاربة في القدم، ولدينا تنوع ثقافي فريد وطبيعة جغرافيا متنوعة وخلابة، كل ذلك ألا يؤدي بشكل تلقائي لظهور أجيال متعاقبة من المبدعات والمبدعين في مجال الكتابة؟ هذا الأمر كما أقول دومًا يعطي سمات خاصة للمنتوج الإبداعي لكتاب السودان.

وصفت الناقدة سوزان سونتاغ تأويل الفن والنصوص بأنها انتقام الفكر من الفن. هل يمكن للقراء والنقاد البحث عن تأويل النصوص المتخفية داخل النص المكتوب؟

مفهوم التواصل يعتمد على طرفين المرسل والمستقبل وكذلك الرسالة، المحتوى والمضمون والذي يفترض أن يعبر عن ما يدور في ذهن ومتخيل المرسل وكذلك البيئة التي تجمع هذه الأطراف.

نجاح وصول الرسالة يعتمد مقومات منها ملكة وقدرة المرسل على التعبير ووضوحه واختيار وسيلة وتوقيت الإرسال، من ناحية أخرى يعتمد من هو المتلقي وعلى خلفيته الثقافية، واستعداده للتلقي. 

من أهم ما ينتظر من المتلقي أن يقدم جماليات ما وصله وإن كان لديه أي تعليق أو رأي ينتظر أن يكون مدعومًا بحجة، أي أن يقدم نقد موضوعي.

في كل الأحوال، أي رأي أو تعليق أو نقد يقدم على أي درجة كان، لن يغير في العمل المقدم.

للكاتب دور وللناقد وظيفة مهمة وهي أن يجد جماليات كل عمل مقدم

حدثينا عن المجموعة القصصية الفائزة بدورة جائزة الطيب صالح (مسائل) وما القضايا الذاتية والموضوعية التي تتناولها بالسرد؟

مجمل العمل به من المبتكر الكثير وبحق تعتبر مجموعات قصصية في مجموعة قصصية. 

عناوين العمل مجملًا: المسألة الأولى (غياب) عبارة عن مجموعة قصصية تتحدث عن مسألة الغياب والاختفاء، من منظور التصوف مع تداخل علم النفس والاجتماع. عناوين هذه المجموعة القصصية: الرحلة، غياب، الأسطورة، الخلوة، تكرار.

المسألة الثانية (ترند#)معنونة بمسائل تتعلق بالترندات التي توجد بتطبيقات التواصل، تناقش قضايا اجتماعية. تحت هذه المجموعة توجد العناوين الآتية: #الربح، #شمعة في كل مدينة، #المهرج، #النملة_والفيل، #هاشتاق، #أجيال، #الافتراضي، #الحديقة.

المسألة الثالثة (أبناء النهر) قصة واحدة طويلة نوعًا، وهي قصة تتحدث عن مسألة صراع قوى الخير والشر في قالب ملحمي مسرحي.

(أخبرني أين تكتب أقل لك من أنت) هل من نصائح توجها آن الصافي لمن يتلمس الطريق في عالم الكتابة الإبداعية؟

إن جاز التعبير ليس بنصح ولكن استفسار، لماذا ستكتب وماذا ستكتب ولمن ستكتب وكيف ستكتب. بعد ذلك لماذا تنتظر أن يقرأ لك وماذا سيميز عملك وكيف ستستمر في عملك الإبداعي. مع تمنياتي بالتوفيق للجميع.

اقرأ/ي أيضًا

الفن ومجتمع ما بعد الحرب.. معالجات ورسائل

معرض للفنان السوداني العالمي راشد دياب بالخرطوم