10-يونيو-2022
آمال الزين

آمال حسين الزين، محامية، تخرجت من جامعة القاهرة فرع الخرطوم، متزوجة وأم لأربعة أبناء، درست المراحل التعلمية الأولى بمدينة شندي، كانت المسؤول الثقافي ومسؤول سياسي للحزب بشندي، كانت مرشحة الحزب في انتخابات 2010 قبيل انسحاب الحزب الشيوعي من الانتخابات، عضو لجنة مركزية، وعضو المكتب السياسي، ومسؤول مكتب الأدباء والفنانين الشيوعيين.

آمال الزين: الاعتقال كان محاولة من جهاز الأمن والجهات الضاغطة عليهم، من أجل إخراس صوت الحزب الشيوعي السوداني

تعرضت للاعتقال عقب زيارة وفد من الحزب الشيوعي لمدينة جوبا، ولقاء حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور، والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز الحلو. ماهي تداعيات الاعتقال، بحسب ما أوضحت لكم السلطات في الخرطوم؟

تعرضنا للاعتقال في مدينة جوبا، ولاحقًا تعرضنا للاعتقال في مدينة الخرطوم، الاعتقال كان محاولة من جهاز الأمن والجهات الضاغطة عليهم، من أجل إخراس صوت الحزب الشيوعي السوداني، وهذا مفهوم لأن الحزب له موقف واضح من شكل التغيير المفروض أن يتم في السودان، وموقف واضح من الانقلاب العسكري. والأهم كان له موقف واضح من التسوية، التي تحاول بعض الجهات فرضها على الشعب السوداني، والحزب كان رافضا للتسوية، بسبب شرعنتها للانقلاب ومحاولة للعودة لما قبل 25 تشرين الأول/أكتوبر، والجميع يعلم أن الحزب كان رافضًا السلطة الموجودة قبل هذا التاريخ، وله موقف واضح من الشراكة مع العسكر، وله موقف واضح من كل السياسات المتبعة في تلك الفترة، وموقف واضح من اتفاق جوبا وتداعياته على الحياة السياسية السودانية.

تيليغرام

الاعتقال كان محاولة لوضع الحزب الشيوعي في العزلة، ومنعه من التواصل مع التنظيمات السياسية الداعية للتغيير الجذري، والمقصود منع الحزب الشيوعي من تحقيق علاقة مع الحركتين في كاودا وجنوب السودان، وهما حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور، والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الحلو، لكن وبكل وضوح، عندما تم الاعتقال كان الحوار السياسي اكتمل، وكل التفاصيل المتعلقة بلقآتنا تمت. 

وكان القصد من الاعتقال إرهاب الحزب الشيوعي ووفده الزائر لكاودا، وهذا ما لم ولن يتم. وكنا واعين بأهمية الخطوة، وأثرها على وحدة قوى التغيير الجذري. لذلك نعتقد أن الاعتقال كان ضرورة لجهاز الأمن، وكانوا تعرضوا لضغوط من جهات خارجية مهتمة بإكمال التسوية السياسية في السودان، والإبقاء على الشراكة مع العسكر، والعودة لما قبل 25 تشرين الأول/أكتوبر وتجاهل الثورة السودانية المستمرة في الشوارع منذ ثلاثة أعوام، والقفز فوق كل ذلك لتحقيق تسوية سياسية، تعود للشراكة مع العسكر، والسلطة المدنية فاقدة الرشد، والقدرة على إدارة شؤون البلاد، وإيقاف تمكين العسكر في السلطة.

آمال الزين: سعيدين لأن مواقفنا متسقة مع مواقف الشعب السوداني وقواه الحية

هل تعرضت للتعذيب أثناء فترة الاعتقال؟

لم يحدث اعتداء بدني ولفظي في كلا الاعتقالين، لكن مجرد الاعتقال اعتداء على الحقوق، والحرية، والوضع النفسي سيء، والمنع من التعاطي مع الحياة بشكل طبيعي، وإن كان استغرق ساعات، يظل انتهاك للحقوق والحرية.

ما هي أهم ملامح الوثيقة التي طرحها الحزب الشيوعي "السودان، الأزمة، وطريق استرداد الثورة" باختصار؟

حللت الوثيقة الأزمة السودانية منذ خروج المستعمر وحتى أحداث نيسان/ أبريل 2019 والممتدة إلى انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021. الوثيقة خلصت لاستنتاج مهم، وهو وجود مشروعان في السودان، مشروع التغيير الجذري الشامل، مع وجود قوى صاحبة مصلحة في هذا التغيير، وقوى تقود هذا المشروع في الشارع، وما زالت مصرة على التغيير لإنجاز مهام ثورة ديسمبر المجيدة. 

المشروع الثاني هو مشروع تغيير النظام أو تغيير رأس النظام والاستمرار على ذات النهج، ورأت الوثيقة إن المشروع الثاني، متماهي مع الأزمة السودانية، وغير قادر على إنجاز أي تغيير، وسيستمر على ذات نهج التبعية للخارج، وعدم الاستقلال الاقتصادي، وسيطرة فئات اجتماعية محددة على السلطة والثروة، واستمرار القهر الثقافي والإثني والديني، هذان هما المشروعان الموجودان في الساحة السياسية السودانية، وهناك قوى صاحبة مصلحة في استمرار النظام القديم، بسياساته المختلفة، وهذه القوى تتمثل في العسكر المتواجد في السلطة، والمدنيين الذين تحالفوا معها، وهم تيار الهبوط الناعم.

أيضًا، خلصت الوثيقة لوجود تحالفات فوقية مثل تحالف قوى الإجماع الوطني، وتحالف قوى الحرية والتغيير، هي تحالفات فوقية تؤدي إلى تغيير محدود. والحزب عازم في السير في طريق التغيير الجذري، ولا تستطيع إنجازه إلا القوى صاحبة المصلحة، وهم مجموعات العمال والمزارعين والطلاب والنساء والشباب، وهي المجموعات التي قادت ثورة ديسمبر ولازالت تقودها، مع وجود قوى سياسية ومدنية مختلفة.

الوثيقة وضعت الملامح العامة للبرنامج الانتقالي، والأُسس والأهداف العامة لعبور المرحلة الانتقالية بصورة سلسة، مثل تطبيق مقررات المؤتمر الاقتصادي، والخطة الإسعافية بوجود اقتصاد مختلط، وسيطرة الدولة على المؤسسات الرئيسية فيه، ثم الوصول لدولة مدنية ديمقراطية، فيها فصل الدين عن الدولة، وأن تقف الدولة على مسافة من الأديان والثقافات المختلفة، وتنمية متوازنة، و توزيع عادل للسلطة والثروة، لكن ليس على طريقة الحكومات السابقة، بإحضار قادة حركات الكفاح المسلح والاتفاق معهم، لكن لابد من مشاركة أصحاب المصلحة في تفاصيل السلام، وكل مفاصل الدولة، وليس بحضور ممثلين عنهم، والوثيقة حددت موقفها من اتفاق جوبا، واعتبرته قسمة للسلطة والثروة بين الجنرالات، وقالت بشكل مباشر إنه لن يؤدي لسلام مباشر في السودان، بل لمزيد من التوترات والاحتراب، وإهدار الثروة، وهو بالضبط ما حدث الآن وفق اتفاق جوبا.

آمال الزين: الحزب الشيوعي لا يحتاج منابر أو واجهات، فمشروعه ومنابره واضحة

كما بينت الوثيقة المشروعين التغيير الجذري والهبوط الناعم أو التغيير المحدود، وصار الفرز واضحًا في هذه القوى، وهي نواة العمل على مشروع التغيير الجذري، الذي قطع أشواط واسعة، بما تم من حوار واضح وشفاف وعميق مع الحركتين، وشمل الحوار جذور الأزمة السودانية، وصنف الفئة المسيطرة على الثروة والسلطة بأنها بقايا الإقطاع والرأسمال السوداني، وأيضًا المجموعات المتواجدة في الريف مثل زعماء القبائل، والتي تحالفت لحرمان بقية الأطراف من الوصول للسلطة والثروة، بمعنى وجود مركز وهامش، لكن المركز ليس جغرافيا، وإنما عبارة عن هذه الفئة المسيطرة. ونتوقع خلال الفترة القادمة اتضاح معالم مشروع التغيير الجذري، وسيُطرح للجماهير لمعرفة التفاصيل وقضاياه.

كيف تنظرين إلى حالة تهيئة الأجواء بإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين؟

هذا حديث بمثابة ذر الرماد في العيون. لأن الآلية تسعى لتبييض وجهها، وعدد من القوى السياسية تقوله لتبرير جلوسها مع العسكر، والعسكر يقوله لاستمرار الشراكة مع بعض المدنيين. بين انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر مائة شهيد، قبل معرفة من قتلهم وتقديمهم للمحاكمة، يبقى المناخ غير مهيأ للحوار. وتجاهلت تهيئة الأجواء أعداد مهولة من المختفين والمفقودين قسريًا، ولم يفصح عن أماكن تواجدهم، وتجاهل الحديث عن مرتكبي مجزرة فض الاعتصام، وتجاهل مطلوبات الشارع المستمرة منذ ثلاثة سنوات. 

وبالرغم من إطلاق سراح البعض، لاتزال أعداد منهم موجودة في المعتقلات، وأماكن غير معلومة، ومازال القتل مستمرًا.

أيضًا، هناك مجموعة يتم تلفيق عدد من البلاغات في مواجهتها، ما لم يتم الكشف عن تعذيب المعتقلين على ذمة بلاغات ملفقة، ويحاسب من عذبهم، وتبرئتهم من البلاغات، ويتم الكشف عن الطريقة التي تم بها التلفيق، والكشف عن قتلة المتهمين بقتلهم، علمًا بأن الشارع يعرف ما يحدث، وتوباك والننة تُثقب أقدامهم بالمثقاب الكهربائي، ويعلقوا من أرجلهم، مع معرفتهم بأن الشرطة حرقت أقسامها. فلا حديث عن تهيئة الأجواء بدون شفافية وحديث عن الجرائم التي ارتكبت، خلاف هذا هو حديث للاستهلاك، ومن يريد الذهاب للتسوية فليذهب دون غش الشعب السوداني، والتسوية محاولة لقطع الطريق أمام الثورة السودانية، فإذا نجحت التسوية أو فشلت، ستستمر الثورة.

تلوح في الأجواء السياسية، ملامح تسوية بين الفرقاء السياسيين، وأنباء عن عودة د. عبدالله حمدوك. كيف تنظرين إلى هذه القضية؟

للحزب موقف واضح من مشروع التسوية، وهو مشروع متكامل يدعمه المجتمع الدولي، الذي لديه مصلحة في انتهاك السيادة، وثروات البلاد تنهب سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، والتسوية معني بها القوى السياسية التي تملك مصلحة في قطع الطريق أمام الثورة السودانية، ويعني بها المجتمع الدولي الذي له مصالح في السودان، ونعرف الحديث عن الموانئ والمياه والأراضي الزراعية والذهب، كل هذا واضح  للعيان. 

وهي استمرار للفئات الاجتماعية المسيطرة على الثروة والسلطة في البلاد منذ خروج الاستعمار وإلى اليوم، واستمرار مشروع التغيير المحدود والاحتفاظ بمؤسسات النظام السابق. لذلك التسوية لا تعني الثوار أو الشعب السوداني أو الحزب الشيوعي.

آمال الزين: النساء لهن دور كبير في الثورة، والمناصب القيادية ليست مكافأة على النضال إنما حق

يتم الربط بين الحزب الشيوعي ولجان المقاومة السودانية، كيف تقيمين هذه العلاقة؟

يتم الربط بينهما بهدف هزيمة مشروع التغيير الجذري، أو محاصرة المشروع ومنعه من التطور والانتشار. وأي شخص يأخذ موقف من التسوية أو الحكم العسكري أو التنمية غير المتوازنة، أو التوزيع العادل للسلطة والثروة، أو استغلال الدين في السياسة، يتم ربطه بالحزب الشيوعي السوداني. ونحن فخورين لأنها مواقفنا، وسعيدين لأن مواقفنا متسقة مع مواقف الشعب السوداني وقواه الحية، ولجان المقاومة جزء من القوى الحية، وهي صاحبة قدح عالي ضد مشروع التسوية وفي النضال ضد مشروع الهبوط الناعم، والنضال ضد سلطة العسكر والشراكة معهم. لذلك نؤكد أن لجان المقاومة مستقلة، ونحن معنيون بالمحافظة على استقلاليتها، ويمكن لأن المجموعات الأخرى والعسكر، حاولوا تدجين لجان المقاومة وفشلوا، وحاولوا تدجين الحزب الشيوعي وفشلوا، لذلك يتم هذا الربط، والحزب الشيوعي لا يحتاج منابر أو واجهات، فمشروعه ومنابره واضحة، ومع كامل الاحترام للجان المقاومة، من المهم أن تظل مستقلة.

هل أنتِ أول امرأة تتولى منصب الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي، وكيف تنظرين لهذه الخطوة فيما يخدم قضايا النساء؟

أنا لم أفكر بأني أول امرأة تتولى هذا المنصب، وتوليته في غياب الزميل فتحي فضل، وهو من تم انتخابه من اللجنة المركزية كمسؤول عن الإعلام وناطق رسمي باسم الحزب. 

مقدرات النساء في الحزب الشيوعي كبيرة، ونحن في الحزب لا نميز بين النساء والرجال، والموضوع له علاقة بالقدرات ومدى مقدرة الزميل على تحمل المسؤولية الموكلة له، ونساء الحزب يتميزن بالمعارف والمسؤولية، وهذا تراكم لمصلحة النساء السودانيات والشعب السوداني، ولمصلحة السياسة السودانية، لأن وجود النساء في الأحزاب ومواقع القيادة، يراكم عليهن أعباء إضافية، إلا أنها تصب في مصلحة قضايا النساء.

آمال الزين: التسوية معني بها القوى السياسية التي تملك مصلحة في قطع الطريق أمام الثورة السودانية

حققت النساء خلال ثورة ديسمبر الكثير من الإنجازات، مع ذلك لم تحظَ المرأة بالتمثيل الكافي في هياكل السلطة الانتقالية، لماذا؟ 

من الطبيعي بوصول الفئة الاجتماعية للسلطة 2019 أن التمثيل يتخطى النساء، لأن السلطة الانتقالية التي كانت موجودة لم تكن تعبر عن مصالح الشعب السوداني، أو الثورة السودانية، لذلك تخطت النساء بالرغم من دورهن الكبير في الثورة، والمناصب القيادية ليست مكافأة على النضال، إنما حق، مع وجود كفاءات نسوية، والسلطة التي جاءت عبر الوثيقة الدستورية المعطوبة، هي تمثل فئة لا يمكن أن تتبنى قضايا النساء وإن تظاهرت بذلك.