دفع وزير التعليم العالي في حكومة الظل التابعة لحزب بناء السودان معتز الحلو، بمقترح لتفادي قضية الرسوم في الجامعات الحكومية، بالسماح للبنوك بتمويل الطلاب على أن تسترد قروضها عقب انخراطهم في سوق العمل.
وقال الحلو في تصريحات صحفية اليوم السبت، إن الجامعات تحتاج إلى الموارد المالية التي تمكنها من تغطية تكاليف ما تقدمه من خدمات حالية، وفي ذات الوقت تحتاج الى المزيد من التطوير والتوسع لتحسين جودة مخرجاتها الحالية.
خبير تربوي: الاقتصاد وسوق العمل في السودان لايسمحان بنجاح مشاريع التمويل المصرفي للدراسة الجامعية
وأضاف الحلو: "حزب بناء السودان يسعى إلى إعادة رسم سياسات التعليم العالي بحيث لا يتحمل الطالب أو عائلته أي تكاليف مالية للدراسة أو المعيشة والسكن أثناء فترة الدراسة، وإنما يتم عن طريق الاقتراض من البنوك على أن يسددها الطالب بعد شروعه في العمل".
وتابع بالقول: "من خلال استقطاع القروض في شكل دفعات مع ضريبة الدخل بعد إجراء الإصلاحات اللازمة على النظام الضريبي أيضًا، بينما تتكفل الدولة بكل المصاريف الإدارية لهذه القروض، والتي يتم تقييم مخاطرها عن طريق مؤسسات متخصصة". ولفت إلى أن هذا المشروع يحتاج إلى وضع برامج تساعد البنوك الممولة للطلاب لحل إشكالات الديون الهالكة على الطلاب، حال حدوثها، على أن يتم تعميم هذا النظام تدريجيا خلال خمس سنوات.
وأشار الحلو إلى أن حزب بناء السودان بهذا الطرح يهدف إلى جعل الجامعات مؤسسات ذات طابع مستقل إداريًا وماليًا، لفتح الباب أمام تحويلها إلى "مجتمعات معرفة" مما يترتب عليه تغييرات جذرية.
وقال إن البقاء في نفس الخانة دون تجديد أو تطوير والعمل في ظل الممارسات التقليدية قد أضعف البنية التحتية للبحث العلمي، مما أدى لانفصال الجامعات عن واقعها وسوق العمل.
وقال الحلو إن حرية المجتمع الأكاديمي هي كلمة السر، ويسعى من خلالها حزب بناء السودان إلى إيجاد بيئة تنافسية للجامعات تقوم على دعائم رؤية استراتيجية واضحة، ووفقًا لآليات إدارية، تتسم بالمرونة والابتكار، لتمكنها من استقطاب أفضل القيادات، وأساتذة الجامعات.
وأردف: "من خلال هذا المشروع يمكن انتقاء أفضل الطلاب، ومنحهم الاستقلالية والحرية في التعيين والانتخاب ووضع نظم قبول الطلاب، وتحديد رواتب وامتيازات الأساتذة، ومكافأة المتميزين منهم، وحرية تصميم برامجها وفقًا لمتغيرات السوق الدولية المتغيرة، ليكون الاستقلال الذاتي جسرًا لمنافسة الجامعات عالميًا".
وقال الحلو إنه من خلال هذا المقترح الذي يقدمه حزب بناء السودان، نهدف للعمل بمبدأ مجانية التعليم العالي عند نقطة التلاقي - لحظة ترقي الطلاب للدراسة الجامعية (Free at the point of access).
وتواجه الجامعات الحكومية شبه الإغلاق بالتزامن مع اضطرابات واحتجاجات تستمر منذ أسبوع، وذلك على خلفية زيادة الرسوم الدراسية للعام 2022-2023 وتتزامن الزيادات مع أزمة اقتصادية طاحنة يعيشها السودانيون.
وحينما سأل مراسل "الترا سودان" الخبير التربوي حسين خليفة عن مقترح حكومة الظل فيما يتعلق بتمويل البنوك للرسوم الجامعية على أن تستقطع من رواتب العمل بعد سنوات أجاب قائلًا: "سوق العمل في السودان لا تستوعب جميع الخريجين، فلن توافق المصارف على تمويل مئات الآلاف من الطلاب مقابل انتظارهم سنوات. ويمر الاقتصاد السوداني بفترات متقلبة وغير مستقرة".
وأضاف: "النموذج الغربي أو النظام المطبق في أوروبا والولايات المتحدة نجح لأن اقتصاداتها مستقرة، إلى جانب وفرة الوظائف، عكس السودان الذي لا يقارن وضعه بهذه الدول، لذلك فإن تنفيذ هذا النظام يحتاج إلى اقتصاد مستقر وسوق عمل".
وأضاف: "يجب معالجة قضية الرسوم الجامعية في إطار مجانية التعليم والصحة … هذا العمل يشبه مثل شخص ينتشل شخصًا من الحفرة، عليك أن تنقذه أولًا قبل أن تفرض عليه نظامًا مستوردًا وهو قابع في الحفرة".
وعانت الجامعات السودانية من اضطرابات منذ العام 2018 بسبب الاحتجاجات الشعبية، حيث أغلقت لشهور طويلة قبل أن تستأنف الدراسة، لتغلق مرة أخرى في العام 2020 بسبب جائحة كورونا ما أدى إلى تراكم الدفعات في الكلية الواحدة لثلاثة أضعاف.
وتقول الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم، إن التمويل الحكومي للتعليم العالي تقلص إلى (50) مليون دولار متراجعًا عن (500) مليون دولار في العام 2007.
وفي ظل تدني الأجور والكساد الذي يضرب الأسواق في السودان والبطالة المرتفعة وارتفاع التضخم، فإن عشرات الآلاف من طلاب الجامعات يواجهون صعوبة في سداد الرسوم الجديدة.
تقول إدارات الجامعات الحكومية إن التمويل الحكومي تراجع عما كان عليه واضطرت الجامعات لوضع رسوم جديدة
بالمقابل تقول إدارات الجامعات الحكومية إن التمويل الحكومي تراجع عما كان عليه، واضطرت الجامعات لوضع رسوم جديدة على الطلاب لمقابلة تكاليف تشغيل لتحقيق الاستقرار الأكاديمي.
وقالت جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا في بيان الأسبوع الماضي، إن الطالب يكلف أكثر من (1.4) مليون جنيه سنويًا، والرسوم الجديدة لا تقارن مع هذه التكلفة. وقالت إنها لجأت إلى الخيارات الصعبة لإنجاح العام الدراسي.