02-أكتوبر-2024
البرهان وحميدتي ومقاتلون على ظهر مركبة عسكرية

حرب السودان

أدى توسع رقعة المعارك الحربية في شمال وغرب دارفور إلى خفض وتيرة هجمات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في الإقليم الواقع غربي البلاد. ولا تزال المعارك محتدمة، وفي بعض الأحيان تلجأ القوات المتقاتلة إلى عمليات الكر والفر، ومن ثم تنظيم الصفوف والهجوم مجددًا.

باحث: كل المؤشرات تؤكد أن تغييرات صادمة على الأرض تنتظر الدعم السريع

المعارك بين القوات المسلحة و"المشتركة" من جهة، ضد قوات الدعم السريع لا تزال مشتعلة في شمال وغرب دارفور. مع تحرك القوات البرية على الأرض مستخدمة عربات الدفع الرباعي المفضلة في المناطق الصحراوية، فإن هذه التكتيكات تشبه إلى حد كبير تقاليد القتال في صفوف قوات الدعم السريع. لذلك، يعتقد المحللون أن قوات حميدتي تواجه بنفس أدواتها.

صباح اليوم، أعلن حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أن القوات المسلحة و"المشتركة" حققت انتصارات كبيرة في مناطق "الزرق" و"وادي مغرب شمال كتم" بولاية شمال دارفور. ودعا مناوي، في تغريدة على منصة "إكس" اليوم الأربعاء، إلى السلام والعفو والصفح بين جميع سكان إقليم دارفور.

وبالتزامن مع تصريحات حاكم إقليم دارفور، وسعت القوات المسلحة و"المشتركة" انتشارها في بعض مناطق شمال وغرب دارفور، مما قلل من وتيرة هجمات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في الإقليم، حيث حافظ على تحالفه مع الحركات المسلحة التي تقاتل قوات الدعم السريع.

خلال الفترة القادمة، يرجح محمد آدم، المستشار السابق في منظمة دولية عملت في إقليم دارفور، توقف إمداد قوات الدعم السريع بالسلاح والمؤن عبر تشاد، مرورًا بإقليم دارفور، وحتى بعض الدول المجاورة. مشيرًا إلى أن الصراعات الإقليمية والدولية ستغير "قواعد اللعبة"، خاصة مع تلميحات المجتمع الدولي إلى أن وجود قوات عسكرية خارج نطاق الجيش النظامي "أمر مثير للريبة".

ميدانيًا، خاضت القوات المسلحة و"المشتركة" معارك عنيفة في منطقة كلبس بولاية غرب دارفور يوم الاثنين الماضي، وقالت إنها قضت على هجوم شنته قوات حميدتي ودمرت (14) عربة قتالية، وقتلت قائد القوة المهاجمة.

ويقول الباحث في النزاعات المسلحة في إقليم دارفور، ضرار آدم ضرار، إن توسيع القوات المسلحة و"المشتركة" في عملياتها العسكرية خارج نطاق شمال دارفور، ونقلها إلى غرب دارفور، يجعل الوضع في الفاشر أكثر تحسنًا، لأن قوات الدعم السريع استغلت تركز القتال في الفاشر خلال الأشهر الماضية، وكثفت الهجمات عليها.

ويشير ضرار في حديثه لـ"الترا سودان" إلى أن توسيع رقعة المعارك والتحول من خانة الدفاع إلى حالة الهجوم يصيب قوات الدعم السريع بالإنهاك، وتفقد ميزتها وهي عملية "الفزع"، أي نقل الحشود من منطقة إلى أخرى للاعتماد على كثافة النيران. بالتالي، إذا مضت العمليات العسكرية بهذه الوتيرة، ستكون الكفة مرجحة لصالح الجيش والقوات المشتركة.

وبالتزامن مع العمليات العسكرية في شمال وغرب دارفور، شن الجيش هجومًا غير مسبوق على قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم منذ 26 أيلول/سبتمبر الماضي، وتمكن من السيطرة على جسرين حيويين في الخرطوم وبحري.

وخلال الأسابيع الماضية، كانت قوات الدعم السريع تتوعد باجتياح ولايات القضارف ونهر النيل والنيل الأزرق. بالمقابل، منذ ابتدار الجيش عملياته العسكرية نهاية الأسبوع الماضي، انحسرت تهديدات قوات حميدتي.

ونفذت قوات الدعم السريع قرابة (140) هجمة عسكرية منظمة على مدينة الفاشر في الفترة بين آذار/مارس وحتى منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، ولم تتمكن من السيطرة على مقر الفرقة السادسة مشاة التابع للجيش، كي تفرض سيطرتها على المدينة بأكملها كما درجت على ذلك في أربع حاميات في إقليم دارفور.

ورغم سيطرتها على مدن زالنجي والجنينة ونيالا والضعين، وهي المدن الرئيسية في إقليم دارفور، إلا أن قوات الدعم السريع لم تتمكن من استئناف الحياة العامة أو النشاط الزراعي جراء استمرار العنف بحق المدنيين.

جراء استمرار القتال في إقليم دارفور، عانى مئات الآلاف من المدنيين شح الغذاء والدواء والرعاية الصحية، كما نزح الآلاف سيرًا على الأقدام أو بالشاحنات الصحراوية إلى تشاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان.

منذ عقدين من الزمان، لم يهدأ الصراع المسلح في إقليم دارفور، وشكلت المدن في العاصمة الخرطوم والجزيرة وكردفان ملاذًا لعشرات الآلاف من النازحين. لكن خلال حرب منتصف نيسان/أبريل 2023، ومع تحطم مركز الدولة في الخرطوم جراء القتال العنيف بين الجيش والدعم السريع، أصبح نطاق النزوح واللجوء واسعًا ليرتفع العدد إلى نحو (13) مليون شخص.

في هذا الصدد، يقول الباحث في شؤون القرن الإفريقي، عادل أحمد إبراهيم، لـ"الترا سودان": إن المجتمع الدولي عندما يصف الأزمة الإنسانية في السودان بأنها الأسوأ في العالم، فإنه يعلم ذلك تمامًا.

باحث: العمليات العسكرية قد تضعف قوات الدعم السريع، وتجعلها محاصرة في مناطق بعينها

ويقول إبراهيم إن العمليات العسكرية قد تضعف قوات الدعم السريع، وتجعلها محاصرة في مناطق بعينها، لكن لا يمكن القضاء عليها، والجيش يرغب في إضعافها قبل أن يذهب إلى المفاوضات. في ذلك الوقت، لن يسمح للميسرين بمساواته مع قوات حميدتي.

ويتفق إبراهيم مع حديث ضرار آدم ضرار، بأن توسيع رقعة المعارك العسكرية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، ونقل الحرب إليها، مثل رمي كرة اللهب على جسد شخص.

وتابع: "خلال الأشهر الماضية، لم يتعرض الدعم السريع إلى الإنهاك، ففي بعض الفترات شهدت بعض جبهات القتال خمولًا، ولجأت هذه القوات إلى التنكيل بالمواطنين مستغلة عدم انشغالها بالمعارك، خاصة في ولاية الجزيرة، ولا تزال مستمرة في هذه الانتهاكات لأن العمليات العسكرية الأخيرة لم تشمل هذه الولاية".