24-ديسمبر-2020

(مواقع التواصل)

عندما يدخل بسيارته إلى محطة الوقود بمدينة القطينة بولاية النيل الأبيض، كان أنس الجديري يسدد (300) جنيه لتعبئة الخزان، اليوم يتعين عليه دفع سبعة آلاف جنيه في هذه الولاية الواقعة على بعد (100) كيلومتر جنوب الخرطوم.

أدى التحرير الكامل للوقود إلى رفع أسعار السلع الاستهلاكية والنقل 

وحررت الحكومة الانتقالية أسعار الوقود الإثنين الماضي، ليرتفع جالون الوقود من (250) جنيهًا إلى (576) جنيهًا، ويرتفع سعره كلما ابتعدت المنطقة عن الخرطوم، فمثلًا في ولاية النيل الأبيض، يباع الجالون بـ(670) جنيهًا، أي بزيادة حوالي (100) جنيه عن سعر الخرطوم.

اقرأ/ي أيضًا: "هيومان رايتس ووتش": قوات الأمن قتلت المتظاهرين في احتجاجات كسلا

بحسب أنس الجديري الذي تحدث لـ"الترا سودان" من مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض، أدت هذه الزيادات إلى رفع أسعار السلع الاستهلاكية، حيث ارتفع سعر كيلو اللحوم الحمراء إلى (1.150) ألف جنيه في سوق القطينة.

 بينما تباع قطعة الخبز بـ (10) جنيهات، وتحتاج العائلات يوميًا في تلك المناطق حوالي ألفي جنيه للإنفاق على الطعام والشرب، بحسب إفادة أنس الجديري.

وانعكست الزيادة أيضًا على وسائل النقل العامة، وارتفعت تعرفة المواصلات بنسبة (100)%، ويقول أنس الجديري: "حتى نهاية العام الماضي تذكرة الخرطوم القطينة (100) جنيه، واليوم (500) جنيه".

أما في ولاية سنار، وفي عاصمتها التي تستقبل يوميًا شحنات الخضروات والفواكه والمنتجات الزراعية؛ تأثرت برفع أسعار الوقود، حيث تكلف شحنة خضروات على متن شاحنة، قيمة ثمانية آلاف جنيه بدلًا عن تكلفة كانت تتراوح بين (3-4) ألف جنيه قبل تحرير الوقود.

اقرأ/ي أيضًا: اللجنة الاقتصادية: لم نتفق بعد على زيادة الدولار الجمركي في الموازنة

ويقول خالد اليسع، وهو عامل في سوق مدينة سنار، لـ"الترا سودان"، كل شئ زاد سعره؛ من خدمات النقل إلى السلع الاستهلاكية، بحيث لن يتمكن المزارعون من نقل إنتاجهم من أطراف الولاية إلى الأسواق.

الدقير: الإصلاحات الاقتصادية تُنفذ حزمة كاملة، ولا بد من ضمان مجانية التعليم والصحة وتوفير خدمة مواصلات جيدة

وتابع: "هنا أغلب النشاط الزراعي على جروف النيل الأزرق، ولا يمكن أن يحصل المنتجون على الوقود المدعوم، وبالتالي يتم شراء الديزل لتشغيل ماكينات الري من السوق الأسود بسعر أربعة آلاف جنيه لأربعة جالونات، وإذا ما باعت الحكومة الوقود بالسعر القديم، فإن المزارع سيحصل عليه بسعر (1200) جنيه، بالتالي أصبح الفرق شاسعًا.

ورغم أن الحكومة بررت تحرير الوقود بسبب توقف انسياب المشتقات النفطية نتيجة لصيانة مصفاة الخرطوم، إلا أن السوق الموازي للوقود في ولاية سنار هو الأكثر نشاطًا بحسب خالد اليسع، والذي يُشدد على أزمة الوقود خلقت طبقة تجارية تربح من بيع الوقود في السوق الموازية، وهي تجارة نشطة جدًا.

وفور تنفيذ زيادة الوقود، خلت المحطات بولاية الخرطوم من السيارات التي كانت تصطف في طوابير طويلة، وذلك لأن سعر تعبئة خزان الوقود يترواح ما بين (7) آلاف جنيه و(12) ألف حسب نوع السيارة وسعة الخزان.

وانتقد القيادي في الحرية والتغيير وعضو مجلس الشركاء، عمر الدقير، في حديث لـ"الترا سودان"، لجوء الحكومة إلى زيادة الوقود وعدم الشفافية مع الشعب، على حد قوله.

وأضاف الدقير: "الإصلاحات الاقتصادية تُنفذ حزمة كاملة، ولا بد من ضمان مجانية التعليم والصحة وتوفير خدمة مواصلات جيدة لأن هذه الأشياء تحفز المواطن مقابل زيادة سعر الوقود حتى يتمكن من تحمل الآثار الاقتصادية، لكن الحكومة تقوم بإجراءات قاسية جدًا".

ورغم أن الحكومة الانتقالية تؤكد مرارًا على أنها تدعم الإنتاج بتحويل الدعم إلى المنتجين، إلا أن وقود الزراعة لا يمكن الحصول عليه في الوقت الراهن بسبب غياب المؤسسات المعنية بالزراعة، وعدم وجود جهاز فعال لتوزيع الوقود على القطاعات المنتجة، وأدت زيادة الوقود إلى رفع تكلفة الإنتاج.

اقرأ/ي أيضًا: توقيع مذكرة تفاهم بين المؤتمر السوداني وحركة جيش تحرير السودان

ويؤكد خالد اليسع، أن المزارعين في ولاية سنار يشترون الوقود من السوق الموازي، وإذا كانت الحكومة تصادق على كميات من "الديزل" المدعوم، إذًا أين تذهب هذه الكميات؟ ويتساءل مرة أخرى، كيف للحكومة أن تضمن وصول الوقود المدعوم إلى القطاعات المنتجة؟ واستدرك: "لا بد من بناء مؤسسات أولًا قبل اتباع الحلول السهلة".

زيادة الوقود رفعت المحاصيل المحلية أكثر من المستوردة 

بينما يرى خالد طارق، وهو مزارع من الولاية الشمالية، أن تكلفة زراعة فدان القمح وحتى مرحلة الإنتاج وعند تسليم الحكومة للطن، تبلغ (300) دولار، أما إذا لجأت الحكومة إلى الاستيراد؛ ستقوم باستيراد طن القمح بـ (220) دولارًا، ما يعني أن الزراعة التي تود الحكومة الاعتماد عليها لن تكون مجدية في ظل زيادات متوالية للتكلفة مثل الوقود، ومدخلات الإنتاج التي تتأثر بزيادة أسعار الوقود، إلى جانب ارتفاع النقل والشحن، وجميعها عوامل متسلسلة.

اقرأ/ي أيضَا

 أسرة قتيل الكلاكلة تطالب الشرطة والنائب العام بالكشف عن الجناة

ختام مباحثات الحدود السودانية الإثيوبية المنعقدة بالخرطوم وبيان مشترك