تعد الفنانة فائزة عمسيب واحدة من أهم رائدات العمل المسرحي والثقافي بالسودان، ولها مشوار طويل حافل بالأعمال الفنية المتنوعة، من المسرحيات إلى شاشة التلفاز والأعمال السينمائية والإذاعية. وشاركت في كثير من الأعمال الدرامية خارج أرض الوطن، إضافة لتكريمها في مناسبات فنية مختلفة وعديدة.

ولدت فائزة عمسيب بمدينة رفاعة في العام 1942، وتربت بمدن السودان المختلفة نسبة لظروف عمل زوج خالتها الأسرة التي أشرفت على رعايتها في سنواتها المبكرة. تقول فائزة لـ"الترا سودان"، تنقلت بين "سواكن" و"بورتسودان" إلى "سنكات" ومنها إلى "ودمدني" و"أم درمان". وأكدت سفرها في سنوات مبكرة إلى جنوب اليمن، وعاشت بمدينة "المكلا" عاصمة إقليم حضر موت.

تنقلت فائزة عمسيب بين سواكن وبورتسودان إلى سنكات ثم مدينة عطبرة ومنها إلى ودمدني وأم درمان

تروي الفنانة فائزة قائلة عن هذه الفترة: "كان تعليم الفتيات للمرحلة الابتدائية، ثم تواصل الفتاة تعليمها على يد مقرئ للقرآن الكريم بالمنزل"، وعادت فائزة من اليمن لاستكمال دراسة المرحلة الوسطى بالسودان، إبان فترة خمسينات القرن الماضي.

اقرأ/ي أيضًا: "الكتابة النسائية".. أداة تغيير وصوت مقاومة

تَنقُّل الفنانة فائزة عمسيب بمختلف مدن السودان، ساهم في إثراء ثقافتها وصقل مواهبها بسنٍ مبكرة، وتعلمت الانفتاح على ثقافة الآخر المختلف ومعرفة واسعة بالثقافات المحلية.

بعد مرحلة التخرج، عملت فائزة عمسيب بمهنة التعليم، وعملت بقرى مختلفة بأرجاء السودان، تصفها بالقول "أغلب عملي كان بالأرياف"، وواصلت "في مدينة رفاعة دخلت السينما، وأكاد أكون الوحيدة من البنات اللاتي دخلن السينما، نظرًا لتمسك المجتمع بالتقاليد والعادات" 

تزامنًا مع حضور فائزة عمسيب للسينما بمدينة "أم درمان"، شاهدت فتيات الحرس الوطني. فاتصلت بإدارة الحرس وتم قبولها. ورافقت إبان تلك الفترة عددًا من أفراد المسرح القومي مثل مدير المسرح "محجوب الحارث"، والذي اكتشف ميولها الفنية وموهبتها الكبيرة بمجال التمثيل، وشاركت بأول أعمالها الفنية في العام 1973 عبر مسرحية "حصان البياحة" من تأليف الدكتور يوسف عيدابي. 

عرس الزين 1976

فيلم عرس الزين مقتبس عن رواية "الطيب الصالح" التي تحمل ذات الأسم. وهي من إخراج الكويتي خالد الصديق. ونال الفيلم الجائزة الذهبية الأولى بمهرجان "أوهايو" في العام 1980، ونجح الفيلم في عكس البيئة البرية والتنوع الثقافي، حيث تدور أحداث القصة.

عمسيب: طاقم العمل لم يواجه صعوبات أثناء تصوير فيلم عرس الزين

قالت فائزة عمسيب إن الفيلم تم تصويره بضواحي الخرطوم، وتواصل قائلة "إن طاقم العمل لم يواجه صعوبات أثناء تصوير العمل". 

تاجوج 1977

يعد فيلم تاجوج أول فيلم روائي طويل بالسودان، إخراج جادالله جبارة. يروي التراث السوداني عبر قصة حب تدور أحداثها بشرق السودان، كما يعد الفيلم واحدًا من أفضل الأفلام الأفريقية.

اقرأ/ي أيضًا: "حاحاي الكلاب".. فيلم سوداني يفوز بجائزة مهرجان سوس للفيلم القصير

ووصفت فائزة عمسيب العمل مع المخرج جادالله جبارة بالممتاز والمتقن. وتم التصوير في القرية التي دارت فيها القصة الحقيقية لتاجوج.

عرق البلح 1996

تقول فائزة عمسيب إن المخرج رضوان الكاشف، شاهد أدائها بأفلام سابقة مثل "عرس الزين"، وسجلت أحداث الفيلم بمنطقة "الواحات" ويحكي قصة مجموعة من نساء قرية يعشن بصحبة العجائز من الرجال بعد سفر الآخرين للعمل بإحدى دول الخليج. وشارك الفيلم بعدة مهرجانات عالمية.

احتفاء متواصل

اختارت مجموعة من الدراميات السودانيات الاحتفال بيوم المرأة العالمي 8 آذار/مارس 2021 بمنزل الفنانة فائزة عمسيب. تكريمًا واحتفاءً بمسيرتها الفنية الطويلة، وما قدمته للدراما السودانية.

ووصفت عمسيب الأجيال الجديدة من الدراميات بالموهوبات، مؤكدة على أهمية التواصل بين الأجيال. 

اقرأ/ي أيضًا: سوداني يفوز بجائزة المعهد الأفريقي لزمالة أفريقيا العالمية للترجمة

دخلت الفنانة فائزة عمسيب المجال الفني والدرامي في العام 1973، وتقول بأنها وجدت مسرحًا منظمًا، ومكاتب للأزياء والديكور، والحكومة تشرف على الدعاية. وتابعت حديثها بالقول: "تدهور المسرح لاحقًا، ويعاني الممثل ماديًا لإنتاج الأعمال الدرامية"، وطالبت الدولة بتوفير أشكال الدعم المختلفة للممثلين. وتوفير فرص عمل لخريجي معهد الدراما وفتح أبواب المسارح بمدن السودانية، لتوظيف خريجي الدراما، ومساعدة الشباب لعكس الثقافات المحلية، والتحفيز لإنتاج أعمال درامية.

اختارت مجموعة من الدراميات السودانيات الاحتفال بيوم المرأة العالمي بمنزل الفنانة فائزة عمسيب تكريمًا واحتفاءً بمسيرتها الفنية الطويلة

الجدير بالذكر، أن وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة تتناقل بين حين وآخر شائعات عن وفاة الفنانة فائزة. ترد عمسيب على هذه الشائعات بقولها " الأعمار بيد الله"، وتصفها بشائعات مجهولة المصدر، وتؤكد أنها لا تسبب لها إزعاجًا لأنها بصحة جيدة وموفورة العافية.

بمنزلها الكائن بشارع السيسي بأم درمان، كان لقاؤنا مع الفنانة فائزة عمسيب، وبالرغم من ظروف المرض، لا تفارق الابتسامة شفاهها، استعدنا معها أحاديث وذكريات عن أهم محطاتها الفنية.

اقرأ/ي أيضًا

 في الذكرى 90 لميلاد فنان إفريقيا.. 2022 عام للاحتفاء بـ"محمد وردي"

رحيل القدّال.. شاعر السودان الكبير