كل الاحتمالات كانت واردة في حرب السودان عدا "سيطرة " قوات الدعم السريع على المقر الرئيسي لقوات الاحتياطي المركزي التابعة لوزارة الداخلية، وهي قوات شرطية لديها قدرات قتالية وأسلحة ثقيلة ومركبات الدفع الرباعي وحتى المدرعات الصغيرة حيث نشرت قوات دلقو مجموعة من الصور ومقاطع فيديو تحدثت عن حصولها على هذه "الغنائم".
ليومين متتاليين شنت قوات الدعم السريع هجومًا على مقر الاحتياطي المركزي جنوب العاصمة السودانية، وفي اليوم الأول تمكن سلاح الجو من إبعاد هذه القوات عن البوابة الرئيسية حسب شهود.
يقع مقر قوات الاحتياطي المركزي جنوب الخرطوم في طريق رئيسي يؤدي إلى أحد أكبر معسكرات الدعم السريع وهو معسكر طيبة في جبل أولياء
وقوات الاحتياطي المركزي هي قوات نخبة من الشرطة السودانية تتميز بقدرات قتالية عالية إلى جانب العمل في مكافحة الشغب، ويقع هذا المقر جنوب العاصمة في طريق رئيسي يؤدي أيضًا إلى أحد أكبر معسكرات الدعم السريع وهو معسكر طيبة في جبل أولياء. المسافة بين المعسكرين حوالي (50) كيلومترًا، وبينهما مناطق مأهولة بالسكان الذين وجدوا أنفسهم بين معسكرين للدعم السريع جنوب الخرطوم.
حاول الجيش منع دخول الدعم السريع إلى مقر الاحتياطي المركزي باستخدام سلاح الطيران لكن هذا التكتيك لم يكن فعالًا مع صعوبة تحريك مشاة على الأرض، فالطريق إلى هذا المعسكر يمر بشوارع تسيطر عليها قوات الجنرال دقلو ما يعني المواجهة العسكرية قبل الوصول والمساندة العسكرية.
علاوة على ذلك بالنسبة للجيش هناك موقع إستراتيجي أكثر أهمية من أي موقع آخر وهو مقر سلاح المدرعات في منطقة الشجرة جنوب الخرطوم على بعد أقل من (25) كيلومترًا جنوب القيادة العامة، سيما مع محاولات الدعم السريع منذ أربعة أسابيع قصف هذه القاعدة العسكرية التي تعد من "أعرق مقار الجيش"، حيث تنتشر قوات حميدتي شرق وجنوب أحياء العشرة وجبرة القريبة من "المدرعات ".
أقر الجيش في بيانه اليوم الاثنين بسيطرة الدعم السريع على معسكر الاحتياطي المركزي، وقال إن هذا المقر يخص الشرطة، وبما أنها تحمي المدنيين فإن ما فعله الدعم السريع يجب أن يجد الإدانة من المجتمع الدولي - بحسب البيان.
معركة الاحتياطي المركزي التي انتهت في وقت متأخر من الليل جنوب العاصمة أسفرت عن مقتل (14) مدنيًا، بينهم اثنان من الأطفال نقلوا إلى المستشفى التركي القريب من منطقة الكلاكلات، إلى جانب (270) إصابة وفق ما ذكرت غرفة طوارئ لجان الكلاكلة اليوم الاثنين.
فقد الجيش جنوب العاصمة السودانية اثنين من أبرز المواقع وهما "مصنع اليرموك" و"الاحتياطي المركزي"، وخلال اليومين المقبلين من المتوقع أن تشتد المعارك في هذه المناطق، إذ يحاول الجيش استعادتهما أو على الأقل إضعاف وجود الدعم السريع. واليوم تحدث شهود عن قصف مسيرة تابعة الدعم السريع مركبة عسكرية في منطقة الكلاكلة شرق قرب محطة "نوباتيا" أسفر عن إصابة مدنيين كانوا على متن حافلة صغيرة.
يؤكد المحلل العسكري عزالدين أحمد باب الله في حديث "الترا سودان"، أن الجيش لم يكن يضع في الحسبان فقدان مركز رئيسي مثل مقر الاحتياطي المركزي الذي يمثل "خط الحماية" إذا حاول الاستيلاء على معسكر طيبة الذي يمثل نقطة إمدادات الدعم السريع جنوب العاصمة.
ويرى هذا المحلل أن خسارة المعارك من الأشياء الرائجة في النزاعات المسلحة ولا تمثل نقطة النهاية، وقد تكون بداية صحيحة لكن هذا يعني أن الجيش لن يوافق على الذهاب إلى التفاوض قبل تحسين موقفه الميداني.
يوضح عزالدين أحمد أن الجيش يدير معركة على المدى الطويل وغير متعجل، وفي نهاية المطاف هناك معادلات دولية وإقليمية قد ترجح كفته.
