08-يوليو-2022
""

تؤكل المرارة نيئة في أغلب الأحيان

يستمد طبق "المرارة" من اسمها المذاق والشكل. ويُقدّم كأول طبقٍ في البيوت السودانية صباح عيد الأضحى. وتناول "المرارة" من الطقوس التي يحرص عليها السودانيون وكأنها تشعرهم بالمذاق الفيزيائي لـ"العيد الكبير" كما يطلقون عليه شعبيًا.

اختصاصي تغذية: المرارة لا تفيد جسم الإنسان بشيء سوى المتاعب والأضرار وعُسر الهضم وعلى المدى البعيد تسبب مرض "القاوت"

تُعد "المرارة" (وهي من "المحدقات السودانية") الأكثر طلبًا في صبيحة عيد الأضحى. ويميل السودانيون إلى تبديد الوقت في انتظار استواء اللحوم على النار بتقطيع "المرارة" وإعدادها، وتتكوّن من قطِع من أحشاء الخروف و"المرارة" والكبدة، وحتى يصبح طعمها مستساغًا و"حادقًا" يُضاف إليه الليمون وطحين الفول السوداني.

في الأعوام الأخيرة. ومع تزايد اهتمام السودانيين بتناول "المرارة"، أصبحت تباع في المطاعم الشعبية وفي محلات بيع اللحوم خاصةً وأن لدى البعض رغبة شديدة في تناولها بين الحين والآخر، بدلًا عن انتظار المناسبات الاجتماعية.

لكن بالنسبة إلى السودانيين الذين يهتمون بتجهيز هذا الطبق بأنفسهم فالأمر لا ينفكُّ عن عيد الأضحى الذي لا يتكرر سوى مرة واحدة في كل عام، خاصةً وأن إعدادهم للطبق بأنفسهم يعزز شعورهم بالثقة في مكوناته الغذائية؛ لذا يعمدون إلى إعداد طبق شهي من "أم فتفت".

https://t.me/ultrasudan

ومن الطقوس الشائعة في السودان أن يُقدّم طبق "المرارة" من دون طهي، ويفضّلون تناولها نيئةً مع إضافة "المحدقات" والموالح مثل الليمون وطحين الفول السوداني والبصل والشطّة، وهي وجبة محدودة لاعتمادها على حجم المرارة في الخروف وقطِع من الأحشاء والكبدة، ويُفضّل عدم الاحتفاظ بها طويلًا؛ ولذلك فإنّ أيّ تأخير يعني أنك لن تجد "المرارة" وستكون قد فوّتَ طقسًا مهمًا من طقوس العيد.

حتى الآن لم تُجرَ دراسات صحية عن الفوائد المحتمَلة لهذه الوجبة؛ لكن هناك محاذير صحية من أنها تسبب مشاكل باطنية إذا لم تُغسل جيدًا. ولتجنّب هذه المتاعب فإنّ لدى بعض العائلات طقوس خاصة في تجهيز "طبق المرارة" بغسلها جيدًا وأحيانًا باستخدام المياه الغازية لضمان نظافتها وخلوها من الجراثيم.

ويقول اختصاصي التغذية أحمد عبدالمنعم لـ"الترا سودان" إن المرارة لا تفيد جسم الإنسان بشيء سوى المتاعب والأضرار وعُسر الهضم وعلى المدى البعيد تسبب مرض "القاوت" الذي يؤثر على الكليتين.

ويرى عبد المنعم أنه من الصعب منع تناول المرارة في المجتمع السوداني الذي يمارس هذه الطقوس في العيد سنويًا خاصةً في ظل سوء الوضع المعيشي وانعدام الخيارات لدى الغالبية.

من الصعب تحديد حقبة زمنية لظهور طبق "المرارة" في السودان؛ فهي عادة تمارس منذ سنوات طويلة. ورغم يقين المجتمع من أضراره ومن تسببه في نقل البكتريا والجراثيم الضارة من أحشاء الخروف إلى جسم الإنسان خاصةً وأنها لحوم غير مطبوخة على النار، لكن نادرًا ما يُقرّر أحدهم تركها بسبب المخاطر الصحية.

بعض الروايات المتداولة بين المؤرخين السودانيين تقول إن "المرارة" وجبة عصر ما قبل تطور حركة المجتمعات، وهي من العصور القديمة خاصةً وأنها لا تعرض على النار ما يعني ظهورها مع الإنسان البدائي.

سأل مراسل "الترا سودان" الشاب عبدالله حسن الذي يقطن في حي المعمورة شرقي الخرطوم عما إذا كان يتناول "المرارة" صباح عيد الأضحى، فأجاب: "نعم انتظرها منذ وقت طويل، وأحيانًا أقوم بإعدادها بنفسي واستغرق وقتًا طويلًا وقد نجتمع مع الجيران لتناولها".

ويُشير اختصاصي التغذية أحمد عبدالمنعم إلى أنّه لو أجرت المؤسسات الصحية ومراكز البحوث أبحاثًا عن المرضى المداومين على تناول "المرارة" واللحوم غير المطبوخة خلال السنوات الماضية، فربما نكتشف أن هناك أعدادًا كبيرةً منهم عانت من مشاكل صحية بسبب اللحوم النيّة.