تشكل أسعار الغذاء مشكلة بالنسبة للمدنيين في السودان، بعد ثمانية أشهر من الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع، التي تمس عصب الحياة اليومية.
وحول الحياة اليومية في ظل الحرب، يقول حسن (33 عامًا)، والذي يعمل في مجال الاستثمار الصغير، إنه لا يعثر على دخل يومي، يمكنه من شراء احتياجات المنزل الضرورية، ما يجبره على بيع بعض المنتجات التي تدخل الى مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمالي البلاد، من دولة مصر مثل "المكسرات" وأغذية الأطفال والحلويات.
يقول الباحث الاقتصادي محمد إبراهيم في حديث مع "الترا سودان"، إن السودان يقترب من مرحلة الشح الكامل للطعام
وقبل أن يترك حسن المنزل في الخرطوم بحري، كان يدير شركة لتأجير السيارات لم يعثر على السيارات التي نهبت واحدة تلو الأخرى. على الرغم من هذه الصعوبات والأزمة المالية التي تحاصره، لكنه يأمل في تدبير معيشته بمدينة عطبرة الواقعة على بعد 400 كيلومتر شمال العاصمة الخرطوم.
ويقول حسن في لقاء مع "الترا سودان"، إن الحياة قاسية ولا يتمكن في بعض الأحيان من جني المال في تجارته، ويضطر إلى الاستدانة من الأصدقاء المقيمين خارج البلاد، ولا يدري إلى متى يستمر هذا الوضع، مع سؤال حاضر دومًا "عما إذا كانت الحرب ستتوقف قريبًا؟".
ووضعت حرب السودان نحو 7.2 مليون شخص في خانة النزوح واللجوء وفقدان أصول بمليارات الدولارات، إذ تعرضت العديد من الشركات والمكاتب التجارية والمتاجر، إلى النهب في العاصمة الخرطوم.
والنهب والسلب طال الأصول، مثل السيارات التي تخص المواطنين والشركات والمؤسسات الحكومية، وشمل إقليم دارفور، خاصةً مدن نيالا والجنينة وزالنجي، وأجزاء من ولاية الجزيرة.
وللتغلب على شح الغذاء، يقوم متطوعون مثلًا في حي شمبات الواقع تحت سيطرة الدعم السريع بالخرطوم بحري، بطهي الطعام في الشارع، ويتم توزيعه على السكان الذين لم يتمكنوا من النزوح أو فضلوا البقاء بين خطوط القتال تجنبًا لمشقة الحياة في الولايات.
وتقول سناء التي تقيم في حي شمبات بالخرطوم، عن أن التنقل بين خطوط قتال، قد يستمر لساعات، في ظل إطلاق المدافع. مشيرةً إلى أن "الأمور تسير نحو الأسوأ، لقد ارتفعت الأغذية التي كانت تدخل العاصمة بعد استيلاء الدعم السريع على أجزاء من ولاية الجزيرة. موضحةً القول: "قفزت أسعار الغذاء والمستهلكات الحياتية بنسبة 50% عما كانت عليها الشهر الماضي".
ويحذر محللون اقتصاديون، من انسداد نوافذ انسياب الغذاء إلى المدن، جراء تمدد القتال، نحو ولايات وسط البلاد وتوقف دورة الإنتاج الزراعي وزيادة أعداد النازحين، وهم من كانوا ينتجون الغداء.
ويقول الباحث الاقتصادي محمد إبراهيم في حديث مع "الترا سودان"، إن السودان يقترب من مرحلة الشح الكامل للطعام، لأن ولايتين كانتا تشكلان عماد الزراعة والإنتاج، دخلتا ضمن نطاق القتال وهما ولاية الجزيرة وأجزاء من سنار، كما أن ولايات أخرى مثل النيل الأبيض وشمال كردفان التي كانت تشكل من روافد إنتاج الماشية تأثرتا بالاضطرابات والقتال.
ويضع إبراهيم جملة من المطلوبات، لإنقاذ الملايين الذين تأثروا بالحرب بإدخال المساعدات عبر ممرات آمنة، إلى جانب الضغوط القوية لوقف الحرب.
وضعت حرب السودان نحو 7.2 مليون شخص في خانة النزوح واللجوء وفقدان أصول بمليارات الدولارات
بالمقابل، يشرح المستشار السابق في منظمة دولية علي الحاج أحمد، جملة من الأسباب التي تجعل الوضع الإنساني في السودان مضطربًا، مثل عدم وجود ضغوط دولية على طرفي القتال لفتح الممرات وتنفيذ اتفاق جدة لعمل المنظمات في مناطق سيطرة الطرفين، وهو اتفاق موقع في تشرين الثاني/نوفمبر 2023.
ويرى الحاج، أن عدم وجود ممرات آمنة أدى إلى مفاقمة أسعار الغذاء والسلع، لأن الشاحنات تسلك طرق بديلة وبعيدة ومكلفة خاصة مع شح الوقود وارتفاع أسعاره.