اقترب الدولار الأمريكي في السوق الموازي بالسودان من حاجز الـ(1000) جنيه مقابل واحد دولار أمريكي، خاصة في الولايات البعيدة نسبيًا من دائرة القتال بين الجيش والدعم السريع، في زيادة قد تنعكس على الأسواق وارتفاع تكلفة المعيشة لدى ملايين المواطنين.
يقول مدنيون يشكلون ائتلافًا مناهضًا للحرب إن فترة ما بعد الحرب تحتاج إلى خمسة مليارات دولار لإعادة السودان إلى مسار اقتصادي مقبول
وبلغ سعر الدولار في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل الواقعة شمال البلاد (950) جنيهًا عند بداية التداولات اليوم الأحد، فيما بيعت كميات من النقد الأجنبي بسعر (980) جنيهًا أيضًا حسب المتعاملين في السوق.
وقال متعامل لـ"الترا سودان" إن كمية العرض هي التي تحدد السعر؛ إذا كانت كبيرة السعر يرتفع ويتخطى (980) جنيهًا، وإذا كانت كمية أقل يباع الدولار بـ(950) جنيهًا.
وأردف مشترطًا عدم نشر اسمه: "في نهاية المطاف يجب أن تضع في تصوراتك أن الدولار الواحد في السودان يساوي ألف جنيه".
ويأتي الارتفاع المتسارع للدولار الأمريكي في السوق الموازي بالسودان في ظل تدخلات حكومية للسيطرة على الانفلات، لكن محللون اقتصاديون يقولون إن الأمر خرج عن السيطرة منذ بداية الحرب، ولا يمكن ضمان واردات الذهب حتى تباع لجلب العملات الصعبة في ظل استمرار الحرب.
وأوضح نادر حسن وهو باحث اقتصادي لـ"الترا سودان" أن سوق الذهب في السودان بعد الحرب تأثر بقوة وخسر العديد من النقاط الإيجابية؛ أبرزها نقص الإنتاج وبالتالي القوة التي كانت تساند الجنيه السوداني متراجعة في الوقت الحالي بسبب القتال.
وقال إن البنك المركزي لم يعد بكامل عافيته خلال الحرب على الرغم من نقل مقره إداريًا وفنيًا إلى مدينة بورتسودان شرقي البلاد بسبب الوضع في العاصمة الخرطوم، والشركات المنتجة للذهب أيضًا لن تتمكن من الوفاء بالطلبات التي كانت توفرها لغرض الصادرات.
وتابع: "في ذات الوقت الاستيراد للسلع الاستهلاكية من دول الجوار يلتهم العملات الصعبة المتوفرة.. أنظر أيضًا إلى استيراد الوقود بواسطة الشركات أين سيجدون العملات الصعبة؟".
وفي موجة ارتفاع كانت هي الاسوأ منذ اندلاع الحرب الشهر الماضي في قطاع العملة الصعبة، عزا وزير المالية جبريل إبراهيم في تصريحات لوكالة السودان حينها - عزا الارتفاع إلى استيراد الوقود بشراء العملات الصعبة من الأسواق.
ومنذ الانقلاب العسكري في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 توقف العمل بنظام المزادات لدى البنك المركزي والذي كان يوفر أسبوعيًا لـ"سلة الاستيراد" نحو (60) مليون دولار في المتوسط، وهذه الإجراءات عملت على إحداث استقرار في سعر الصرف وإبقاء الجنيه في حدود (430) جنيهًا، واليوم يباع مقابل الدولار الأمريكي بسعر (980) جنيهًا.
وكان نائب مدير البنك المركزي السابق فاروق كمبريسي قد صرح لـ"الترا سودان" بأن الإجراءات الاقتصادية والمالية التي اتبعها المركزي في ذلك الوقت كانت تستهدف انخفاض الدولار الأمريكي ليباع بسعر (325) جنيهًا في العام 2023.
المدنيون يسعون إلى تشكيل ائتلاف موسع لمناهضة الحرب وتشكيل واقع سياسي جديد عقب الاتفاق على وقف الحرب في منبر جدة بين الجيش والدعم السريع برعاية سعودية وأميركية، يقولون إن الوضع الاقتصادي من أولويات الحكومة المدنية التي تتولى الأمور في السودان حال توقف النزاع المسلح.
وقال مصدر من القوى المدنية لـ"الترا سودان"، إن السودان يحتاج إلى "عون دولي اقتصادي" لا يقتصر على المساعدات الإنسانية فقط لأن الانهيار الاقتصادي قد يؤدي إلى الاضطرابات، لذلك من المهم الحصول على مليارات الدولارات لبناء ما دمرته الحرب، لافتًا إلى اعتقاده أن ذلك ممكن إذا جاءت حكومة مدنية تحظى بثقة الفاعلين الدوليين.
مصدر من القوى المدنية لـ"الترا سودان": السودان يحتاج إلى خمسة مليارات دولار ليكون على الطريق الصحيح اقتصاديًا
وأضاف: "السودان يحتاج إلى خمسة مليارات دولار ليكون على الطريق الصحيح اقتصاديًا. وربما يوافق صندوق النقد الدولي على إعادته مشاريعه إلى البلاد، لأن المدنيين لديهم القدرة على "التطبيع" مع المؤسسات الدولية".
وتابع: "نأمل بقوة أيضًا في دعم خليجي خاصة السعودية لأنها ترعى الملف السوداني، ولديها قدرة على ضخ استثمارات جديدة".