16-يونيو-2023
تصاعد دخان في الخرطوم

الخرطوم (Getty)

قرر نزار (29 عامًا) مغادرة منزله مع شقيقه عقب اندلاع المعارك جنوب العاصمة الخرطوم في أعقاب شن الدعم السريع هجومًا على مصنع "اليرموك" للذخيرة المملوك للجيش الذي قال إن قوات حميدتي فشلت في الاستيلاء عليه.

لم تفلح المنظمات الدولية في إيجاد ممرات آمنة في الخرطوم لصعوبة الوضع الأمني وانتشار الارتكازات العسكرية

يقع منزل نزار في حي "جبرة" في الناحية الشمالية من مصنع "اليرموك"، ويطل على شارع رئيسي تستخدمه قوات الدعم السريع في الوقت الحالي، وأحيانًا تنشر الارتكازات في جميع المواقع المحيطة به.

النجاة من قوات الداعم السريع وأسئلتهم وأحيانًا شكوكهم في الانتماء إلى الاستخبارات العسكرية "مهمة شاقة"، إن نجحت في تجاوزها، فربما لا تنجو من أعمال النهب التي تنتقل إلى المناطق التي تشهد عمليات العسكرية، بل تظل هدفًا لعصابات النهب التي تفضل "افتتاح أحياء جديدة في قائمة المناطق المنهوبة" أملًا في جني المزيد من المال.

كانت الأحياء الواقعة جنوب الخرطوم بحسب ما يقول نزار بمنأى نسبيًا عن المعارك العسكرية لأسابيع؛ حتى أن الأسواق المجاورة مثل سوق الكلاكلة اللفة انتعشت بإقبال غالبية سكان جنوب الخرطوم عليها، بما في ذلك سكان أحياء جبرة والصحافات، لكنها الآن أصبحت في مرمى النيران بين القوتين المتحاربتين.

https://t.me/ultrasudan

قال نزار: "في المعركة الأخيرة حول مصنع اليرموك وصلت المقذوفات إلى أحياء جبرة، واستخدمت قوات الدعم السريع منطقة جبرة لتطويق اليرموك من الناحية الشمالية، وتقدمت إلى الجنوب. وأضاف: "سقط مدنيون، ودفنوا قرب منازلهم". "لم يكن بالإمكان نقل الجثامين إلى مشرحة أو مقبرة" – أردف نزار بحسرة.

"ينتابك شعور حزين وخوف" –والحديث لنزار– عندما تقوم بدفن الموتى الذين سقطوا جراء المعارك داخل منازلهم أو قربها، لعدم توفر مستشفى أو مشرحة لاستلام الجثامين. "إن حرب السودان فوضوية للغاية، وإذا استمرت فستشهد أعمال عنف وانتهاكات لم يشهدها العالم منذ سنين" – يضيف هذا الشاب في مقابلة مع مراسل "الترا سودان".

لم تفلح المنظمات الدولية، بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في إيجاد ممرات آمنة في الخرطوم لصعوبة الوضع الأمني وانتشار الارتكازات العسكرية، خاصةً التابعة لقوات الدعم السريع. ويقول حقوقيون إنها تعتقل العدد الأكبر من المدنيين المختفين قسريًا والبالغ عددهم نحو (400) شخص.

جانب من آثار الدمار في الخرطوم
فقد الكثير من المواطنين بيوتهم في الخرطوم بسقوط المقذوفات جراء المعارك (Getty)

اضطر نزار وشقيقه إلى ترك منزلهم. ورغم حرصه على إغلاق الأبواب بإحكام، لكنه يرى أن النهب إذا وجد طريقًا إلى المنزل، فلن يجد صعوبة في تحطيم الأقفال إما بالرصاص أو معاول عصابات النهب.

وقال نزار إن العصابات تشكل خطورة كبيرة على المدنيين الذين قرروا عدم مغادرة منازلهم في الخرطوم؛ لأنهم في بعض الأحيان يقتلون في سبيل النهب.

أثناء مغادرته جنوب الخرطوم نحو ولاية الجزيرة وسط البلاد، شاهد نزار أسواق أقامَتها عصابات النهب على الطرقات داخل العاصمة لبيع الأجهزة الكهربائية وأسطوانات الغاز والمواد التموينية، جميعها نهبت من مستودعات الشركات ورجال الأعمال والمنازل، وتباع بأسعار زهيدة للتخلص منها سريعًا وجني المال.

ويقول نزار إذا أدرت ظهرك للخرطوم فلن تفكر مجددًا في العودة إليها من هول ما تشاهده عند مغادرتها من حطام ودمار ونهب وحرائق، ولكنك تتمنى العودة إليها وهي بأمان لأنك لن تستطيع التأقلم خارجها – يوضح نزار.

بعض المحلات التجارية ومكاتب الشركات والخدمات على طول الشوارع الرئيسية جنوب العاصمة لم تنج –بحسب مشاهدات نزار– من النهب والدمار بفعل الأعمال الحربية التي ظلت تحكي كيف تحولت مدينة كالخرطوم صمدت كثيرًا في إبعاد الحرب عنها، لكنها لم تنج هذه المرة.