18-مارس-2024
العطا ومن خلفه خريطة تظهر فيها الإمارات

مساعد القائد العام للقوات المسلحة، عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن ياسر العطا

قبل أن ينجلي غبار معركة الجيش السوداني باسترداده لمباني الإذاعة والتلفزيون، فجر مساعد القائد العام للقوات المسلحة، عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن ياسر العطا، معركة من نوع آخر أربكت الساحة السياسية، وقد تغلق فرص أي مسارات للحل السياسي للحرب في السودان، حيث قطع العطا بأن الجيش لن يسلم المدنيين السلطة خلال الفترة الانتقالية، وأن الجيش سيحكم خلالها.

وعلى الرغم من أن العطا كان يخاطب قوى سياسية مدنية داعمة للجيش تحت لافتة تنسيقية القوى الوطنية، إلا أنه قال: "الجيش لن يسلم السلطة إلى قوى سياسية مدنية دون انتخابات، وفترة الانتقال رأس الدولة فيها سيكون قائد القوات المسلحة". العطا الذي قال تصريحاته من داخل قاعدة وادي سيدنا العسكرية، أطلق وعودًا بمحاسبة أي عميل وخائن مهما كانت مكانته.

محمد الفكي سليمان: المهم الآن الحديث عن إيقاف الحرب وليس القفز مباشرة للحديث عن تشكيل حكومة انتقالية في ظل واقع معقد جدًا

عضو مجلس السيادة السوداني السابق والقيادي بالتجمع الاتحادي محمد الفكي، وصف حديث الفريق ياسر العطا بالقفز على المراحل، وأضاف لـ"الترا سودان": "المهم الآن الحديث عن إيقاف الحرب وليس القفز مباشرة للحديث عن تشكيل حكومة انتقالية في ظل واقع معقد جدًا"، وأردف بأن الأولوية لوقف إطلاق النار والعمل الإنساني لإنقاذ ملايين السودانيين من الموت جوعًا".

كشف الحقيقة

فيما علق القيادي بحزب المؤتمر السوداني خالد عمر يوسف بوصف تصريحات الفريق ياسر العطا بأنها كشفت جانبًا من أهداف الحرب، وأنها ترسيخ لسلطة عسكرية استبدادية، وقطع الطريق أمام أي آمال في تحول مدني ديمقراطي في السودان.

وأضاف في تعليقه المنشور على صفحاته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، أن هذه الحرب هي امتداد لسلسلة طويلة من المؤامرات والتعديات لقطع الطريق أمام ثورة ديسمبر المجيدة.. بدايةً من فض اعتصام القيادة العامة، مرورًا بالتآمر على الفترة الانتقالية وخنقها بإثارة الاضطرابات الأمنية في أرجاء البلاد، وقفل شرق السودان واعتصام القصر مدفوع القيمة، وصولًا لانقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر وما تلاه من قمع للثوار واعتقالات تعسفية، انتهاءً بحرب 15 ابريل التي تتكشف حقيقتها يومًا بعد يوم. وأن موقفهم سيظل ثابتًا ضد الحرب ولن ينحازوا لأي طرف من أطرافها.

 تفويض الجيش

مصدر داخل تنسيقية القوى الوطنية، فضل حجب اسمه، قال لـ"الترا سودان" إنهم بصدد توقيع ميثاق سياسي مع الجيش يفوض الأخير لإدارة أي فترة انتقالية قادمة. وأضاف أن القوى السياسية داخل التنسيقية لم تتفق جميعًا على ذلك، ولكن "النقاش مستمر للخروج بقرار موحد"، حد قوله.

وأرجع هذا المصدر سبب تفويضهم للجيش للفشل الذي حدث خلال الفترة الانتقالية السابقة، والتي احتكرتها أحزاب الحرية والتغيير التي أوصلت البلاد لطريق مسدود قاد لنشوب الحرب، وأضاف: "تصورنا لفترة انتقالية يقودها الجيش ويشرف على تشكيل حكومة من شخصيات مستقلة تقودنا للانتخابات".

وفي 14 آذار/مارس 2024، التقت تنسيقية القوى الوطنية بقيادة رئيس الحركة الشعبية مالك عقار برئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، معلنين دعمهم للجيش في قتاله ضد قوات الدعم السريع.

حكومة المنفى

الناطق باسم قوى الحرية والتغيير، القيادي بحزب التحالف الوطني السوداني شهاب إبراهيم، يقول إن تصريحات الفريق ياسر العطا تؤكد دوافع وأسباب الانقلاب على الحكومة الانتقالية، وتوضح رغبة الجيش بالانفراد بالسلطة حتى في الظروف التي يعيشها الشعب السوداني بسبب الحرب.

وحول خيارات القوى السياسية في حالة تشكيل حكومة طوارئ من طرف القيادة العسكرية وهل سترد تنسيقية "تقدم" وقوى الحرية والتغيير بتشكيل حكومة منفى، يقول إبراهيم: "حتى الآن لم تتخذ القوى المدنية قرارًا باتجاه تكوين حكومة منفى".

المحلل السياسي حاتم إلياس يقول إن تصريحات الفريق ياسر العطا تأتي في إطار المناورات السياسية وممارسة ضغوط على القوى السياسية التي تعارض الحرب وتقف في الحياد، وأضاف لـ"الترا سودان": "من الوارد أن تكون مثل هذه التصريحات تمهيدًا للرأي العام لتشكيل حكومة طوارئ عسكرية، ومحاولة لفرض تصور مستقبلي يحمي مصالح المؤسسة العسكرية ويضمن لها التواجد في الساحة السياسية".

إلياس يضيف أن تشكيل حكومة من طرف واحد في ظل الأوضاع المعقدة حاليًا سيجد رفضًا داخليًا من القوى السياسية، بجانب أن المجتمع الدولي لن يسمح بتشكيلها. ولأن جهوده السابقة تعمل لوقف الحرب و التوصل لاتفاق شامل يفضي لتشكيل حكومة انتقالية يقودها مدنيون. وأردف: "في حالة ذهاب الجيش لتشكيل حكومة طوارئ سيغلق الطريق أمام أي اتفاق سياسي ويطيل أمد الحرب".

لقاء البرهان وتنسيقية القوى الوطنية

يذكر أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبدالفتاح البرهان، كان قد التقى بوفد تنسيقية القوى الوطنية برئاسة مالك عقار أير نائب رئيس مجلس السيادة رئيس التنسيقية، وبحضور عدد من قيادات التنسيقية، وذلك في الثالث عشر من الشهر الجاري.

وأكدت تنسيقية القوى الوطنية وقوفها مع القوات المسلحة، مشيدة بالانتصارات التي حققتها القوات. وأعلنت التنسيقية إدانتها للانتهاكات الإجرامية والإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، والتي وصفتها بـ"الميليشيا".

وأعلنت تنسيقية القوى الوطنية وقوفها مع الحوار السوداني - السوداني الذي لا يقصي أحدًا، ودعمها للمقاومة الشعبية. وكشفت عن أنها ستوقع ميثاقًا سياسيًا مع القوات المسلحة.

الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى الوطنية: أى عملية سياسية يجب أن لا تنطلق إلا بعد القضاء على الميليشيا المتمردة التي تريد اختطاف البلاد وتدميرها

وقال الناطق الرسمي بإسم تنسيقية القوى الوطنية، مصطفى تمبور في تصريح صحفي أنه تم إطلاع رئيس مجلس السيادة على نتائج المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الوطنية الديمقراطية.

وقال تمبور إن التنسيقية أكدت دعمها ومساندتها للقوات المسلحة وهي تخوض معركة الكرامة، وأن أى عملية سياسية يجب أن لا تنطلق إلا بعد القضاء على من وصفها بـ"الميليشيا المتمردة التي تريد اختطاف البلاد وتدميرها". وأضاف أنه تم خلال اللقاء الاتفاق على توقيع ميثاق سياسي بين القوات المسلحة وتنسيقية القوى الوطنية.