نددت لجنة أطباء السودان "المركزية" بامتناع وزارة المالية عن صرف مرتبات الأطباء بمختلف درجاتهم لشهر آيار/ مايو الماضي. ووصفت الخطوة في بيان لها الأسبوع الماضي بأنها "سابقة خطيرة" في تاريخ الخدمة المدنية.
ونوّه البيان بأن الأطباء وعموم الكوادر الطبية والصحية يعملون في "ظروف سيئة". وأردف: "يتحمل الأطباء عبء تسيير المرافق الصحية التي تنعدم فيها أبسط مقومات العمل والسلامة مع ضعف المرتبات والحوافز"، مما أدى –بحسب بيان اللجنة- إلى إنهيار تام في المرافق الصحية مع الهجرة اليومية لعشرات الأطباء.
لجنة أطباء السودان المركزية: "وزارة المالية حولت مرتبات الأطباء لصالح ميزانية قمع المواكب"
تواطؤ وزارة الصحة
في بيان الرابع عشر من حزيران/ يونيو قالت اللجنة إن وزارة المالية حولت مرتبات الأطباء لصالح ميزانية قمع المواكب. وذكرت اللجنة أن سلطة الانقلاب عبر وزارة المالية تثبت وبما لا يدع مجالًا للشك أن الانقلاب القائم قد فشل فشلًا ذريعًا في تسيير دولاب العمل وصرف استحقاقات العاملين. وانتقد البيان ما أسماه "الصرف غير المحدود" على ميزانية الشرطة والجيش والدعم السريع وقوات الحركات، فضلًا عن تحويل ميزانية العاملين إلى ميزانية قمع المواكب.
ووصف بيان اللجنة صمت وزارة الصحة الاتحادية بـ"المريب"، قائلًا إنه يجعلها "المتهم الأول" في القضية، ومضيفًا أنه "سقوطٌ مريعٌ" يضاف إلى الإخفاقات التي ما زالت تمارسها على منسوبيها. وأفادت اللجنة بأنها تواصلت مع بعض الإدارات المختصة في الوزارة لمعرفة أسباب تأخر صرف مرتب شهر آيار/ مايو الماضي، واتضح لها أن وزارة المالية أوقفت تغذية الحسابات بسبب مراجعة وضع الأطباء والوظائف حسب زعمها، مشيرةً إلى أن هذا الإجراء "داخلي وروتيني" تقوم به الوزارة مع نهاية السنة المالية. وأضاف البيان أن صدور القرار في هذا الوقت يعدّ استهدافًا للأطباء ومواصلةً لمسلسل العداء والاستهتار بالكوادر الصحية بسبب إصرارهم على العمل في هذه الظروف القاسية من سوء بيئة العمل وإنعدام الأدوية المنقذة للحياة وأدوية الطوارئ وضعف الرواتب والحوافز والبدلات – على حد تعبير البيان.
وفشلت كل محاولات "الترا سودان" في الحصول على رد من وزارة المالية على اتهامات لجنة الأطباء المركزية حول تأخر المرتبات، بينما تحصلنا على رسم بياني من لجنة الأطباء يبين الأيام التي تم فيها تعطيل صرف المرتبات طوال الشهور الفائتة.
تلويح بالتصعيد
طالبت لجنة الأطباء منسوبيها بضرورة الانتظام في لجان الإضراب من أجل انتزاع حقوقهم. وفي تصريحات لـ"الترا سودان" انتقد القيادي بلجنة الأطباء الدكتور حسام الدين الأمين ما أسماه "الموقف السلبي" لوزير الصحة المكلف وعجزه عن انتزاع حقوق الأطباء "في حدها الأدنى". وأضاف: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام الظلم وسنتخذ إجراءات تصعيدية صارمة بالتنسيق مع الكيانات الطبية الأخرى". وحدد حسام أطراف المعركة بأنها بين الأطباء ووزارتي الصحة الاتحادية والمالية. وبحسب حسام فإن إيقاف الرواتب شمل نواب الاختصاصيين وأطباء الامتياز والاختصاصيين وكل المضمنين في الكشف الموحد لوزارة المالية. وبحسب متابعات "الترا سودان" فقد تحصل الأطباء العاملون في وزارة الصحة بولاية الخرطوم على رواتبهم كاملة.
ويُقدر عدد الأطباء الذين لم يصرفوا رواتبهم بحوالي (8000) طبيب/ة بحسب حسام. وتتجه لجنة الأطباء نحو التصعيد في حال لم تلتزم المالية بدفع الرواتب تبدأ بالوقفات الاحتجاجية -بحسب حسام- ثم الإضراب عن الحالات الباردة فالإضراب العام. وتمنى حسام ألا يصلوا إلى هذه المرحلة؛ فالمستشفيات العامة لا تحتمل الإضراب وإن أغلقت أبوابها فلن تفتحها في وقت قريب وسيدفع المواطن الثمن - على حد تعبيره.
وفي سياق متصل، هددت نقابة أطباء السودان "الشرعية" باتخاذ خطوات تصعيدية مفتوحة. وأوضح رئيس النقابة أحمد الشيخ في تصريح لـ"الترا سودان" أن الخطوات (التي لم يكشف عنها) تأتي ردًا على عدم صرف رواتب الأطباء لشهرين متتاليين، واصفًا تمنّع وزارة المالية عن صرف المرتبات بـ"المؤامرة"، ومضيفاً أن وراء الخطوة أهداف قصد منها إغلاق الحوادث وإيقاف العمليات التي تجرى للمرضى مجانًا من قبل الأطباء؛ لجرهم إلى الدخول في إضراب – بحسب الشيخ. وتابع الشيخ أن "أوضاع المستشفيات لا تحتمل إضرابًا في الوقت الحالي".
رئيس نقابة أطباء السودان "الشرعية": "تمنّع المالية عن صرف رواتب الأطباء لشهرين متتاليين مؤامرة القصد منها إغلاق الحوادث وإيقاف العمليات المجانية"
وتأتي خطوة امتناع الحكومة عن صرف رواتب الأطباء في الشهور الفائتة امتدادًا لمعاناة القطاع الصحي شبه المنهار في البلاد، لتعيد المواجهة بين الحكومة وقطاع الاطباء الذين يرون أنها معركة بين الراغبين في استدامة التغيير والرافضين له. ويؤكدون أن حسمها يتم عبر إسقاط سلطة الانقلاب - وفقاً لتعبير بيان لجنة الأطباء المركزية.