27-يونيو-2022
الفنان السوداني محمد عبدالجليل

إلغاء حفل جماهيري في الخرطوم مؤشر للعودة إلى عهود التضييق على الأنشطة الثقافية

اعتذر الفنان محمد عبدالجليل لجمهوره عن إلغاء الحفل الذي كان مقررًا أن يحييه مساء السبت الماضي، بمسرح قاعة الصداقة بالخرطوم. وقال عبدالجليل في تصريحاتٍ لـ"الترا سودان"، إن جهاز المخابرات العامة "الأمن والمخابرات الوطني سابقًا" ألغى الحفل "من دون توضيح أسباب". ولم يستبعد عبدالجليل أن يكون للأمر علاقة بما يقدمه من أغنيات، خصوصًا في ظل التعبئة التي تسبق موكب الثلاثين من حزيران/ يونيو الجاري. 

الفنان محمد عبدالجليل لـ"الترا سودان"، جهاز المخابرات العامة ألغى الحفل "من دون توضيح أسباب

 

وفي نهار السبت الماضي، كتب الفنان عبدالجليل الذي كان أحد أعضاء مجموعة "عقد الجلاد" الغنائية التي تقدّم أعمالًا فنيةً يغلب عليها "الطابع الثوري" وتدعو إلى "العدالة الاجتماعية" و"المقاومة" من أجل تحقيق الديمقراطية، قبل أن يتجه -عبدالجليل- إلى الغناء الفردي – كتب: "المتابعين الأعزاء، نأسف لإخباركم بأنه تم إلغاء الحفل المقرر إقامته مساء اليوم بواسطة جهاز الأمن".

ومن جهتها تأسفت إدارة مقهى "رتينة" الثقافي (الجهة المنظِّمة للحفل) لإلغاء الحفل. واعتذرت للجمهور ولكل المعنيين بالحفل، وللفنان محمد عبدالجليل وفرقته، ولقاعة الصداقة.

وكشف مدير المقهى عمر عشاري في تصريحاتٍ لـ"الترا سودان"، ملابسات إلغاء الحفل، قائلًا إنهم أُبلغوا شفاهيًا برفض جهاز الأمن التصريح بإقامة الحفل. وأوضح عشاري كيفية الحصول على إذن لإقامة الأنشطة الجماهيرية المعلنة وهو "تصديق" يُجنّب الحصول عليه مشقة تعريض أصحاب أجهزة الصوت لمخاطر المصادرة حال موافقتهم على العمل من دون تصريح. كما أن الصالات المغلقة تشترط وجود التصريح كضرورة لقيام المنشط – بحسب عشاري.

https://t.me/ultrasudan

وبيّن عشاري خطوات الحصول على "تصريح" في حالة الفعاليات الجماهيرية، قائلًا إنها تبدأ بتقديم طلب إلى شرطة الولاية، وتخاطب الشرطة جهتين -بدورها- هما المنطقة العسكرية وجهاز المخابرات العامة، مضيفًا أنه بعد موافقة الجهتين تُصدر الشرطة "الإذن النهائي" لقيام الفعالية. وأكّد أنهم تحصلوا على تصريحٍ من المنطقة العسكرية بالخرطوم قبل أسبوعٍ من موعد الحفل. 

وبحسب عشاري، فإن جهاز المخابرات العامة طالب إدارة رتينة بالحضور لاستلام التصديق بعد ثلاثة أيام، وحين ذهب الشخص المسؤول يوم الأربعاء الماضي لاستلام التصريح، طالبوه بالقدوم يوم الخميس، قبل أن يتم إبلاغه بأن "التصديق" قُفل في درج أحد المكاتب وبأن صاحبة المكتب غادرت المكان، وطالبوه بالقدوم صباح السبت.

ويواصل عشاري سرده، قائلًا إنهم أُبلغوا في صباح السبت من موظف الاستقبال بأن التصديق قد اُستخرج، لكن الموظفة المعنية في إجازة بسبب أن الجهاز يعمل بنصف موظفيه في هذا اليوم. وعندما طالبهم مندوب إدارة المقهى بالاتصال بالموظفة، طُلب من الحضور يوم الأحد لاستلام التصريح – بحسب عشاري. وأصرّ موظف الاستقبال على موقفه حتى بعد إخباره بأن موعد الحفل عصر اليوم نفسه (السبت)، وكان رده أنّ طلب التصديق قد رُفض "هكذا ببساطة" -يقول عشاري- ولم تكن لديهم فرصة لمقابلة أيّ مسؤول أو الحصول على إفادة مكتوبة.

وفي إجابته عن سؤال "الترا سودان" حول أسباب رفض المخابرات العامة منح تصديقٍ للفعالية، توقّع عشاري مجموعةً من السيناريوهات، منها ما هو متعلق بالأوضاع  العامة في البلاد؛ فمن الممكن –بحسب عشاري- أن يكون قد صدر قرارٌ من جهاز المخابرات بإيقاف الأنشطة الجماهيرية خاصةً عقب أحداث مباراة الهلال والمريخ التي تحولت إلى منبرٍ للدعوة إلى مليونية 30 يونيو. ولكن عشاري عاد ليستبعد هذا الافتراض بعد قيام حفل جماهيري في صالة "البروف"، ولم يجزم عشاري بما إذا كان للأمر صلة بموقف من مقهى "رتينة" وأنشطته، خصوصًا تلك المرتبطة بالمقاومة الثقافية.

نظم منتدى رتينة منشطًا ثقافيًا ثوريًا بمدينتي عطبرة والدامر بمشاركة موسيقيين وشعراء داعمين لخط الثورة

ويوم الجمعة الماضي، نظم منتدى رتينة منشطًا ثقافيًا ثوريًا بمدينتي عطبرة والدامر، شارك فيه موسيقيون وشعراء داعمون لخط الثورة، مثل الشاعران أزهري  محمد علي ومعد شيخون، وسط تجاوبٍ كبيرٍ من جماهير مدينة عطبرة التي شهدت ميلاد "ثورة ديسمبر المجيدة" التي أطاحت بحكم الرئيس المعزول عمر البشير.

وفي وقتٍ سابق، أعادت السلطة القائمة بعض الصلاحيات -التي لغتها الحكومة الانتقالية- إلى جهاز المخابرات العامة؛ ما زاد من الشكاوى الخاصة بالتضييق على حرية التعبير والأنشطة الثقافية.