ينتظر سكان قرية الدبيبة شرق الخرطوم بمنطقة أم ضوًا بان شهر تشرين الأول/أكتوبر وهو موعد انتهاء فصل الخريف للعودة إلى منازلهم التي غمرتها مياه الفيضانات السبت الماضي، بالتزامن مع أمطار غزيرة شهدتها الولاية، فيما حذر خبير هندسي الحكومة من تأثر المساكن الواقعة على أودية النيل وصرف مبالغ طائلة سنويًا لإيواء وغوث المتضررين عوضًا عن حل الأزمة جذريًا.
يقيم المتضررون من السيول على حافة طريق مروري سريع بين الخرطوم وودمدني في مخيمات وفرتها الحكومة
لم يجد سكان القرية التي تبعد عن منطقة أم ضوبان شرق العاصمة مفرًا من الإقامة في مخيمات وفرتها الحكومة بشكل عاجل وشيدت بجانب طريق مرور السريع الرابط بين الخرطوم ومدينة ودمدني بولاية الجزيرة عبر الطريق الشرقي.
الأطفال والنساء والعجزة يجلسون في أسرة ويشاهدون الطريق والسيارات المسرعة فيما تحاصرهم المياه من الخلف وينظرون إلى منازلهم البعيدة كحلم صعب الوصول إليه مع ارتفاع مستوى المياه أمامها.
ويناشد التجاني الخير (44) عامًا وهو أحد سكان هذه القرية المنظمات الخيرية لغوث السكان المتضررين من الأمطار والسيول مشيرًا إلى أن الإقامة في المخيمات جوار طريق المرور السريع أمرُ بالغ الخطورة.
اقرأ/ي أيضًا: لجنة تفكيك التمكين تضبط أجانب يعملون في الاتجار بالعملة
ونقل التجاني لـ"ألترا سودان" مأساة مئات العائلات التي تقطن في مخيمات جوار طريق المرور السريع لدرجة عدم وجود مسافة بين السيارات والمخيمات مشيرًا إلى أن لجنة الطوارئ لم تجد سوى هذا المكان المجاور للطريق السريع لتركيب المخيمات لأنه مرتفع قليلًا ولم تصل إليه مياه السيول.
وأشار التجاني إلى أن المتضررين في اليوم الأول للفيضان اضطروا إلى كسر الأسفلت لتصريف المياه والجوع يحاصرهم نسبة لعدم تمكنهم من جلب الأغذية من الأسواق.
وأضاف التجاني: "هدمنا طريق المرور السريع في موقعين لتصريف المياه التي منعت خروج السكان إلى اليابسة وطلب الغوث بعد ساعات من الجوع وتعرض حياة الأطفال والمسنين إلى الخطر بسبب الجوع".
وتتزامن كوارث السيول مع تعيين حاكم مدني لولاية الخرطوم، والذي اجتمع أمس الاثنين مع جمعية نفير التي تعمل في غوث المتضررين من السيول منذ سنوات، وتحديدًا منذ العام 2013، فيما قررت الحكومة منح المبادرة منزلًا بضاحية الرياض بالخرطوم كان يقيم فيه القيادي في النظام البائد "علي عثمان محمد طه" مقرًا لإدارة الأزمة بواسطة الجمعية.
ورغم أن شهر آب/أغسطس يعتبر شهر الذروة للأمطار والسيول في السودان، إلا أن التحركات الحكومية ووجهت بالانتقادات واعتبرت تدخلاتها متأخرة لدرجة أن مئات العائلات وجدت نفسها تقيم في العراء بشكل مفاجئ منذ السبت الماضي، بعد أن غمرت المياه منازلهم ودمرتها.
فيما أعلن الأمين العام لحكومة ولاية الخرطوم الطيب الشيخ في الاجتماع اليوم الثلاثاء، أن الولاية قررت إنشاء آلية للتدخل السريع لمجابهة طوارئ الخريف مع خطة قسمت إلى خمسة محاور هي المعالجات الهندسية بواسطة وزارة البنى التحتية وجانب الغذاء والإيواء والإخلاء تحت مسؤولية وزارة التنمية الاجتماعية والدفاع المدني والهلال الأحمر السوداني، كما أكد الشيح تحمل وزارة الصحة والمجلس الأعلى للبيئة مهام الصحية والبيئية.
أما محور التدخلات للقوات الحكومية بحسب الشيخ، تم إسناده إلى القوات النظامية بمشاركة قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة ولجان الحرية والتغيير ومنظمات المجتمع المدني.
ويرى الخبير في مجال هندسة بناء المدن والتخطيط الحضري أبوبكر سيد، في تصريح لـ"ألترا سودان" أن ولاية الخرطوم تعيش سنويًا نفس المأساة مع السيول والأمطار كونها لا تكترث باجتثاث الأزمة من جذورها وإبعاد المناطق السكنية عن مجاري النيل والسيول.
ويوضح سيد أن النظام البائد يتحمل مسؤولية توزيع مخططات سكنية لأغراض الدعاية السياسية والحصول على تريليونات الجنيهات لبيع أودية جريان المياه إلى المواطنين كمخططات سكنية دون رقابة حكومية، خاصة في عهد الوالي المخلوع الأسبق عبد الرحمن الخضر الذي باع مئات المخططات السكنية في العاصمة ولم توضح الحسابات أين ذهبت إيراداتها.
ويشير سيد إلى أن الحل الجذري هو إبعاد المساكن التي تتضرر سنويًا من الأودية ومجاري السيول لأن الدولة تصرف مبالغ طائلة لغوث المتضررين ورغم ذلك تظل الاستجابة قطرة في محيط من المعاناة التي تطال الآلاف من المتضررين.
كما ينبه سيد إلى أهمية تصريف مياه الأمطار عن شوارع العاصمة، معربًا عن أسفه أنه بعد (50) عامًا من الاستقلال ظلت شوارع الخرطوم كما تركها الاستعمار البريطاني دون إضافة تذكر بل تدهورت بشكل غير مسبوق.
وزير الداخلية: وفاة خمسة أشخاص وثلاثة إصابات وانهيار كلي لعدد (1110) ألف منزل، وانهيار جزئي لعدد (1272)
وكان وزير الداخلية ورئيس المجلس القومي للدفاع المدني الفريق أول شرطة الطريفي إدريس دفع الله، أكد أن مناسيب الأنهار بمحطات الديم ود مدني والخرطوم وشندي وعطبرة ودنقلا سجلت منذ السبت الماضي معدلات وأرقام أعلى من معدلات نفس اليوم من العام 2019.
ونوه وزير الداخلية في تقريره تلاه الاثنين إلى أن الموقف حتى اليوم بكل السودان في خريف 2020، بعد حصر الخسائر في الممتلكات، يشير إلى وفاة خمسة أشخاص وثلاثة إصابات مع انهيار كلي لعدد (1110) ألف منزل، وانهيار جزئي لعدد (1272).
اقرأ/ي أيضًا
وزير الداخلية: انهيار 2382 منزلًا وخمس وفيات جراء الخريف في السودان حتى الآن
عودة العشرات من السودانيين الذين احتجزتهم السلطات المصرية في سجن السلوم