يعد إغلاق الطريق الرابط بين بورتسودان والخرطوم هدفًا للاحتجاجات التي يقودها رئيس مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك، والذي طالب بإعفاء الحكومة الانتقالية وتسريح لجنة إزالة التمكين وإلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام الموقع في جوبا في تشرين الأول/أكتوبر 2020.
وبدأت احتجاجات أنصار ترك الجمعة بإغلاق الطريق الرابط بين بورتسودان إلى سنكات وهو الطريق القومي الذي يربط العاصمة بالميناء الرئيسي في بورتسودان، وأيدت كيانات إثنية أخرى من القضارف ونهر النيل تحركات ترك وجاهرت بدعمه.
انشغل الرأي العام المحلي بأزمة شرق السودان نتيجة التصعيد الذي أعلنه ترك
وانشغل الرأي العام المحلي بأزمة شرق السودان نتيجة التصعيد الذي أعلنه ترك بجمع حشود من أنصاره في الطريق القومي بالقرب من سنكات، كما أن إعلان كيانات قبلية التحالف معه في التصعيد خاصة من منبر البطانة بولاية القضارف أدى إلى اتساع رقعة الاحتجاجات شرقًا حتى تخوم ولاية الجزيرة المجاورة للولاية.
اقرأ/ي أيضًا: معرض الخرطوم الدولي ينطلق الشهر القادم وتوقعات بمشاركة دور نشر كبيرة
وكان وزير مجلس الوزراء خالد عمر يوسف أعلن في مقطع فيديو بثه على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الحكومة الانتقالية تعتزم ابتدار حوار سلمي لحل قضايا شرق السودان دون استثناء أي طرف.
ويعد تصريح خالد عمر يوسف متناقضًا مع مطلب ترك الذي يشترط إلغاء مسار الشرق بالكامل وهو الاتفاق الذي تدعمه مجموعات قبلية أخرى، وتخشى الحكومة من اضطرابات مناهضة حال إلغاء المسار استجابة لشروط ترك.
وفي هذا الصدد يقول الناشط في قضايا شرق السودان خالد محمد نور في تصريح لـ"الترا سودان"، إن الحل هو فتح منبر تفاوضي لرئيس عموديات البجا محمد الأمين ترك مع اشتراط الحكومة على عدم إلغاء مسار الشرق في اتفاق جوبا حتى لا تلجأ المجموعات الأخرى للتصعيد.
ويعزو نور الاضطرابات في شرق السودان إلى غياب التنمية منذ سنوات طويلة وصعود القبلية بحجة تحقيق التنمية والتنافس القبلي بين المكونات الاجتماعية وهو صراع أشبه بالبقاء في القمة يتصارع فيه كل طرف اجتماعي.
ويرى خالد محمد نور أن شرق السودان شهد (16) اقتتالًا أهليًا في العامين الأخيرين، ثلاثة أحداث منها وقعت بسبب مسار الشرق في اتفاق السلام. مضيفًا أن المواجهات القبلية وقعت في مدن بورتسودان والقضارف وكسلا وخشم القربة.
اقرأ/ي أيضًا: "الفوط الصحية".. قضية في واجهة الأحداث
ويشير خالد محمد نور إلى أن بيان الإدارات الأهلية الجمعة جاء ردًا على شروط ترك، ويستبطن بيانها تحذيرًا للحكومة الانتقالية إذا ما أقدمت على إلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام استجابة لشروط ترك.
خالد محمد نور: يمكن للحكومة أن تتبنى اتفاقًا جيدًا مع ترك مع إبعاد الأصوات العنصرية
ويعتقد نور أن الزعيم الأهلي محمد الأمين ترك يمثل مكونًا اجتماعيًا بشرق السودان، ويجب أن تتفاوض الحكومة معه دون أي إقصاء او تجاهل.
وتابع: "يمكن للحكومة أن تتبنى اتفاقًا جيدًا مع ترك مع إبعاد الأصوات العنصرية".
أما المحلل في قضايا شرق السودان محمد عباس، فيعزو الاضطرابات الشعبية التي تقف وراءها مجموعات إثنية في الإقليم إلى غياب الحكومة الانتقالية تمامًا في المنطقة وانزواء القوى السياسية نحو المركز في صراع عنيف حول كيكة السلطة، مشيرًا إلى أن الفراغ جعل المواطن يلجأ إلى القبيلة للمطالبة بحقوقه.
لكن خالد محمد نور يوضح أن الاحتجاجات في شرق السودان تتركز في بورتسودان باعتبارها الميناء الرئيسي، لافتًا إلى أن بورتسودان تنقسم إلى قسمين؛ مجوعات مع المقاومة المدنية ومجموعات أخرى ولاؤها للقبيلة.
وأضاف: "نحن نعتقد أن هناك طبقتين للمقاومة الشعبية في بورتسودان، طبقة مع الحراك المدني السلمي ولجان المقاومة وقوى الثورة، وطبقة لديها ولاء للإثنيات والقبائل، واعتقد في نهاية المطاف الحراك المدني قادر على تنظيم نفسه مستقبلًا".
ويقول خالد محمد نور إن الحشود الأخيرة التي يقودها ترك ليست مثل الاحتجاجات السابقة، وهناك ضعف واضح في الحشود، لكن يجب عدم الرهان على هذا الأمر لأن المقاييس في الاحتجاجات دائمًا ما تمر بحالات الصعود والهبوط الشعبي للتظاهرات.
ويحذر خالد محمد نور من اصطدام المكونات الاجتماعية في شرق السودان جراء تأخر الحكومة الانتقالية في حل الأزمة بعقلانية.
اقرأ/ي أيضًا: تورط رجل أعمال في المتاجرة بأدوية مهربة داخل الخرطوم
ويتفق محمد عباس المحلل في قضايا شرق السودان مع "تحذيرات من وقوع صدام قبلي في الإقليم"، مطالبًا الحكومة الانتقالية بالانفتاح نحو القضايا هناك بالتنمية وعدم تكرار طريقة سيناريو "توزيع الكيكة على الحركات المتمردة".
تحذير من تأثر حركة الملاحة بميناء بورتسودان من الاضطرابات الشعبية
ويشير عباس إلى أن أزمة شرق السودان لا تحتمل الانقسام العسكري المدني، بل يجب على السلطة الانتقالية بجميع تشكيلاتها التوجه نحو مخاطبة أزمة الشرق وتحقيق تنمية ملموسة تسحب البساط من الإدارات الأهلية في فترة وجيزة.
ويرى عباس أن غياب التنمية والذراع الحكومي في شرق السودان هو الذي يمنح ماكينة الإثنية قوتها في التهديد المستمر للدولة، خاصة في منطقة استراتيجية مثل شرق السودان الذي يقع فيه الميناء الرئيسي.
ويحذر عباس من أن اضطرابات شرق السودان قد تنعكس على حركة الملاحة البحرية، ورفض السفن الإبحار إلى الميناء بحجة عدم توفر الأمن كما فعلت قبل شهور.
اقرأ/ي أيضًا