نفى مسؤولون سابقون في الحكومة المدنية التي أطاح بها العسكريون العام الماضي، المعلومات المتداولة عن موافقة عبد الله حمدوك على العودة إلى منصبه في رئاسة الحكومة المدنية، وقالوا إن هذه الأنباء "بالونة اختبار" مرتبطة بالتمهيد لتشكيل حكومة جديدة من طرف العسكريين.
وتمثل الإرهاصات المتعلقة بعودة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، "طوق نجاة" لبعض السودانيين للخروج من مأزق الانقلاب العسكري الذي عطل الحياة الاقتصادية والسياسية كما يقولون، لكن في ذات الوقت تبدو عودته مرتبطة بمدى التقدم المحرز في محادثات غير معلنة بين العسكريين والمدنيين.
حمدوك الذي تولى رئاسة الحكومة المدنية عقب إسقاط نظام البشير، قليل الظهور في وسائل الإعلام منذ استقالته عن منصبه مطلع العام الحالي
وقال المستشار السابق لشؤون السلام لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك - حسان نصر الله في تصريح لـ"الترا سودان"، إنه لا يعتقد أن حمدوك سيعود بهذه السهولة. موضحًا أن المعلومات المتداولة بشأن عودته "مرتبطة بجهات تحاول وضع السودانيين أمام شيء جديد".
وكان رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، قد استقال عن منصبه في كانون الثاني/يناير الماضي، وذلك عقب اتفاق مفاجئ مع قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في تشرين الثاني/نوفمبر، بعد شهر من إطاحة العسكريين بالحكومة المدنية.
ومنذ ذلك الوقت غادر حمدوك إلى دولة الإمارات حيث يقيم هناك بشكل دائم، لكنه لم يعلن عما إذا كانت هذا البلد وجهته النهائية، فهو أيضًا يرتبط بالإقامة في بريطانيا.
وحمدوك الذي تولى رئاسة الحكومة المدنية عقب إسقاط نظام البشير، قليل الظهور في وسائل الإعلام منذ استقالته عن منصبه مطلع العام الحالي، ويرفض الإدلاء برأيه حول الوضع الراهن في السودان، وكمسؤول سابق في وكالات الأمم المتحدة، يميل إلى "الصمت والعمل في الظل"، وهذه من الأمور التي جعلت بعض التحليلات تتنبأ بعودته، بينما يقول مدافعون عنه إن حمدوك "قال كل شيء في خطاب الاستقالة، ولم يتبقى أي شيء لم يقله".
بينما غربيًا يفضل المسؤلون الأوروبيون المعنيون بالملف السوداني قيادة حمدوك للحكومة المدنية، كونه أحد أبرز المسؤولين الذين احتفظوا بعلاقات جيدة مع الاتحاد الأوروبي.
ورغم هذه العلاقة التي بدت ظاهرة للعيان بين حمدوك والمسؤولين الأوروبيين وكأنها في "أفضل الأحوال" خلال فترة توليه الحكومة المدنية، إلا أن أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى تآكل شعبية الرجل شح التمويل الغربي للاقتصاد وارتفاع المعيشة بشكل غير مسبوق في فترة حكمه.
ويرى المسؤول السابق في مكتب رئيس الوزراء - أمجد فريد أن: "الحديث والإشاعات المنتشرة عن عودة حمدوك لتكوين حكومة في ظل الوضع الحالي، هو ذر للرماد في العيون للتمويه والتمهيد لتعيين مرشح آخر في أو قبل 25 تشرين الأول/أكتوبر، في حالة عدم نجاح التفاهمات السرية التي تجري حاليًا".
ويوضح فريد في تصريح لـ"الترا سودان": "يتم الترويج لهذا المرشح بربط اسمه بحمدوك ومحاولة تصويره كأفضل ثاني خيار".
واستطلع "الترا سودان" مسؤولًا سابقًا في مجلس الوزراء عن المعلومات المتداولة بعودة عبد الله حمدوك، ونفى هذا المسؤول هذه الأنباء، وقال إن المعلومات "اختبار لردة فعل الرأي العام".
وأشار هذا المسؤول إلى أن المعلومات انتشرت قبل 25 تشرين الأول/أكتوبر في الذكرى الأولى للانقلاب العسكري، وهي محاولة من جهة تحاول تشكيل الرأي العام.
وتابع: "أنا على ثقة أن حمدوك لم يبدِ أي موافقة للعودة، لأنه لم يتلق طلبًا للعودة إلى منصبه".
وتعد عودة حمدوك إلى منصب رئيس الوزراء في السودان "رغبة أوروبية" كما يقول هذا المسؤولن لكنه يشير إلى أن الأوروبيين لا يخططون إعادة حمدوك بهذه الطريقة ليرأس حكومة أحادية يشكلها العسكريون.
وأضاف: "حمدوك نفسه لن يوافق على أن يكون رئيسًا للوزراء عبر تعيين من العسكريين، دون تسوية سياسية تمنحه صلاحيات واسعة قد تفوق تلك التي حصل عليها قبل الانقلاب".
محلل سياسي: الحديث عن عودة حمدوك "صناعة غرف مغلقة"
من جهته يرى المحلل السياسي مصعب عبد الله في حديث لـ"الترا سودان"، أن الحديث عن عودة حمدوك "صناعة غرف مغلقة"، وغير موجود على أرض الواقع العمل السياسي الذي يمهد لهذا الأمر.
وأشار إلى أن أطراف غربية قد تمارس ضغوطًا لإعادة حمدوك، لكن قبل ذلك لا بد من تهيئة الوضع السياسي بتوقيع العسكريين والمدنيين على اتفاق جديد، لأن حمدوك لن يعود في وضع يسيطر عليه العسكريون.