تلاحق المخاطر قطاع النفط التابع لجنوب السودان، بما في ذلك منشآت داخل الأراضي السودانية جراء سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق متاخمة لهذا البلد الذي استقل عن السودان قبل (13) عامًا، ويعتمد على النفط في تمويل الاقتصاد.
قال مهندس نفطي إن جوبا لم تظهر أي مسؤولية تجاه قطاع النفط الحيوي بالنسبة لها
في تشرين الأول/أكتوبر 2023، سيطرت قوات الدعم السريع على حقل بليلة النفطي بولاية جنوب كردفان السودانية، ورغم محاولات وزارة الطاقة استئناف الإنتاج في هذا الحقل بالتنسيق مع الإدارة الأهلية والشركات العاملة، لكن هذا الأمر لم يمض إلى الأمام حسب ما يجري في قطاع النفط، إلى جانب تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة.
في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، شعر المسؤولون في حكومة جنوب السودان أن القطاع النفطي الذي يعتمد عليه هذا البلد في تسيير دفة الاقتصاد، يقع على مرمى الأوضاع العسكرية الملتهبة في السودان.
ورغم تواصل قوات الدعم السريع مع حكومة جنوب السودان، إلا أن الأولى وضعت شروطًا أمام جوبا في ذلك الوقت، وتمثلت هذه الشروط في تجميد الإيرادات المالية التي تدفعها جوبا إلى الخرطوم نظير استئجار المنشآت السودانية ووضعها في حساب منفصل، والإفراج عنها عندما يتم تشكيل حكومة مدنية في السودان.
أما الشرط الثاني حسب المصادر التي صرحت لـ"الترا سودان"، يتمثل في حصول الدعم السريع على نصف الإيرادات مقابل الاحتفاظ بها إلى حين تكوين حكومة جديدة في البلاد وإيداعها في حساب الخزينة العامة، فيما جاء الخيار الثالث أكثر تصعيدًا من جانب قوات الدعم السريع، والتي حذرت جوبا من المضي في الخيار الأحادي واستمرار الأوضاع في قطاع النفط كما كان قبل الحرب.
ومع استمرار الحرب وتدهور القطاع النفطي، صعد إلى السطح أزمة جديدة بين قوات الدعم السريع وحكومة جنوب السودان، وتقول مصادر إن قادة الدعم السريع أظهروا لهجة تصعيدية خلال اليومين الماضيين إزاء التعامل مع الملف النفطي الخاص بجنوب السودان، مع التلويح بإغلاق المحطات المنتجة قسريًا.
تربط هذه المصادر بين اجتماع الكتلة الديمقراطية الموالية للجيش وبين استضافة هذه الاجتماعات في جوبا، ما أدى إلى تصعيد من جانب قوات الدعم السريع.
وتغذي إيرادات نفط جنوب السودان الاقتصاد في هذا البلد بصورة كبيرة، وتعتمد عليها الحكومة في جوبا في تمويل تسيير المؤسسات الحكومية إلى جانب توفير بعض الخدمات مثل الكهرباء والوقود.
يعتقد مصدر في تجمع العاملين بقطاع النفط وهو تجمع نقابي سوداني، أن جوبا لم تبد أي مسؤولية في التعامل مع ملف النفط الذي يمر عبر الأراضي السودانية خلال هذه الحرب. وقال المصدر لـ"الترا سودان" إن جوبا لم تتعامل بعقلانية مع هذا الملف، وذلك على الرغم من اعتمادها بصورة كبيرة على إيرادات النفط الذي يصدر عبر موانئ السودان.
ويرى المصدر أن أجزاء واسعة من المنشآت النفطية في السودان تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وفي ظل الخطاب التصعيدي الذي أظهره حميدتي مؤخرًا خاصة بعد حظر الاتصالات وعدم الاستجابة لدعوات القوى المدنية والمجتمع الدولي فإن الأمور تتجه نحو التعقيد، وملف النفط ليس باستثناء من هذا التصعيد المتوقع.
ينتج جنوب السودان النفط يوميًا ما يقارب (170) ألف برميل، حيث انخفض الإنتاج بسبب الحرب التي نشبت في جوبا بين قوات الحكومة وقوات رياك مشار في العام 2013، كما انخفض الإنتاج خلال فترة الإغلاق التي صاحب انتشار "كوفيد 19".
وتستخدم جنوب السودان موانئ التصدير في الأراضي السودانية شرق البلاد، إلى جانب خطوط الأنابيب التي تمتد إلى أكثر من ألفي كيلو مترًا داخل السودان، ورغم إعلان جوبا أكثر من مرة أنها تنوي بناء خطوط تغير مسار النفط نحو العمق الإفريقي، لكن هذا المشروع لم يتحمس له قادة جنوب السودان لارتفاع التكلفة مقارنة مع الإنتاج اليومي المتناقص.