منذ (10) أيام تدور معارك عسكرية عنيفة في أم درمان، تشمل "الأحياء القديمة" ومحيط سلاح المهندسين على ضفاف النيل الأبيض بين الجيش والدعم السريع، وفي معادلة قد تبدو ظاهرة للعيان حصلت القوات المسلحة على بعض المكاسب من خلال التقدم الميداني في المحورين معًا.
يستغل الطرفان صمت المجتمع الدولي وعدم وجود إرادة للجهود السلمية بينهما لشن هجمات عسكرية قد تكون الأعنف
الأحد الماضي كان الجيش قد تمكن من تحقيق اختراق كبير في خط الإمداد بين منطقة كرري العسكرية وسلاح المهندسين على ضفاف النيل الأبيض شمال منطقة الفتيحاب، حيث تتخذ قوات الدعم السريع من الناحية الجنوبية تحصينات لشن هجمات على "المهندسين" منذ (10) أشهر حتى أصبحت شبه خالية من المدنيين.
بالتزامن مع هذه المعارك العنيفة التي دارت رحاها في أم درمان، ينظر الجيش بعيدًا نحو ولاية الجزيرة، لكن على الرغم من ذلك فإن خطة الدعم السريع قد تقتضي "شد القتال" في الجزيرة، مع الأنباء التي تؤكد تقدمها نحو بعض قرى المناقل، والغرض من ذلك إنهاك الجيش في كوستي والجزيرة معًا.
بالنسبة للجيش فإن الهجوم البري الواسع النطاق على ولاية الجزيرة قد يكون إحدى الخطط القادمة لتوجيه ضربة قاضية على قوات الدعم السريع في الولاية التي تعد "رئة تنفس للعاصمة الخرطوم".
ويقول ضابط متقاعد من الجيش لـ"الترا سودان" إن معركة أم درمان هي من أوسع المعارك التي تدور منذ بداية القتال بين الجيش والدعم السريع.
ويرى هذا المحلل العسكري أن الجيش مصمم على استعادة السيطرة على أم درمان بالكامل خلال الفترة القادمة، على الرغم من الأنباء التي أشارت أيضًا إلى تعزيزات عسكرية كبيرة للدعم السريع في أم درمان.
ويقول إن الطرفين يحاولان الوصول إلى مواقع ميدانية جيدة، لأن المجتمع الدولي والإقليمي غض الطرف عن الحرب في السودان خلال هذه الفترة، ولم تعد الضغوط كما كانت قبل شهرين.
ووفقًا للباحث في الشأن الاستراتيجي محمد عباس أنه إذا تمكن الجيش في أم درمان من استعادة السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون، وحافظ على سلاح المهندسين، بجانب الإبقاء على خط الإمداد قائمًا مع كرري العسكرية، فإنه قد يوجه ضربة قاسية للدعم السريع.
وعرض الجيش مقاطع فيديو لمواقع داخل سلاح المهندسين لم تكن متاحة منذ بداية الحرب، وذلك بسبب تعرضها للحصار من قوات الدعم السريع منذ تموز/يوليو 2023، وهي فترة اشتداد القتال حول المنطقة العسكرية الحيوية.
ويرى عباس في حديث لـ"الترا سودان" أن الطرفين انتقلا إلى مرحلة كسر العظام، وقررا على ما يبدو الاستمرار في الحرب وحسمها عسكريًا، لأن الأنباء التي تتحدث عن المفاوضات الشهر القادم لا تحمل معها أي مؤشرات على وجود إرادة لدى الطرفين بوقف الحرب عبر الجهود السلمية.
ويحذر عباس من أن خيار الحسم العسكري سيؤدي إلى تعقيد الوضع في السودان، ويعكس واقعًا إنسانيًا في غاية الخطورة، خاصة مع انقطاع الاتصالات وانعدام الممرات الآمنة منذ منتصف كانون الأول/يناير وحتى شباط/فبراير 2024، ولم تعد العاصمة كما كانت من قبل، تشهد حراكًا وتنقلًا للمدنيين، يأتي ذلك بجانب التوقف الجزئي للأسواق ودخول السلع التجارية للعاصمة.