15-أغسطس-2022
البرهان ودقلو

بعد تسعة أشهر من سيطرة الجيش على "أدوات السلطة" في السودان ومقتل (116) مدنيًا في التظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، يكتنف الغموض الوضع في السودان، ولم يعد "تمرير العسكريين السلطة إلى المدنيين" واضح المعالم.

وقال مبعوث الأمم المتحدة ورئيس البعثة السياسية لدعم الانتقال في السودان فولكر بيرتس في أحدث مقال كتبه عن الوضع في البلاد قبل يومين، إن الوقت ينفد أمام السودانيين في ظل أزمات تحاصر بلدهم.

يرغب العسكريون في حكومة مدنية توافقية وقد تكون بلا صلاحيات سيادية 

في الرابع من تموز/يوليو وبعد سلسلة من الاحتجاجات الشعبية أعلن قائد الجيش خروج القوات المسلحة من العملية السياسية شريطة التوافق بين المدنيين "سريعًا لتكوين حكومة مدنية"، وكرر حديثه أمس في مدينة شندي شمال السودان مرة أخرى.

بالنسبة للعسكريين فإن الأمور تتلخص في تشكيل حكومة مدنية تعالج الأزمة الاقتصادية وتضع الخطط للانتخابات وتجري التعداد السكني للعملية المزمع عقدها خاصة في أروقة المجتمع الدولي في كانون الثاني/يناير 2024 كما صرح مبعوثون أمريكيون بذلك أيضًا.

لكن في ذات الوقت هناك بعض الخلافات التي ظهرت على السطح في محادثات غير رسمية جرت بين قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" والعسكريين في حزيران/يونيو الماضي حول "سيادة الدولة والجهة التي ستكون بحوزتها الصلاحيات".

تشمل هذه الصلاحيات إدارة البنك المركزي والعلاقات الخارجية وإلى حد ما الشركات العسكرية والقطاع الأمني والعسكري والشرطة والمخابرات والاتفاقات الدولية.

وصرح قائد الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" في مؤتمر صحفي بمطار الخرطوم الخميس الماضي، أن قوى الحرية والتغيير هي التي اقترحت المجلس الأعلى للقوات المسلحة ضمن مبادرتها لكنه استفسر عن الجهة التي لديها سيادة الدولة قائلًا إن هذه الاستفسار ما زال عالقًا حتى الآن.

https://t.me/ultrasudan

من خلال تصريح حميدتي نتبين أن العسكريين تحدثوا أو طالبوا بـ"سيادة الدولة"، وهذه التأكيدات حصل عليها "الترا سودان" من قيادي في قوى الحرية والتغيير والذي أكد بأن "العسكريين طلبوا الصلاحيات السيادية".

وبينما ابتدرت "الحرية والتغيير" نهاية الشهر الماضي صياغة إعلان دستوري أعلنت مجموعة التوافق الوطني وهي جماعات مسلحة وحزبية أنها تعد بنودًا من أربعة محاور، وهذا يعني أن المجموعتين تحاولان وضع قدميهما على المشهد الذي يشوبه الكثير من التعقيدات.

وبينما تحاول هاتين المجموعتين إحداث تقارب واختبار عودة العلاقة بينهما؛ برزت مبادرة الطرق الصوفية التي رحب بها قائد الجيش ضمنيًا في خطابه بمدينة شندي الأحد.

المبادرة خلصت توصياتها الأحد بقاعة الصداقة بالخرطوم إلى بنود قد تكون "راديكالية" وضد الجماعات المدنية المقربة من الغربيين بإنهاء بعثة الأمم المتحدة واختيار رئيس الوزراء بطريقة غير معروفة، إلى جانب منح صلاحية إدارة الدولة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

تفسر بعض التحليلات مبادرة الطرق الصوفية على أنها "كرت ضغط " من العسكريين على المدنيين خاصة قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" و"مجموعة التوافق الوطني" للوصول إلى تفاهمات سريعة أو اللجوء إلى مبادرة رجل الدين الذي كثيرًا ما استقبل قيادات النظام البائد، لكن أنصاره يقولون إن هذه الأمور طبيعية لرجل يتمتع بوضع اجتماعي وديني كبير.

 يجلس العسكريون على سدة الحكم في انتظار القوى المدنية لتخرج بقائمة موحدة للحكومة المدنية

في الطرف الآخر يجلس العسكريون على سدة الحكم في انتظار القوى المدنية لتخرج بقائمة موحدة للحكومة المدنية، وهي حلول عجز عنها العسكريون منذ استيلائهم على السلطة خلال تسعة أشهر.

في السودان، انقلابات عسكرية عادة ما تنفذ وهي تأخذ في الاعتبار تغيير حياة المواطنين وتقديم "إغراءات بالمزيد من التنمية في مناطق الفقراء والحفاظ على مكاسب الأثرياء في ذات الوقت"، لكن انقلاب السودان لم يكن له من هذا الطريق شيئًا -وفقًا للتحليلات- كونه واجه صعوبة بالغة في تقديم نفسه بشكل مغاير.