كشف الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة يونيتامس، فولكر بيرتس، عن وجود فرصة للتوصل إلى اتفاق سياسي جديد في السودان، وبداية فترة انتقالية نحو الحكم الديمقراطي.
وقدم بيرتس أمس الثلاثاء إحاطة لمجلس الأمن الدولي حول التطورات السياسية الجديدة، كاشفًا عن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وازدياد الحوادث الأمنية والاحتياجات الإنسانية في البلاد.
رئيس بعثة يونيتامس: الأشهر العشرة الماضية شهدت مظاهرات متكررة ضد الانقلاب
وأوضح أن الحالة العامة في السودان ستستمر في التدهور ما لم يتم التوصل إلى وضع سياسي لإعادة تشكيل حكومة ذات مصداقية تضطلع بوظائفها على نحو كامل بقيادة مدنية، مشيرًا إلى أن الحكومة يجب أن تكون قادرة على إعادة فرض سلطة الدولة في جميع أرجاء البلاد وتهيئة الظروف لاستئناف التعاون الدولي، بما في ذلك تخفيف عبء المديونية، موضحًا أن "هذا الحل ليس مضمونًا بأي حال من الأحوال".
وقال بيرتس إن الأشهر العشرة الماضية شهدت مظاهرات متكررة ضد الانقلاب، كاشفًا عن مقتل (117) شخصًا وإصابة الآلاف في هذه المظاهرات. كما أفاد بتواصل الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف ثورة 2018، خصوصًا في أوساط الشباب والنساء والنقابات العمالية والمهنية، وأشار بيرتس إلى تشكيل نقابة جديدة ومستقلة للصحفيين، وانتخاب مجلسهم ورئيسهم من خلال التصويت التنافسي للمرّة الأولى منذ (33) عامًا.
وتابع بيرتس: "بدأت عناصر من النظام السابق كانت قد أزاحتها الثورة بالعودة تدريجيًا إلى المشهد السياسي والإدارة والمجال العام".
وحول تطورات العملية السياسية، أشار فولكر بيرتس إلى قرار الجيش بالانسحاب من السياسة، في ظل تشكيك جزء كبير من الجمهور في التزام القيادة العسكرية بما قالته. كما أفاد بانخراط الآلية الثلاثية، المكونة من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان "يونيتامس" والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيغاد"، مع جميع المبادرات، وتيسيرها المشاركة الفعالة للمرأة وتقديمها الخبرات الدستورية، مضيفًا أنهم حاليًا بصدد مقارنة الرؤى الدستورية والسياسية التي تم إصدارها.
وقال بيرتس إن جميع المعنيين، بما في ذلك الجيش على وجه الخصوص، أعربوا عن رغبتهم في أن يكون للآلية الثلاثية دور – إما من خلال الجمع بين مختلف المبادرات أو إيجاد مقترحات توفيقية أو في نهاية المطاف التوسط من أجل الوصول إلى اتفاق مع الجيش.
وعبر بيرتس عن تفاؤله إزاء القواسم المشتركة في النقاش الحالي في السودان. مؤكدًا بأن هناك اختلافات مهمة حول تقسيم السلطات بين المؤسسات، ولا سيما دور الجيش، مؤكدًا أن الفجوات ضاقت وأن هناك إجماع واسع النطاق على عدة أمور من بينها الحاجة إلى رئيس دولة مدني ورئيس وزراء مستقل ومجلس وزراء من الخبراء أو التكنوقراط، وليس من قادة الأحزاب. كما أشار إلى أن هناك إجماع على أنّ قضية العدالة الانتقالية يجب أن تكون على رأس قائمة الأولويات.
وكشف المبعوث الخاص عن وجود فرصة سانحة لإنهاء الأزمة في البلاد، موضحًا أن على القوى العسكرية والمدنية أن تغتنمها. وقطع بيرتس بأن أي اتفاق سياسي يجب أن يكون بملكية سودانية بالكامل، مبديًا استعداد الآلية الثلاثية لدعوة الأطراف للاجتماع حول نص واحد لتسوية ما تبقى من خلافات.
وقال فولكر بيرتس إن عدم تنفيذ اتفاق جوبا للسلام يسهم في انعدام الاستقرار، وأنه في ظل غياب اتفاق سياسي، سيكون من الصعب المضي قدمًا بمعالجة دوافع النزاع في دارفور، بما في ذلك تقاسم الثروة والعدالة وقضايا الأراضي وعودة النازحين.
وكشف بيرتس عن وصول الاحتياجات الإنسانية إلى مستويات قياسية في الوقت الحالي بسبب مزيج من استمرار انعدام الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية وتصاعد العنف بين المجتمعات المحلية وضعف المحاصيل والفيضانات.
أكد بيرتس استمرار الأمم المتحدة في العمل مع الشركاء لتعزيز جهود تحقيق الاستقرار المجتمعي في السودان
وتابع: "يواجه (11,7) مليون شخص الجوع الحاد، ولا يزال هذا العدد آخذًا في الارتفاع. وبينما تمكنت الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة من الوصول إلى (7,1) مليون شخص لهم احتياجات إنسانية منذ يناير، فإنّ تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2022 لم يتعد (32) في المئة أي أقلّ من الثلث".
وأكد بيرتس استمرار الأمم المتحدة في العمل مع الشركاء لتعزيز جهود تحقيق الاستقرار المجتمعي وبناء القدرة على الصمود. مشيرًا إلى أن البعثة وأسرة الأمم المتحدة تواصلان تقديم الدعم إلى السلطات الوطنية وسلطات الولايات في تنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين.