على نحو متوقع، أعلن مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي الخميس عن قرار الحكومة السودانية رسميًا إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (اليونيتامس)، لأسباب فصلها وزير الخارجية المكلف علي الصادق في خطاب إلى الأمين العام – بحسب الحارث.
أكاديمي لـ"الترا سودان": بعثة "اليونيتامس" فنية وخسارتها قد تعمق الفجوة بين السودان والمؤسسات الدولية
وأشار الحارث إلى أن الأوضاع الحالية في السودان "خلقت تغييرًا جوهريًا في الظروف التي استدعت طلب إنشاء البعثة من جانب السودان"، موضحًا أن "البعثة بشكلها الحالي وأدائها المعروف الذي قيمته السلطات السودانية أصبحت لا تلبي تطلعات شعب السودان وحكومته".
وقال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي أمس الخميس – قال إن قرار مجلس الأمن رقم (2524) المنشئ لبعثة "اليونيتامس" اتخذ نتيجة "انخراط إيجابي بين السودان والأمم المتحدة وجهد توافقي" وبناءً على رسالة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك إلى الأمين العام للأمم المتحدة في شباط/فبراير 2020.
وذكر أن أداء البعثة في تنفيذ الأهداف المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة كان "مخيبًا للآمال"، مشيرًا إلى طلب السودان إجراء "مراجعة إستراتيجية لعمل البعثة". وأضاف: "لكن طبيعة عمل البعثة وإدارتها لم يطرأ عليها تغيير".
قالت أستاذة العلوم الدبلوماسية بجامعة الخرطوم "م.ع" في حديث إلى "الترا سودان" – قالت إن العالم لا وجود فيه لسيادة كاملة، لافتةً إلى أن الاعتراف بمنظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية الأخرى يعد تنازلًا جزئيًا عن السيادة الوطنية، وهو "تنازل غير مضر" ولذلك فإن أغلب القرارات التي تصدر تكون ملزمة للدولة – بحسبها.
مراجعة إستراتيجية
ومن ناحيتها، أعلنت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الأفريقية مارثا أما أكيا بوبي أمام مجلس الأمن الدولي الخميس أن الأمين العام بدأ في "مراجعة إستراتيجية" لبعثة "اليونيتامس" بهدف تزويد مجلس الأمن بخيارات حول كيفية تكييف ولاية البعثة لتناسب السياق الحالي بطريقة أفضل – حسب قولها.
وأوضحت مارثا بوبي أن المراجعة ستساعد على ضمان أن أهداف البعثة وأولوياتها تناسب احتياجات الشعب السوداني، وتدعم السودان في طريقه نحو السلام والاستقرار واستعادة الانتقال المدني.
وأوضحت أستاذة العلوم الدبلوماسية بجامعة الخرطوم "م.ع" في حديثها إلى "الترا سودان" أن التعامل مع المنظمة يجب أن يكون "وفق البروتوكول لا بالشخصنة"، مشيرةً إلى ما حدث في وقت سابق من أحاديث عن طرد المبعوث الأممي أو غيره. ولفتت إلى وجود آليات وقنوات رسمية يجب اتباعها، ابتداءً من مخاطبة المنظمة وتبرير الأسباب، وهو ما اتبعته الحكومة في خطوتها الأخيرة، لكنها "ليست كافية" – بحسب "م.ع" التي عللت بأن بعثة "اليونيتامس" عامل مساعد وليست طرفًا في النزاع وبقاؤها أفيد من طردها – حسب قولها.
وبحسب الأكاديمية "م.ع"، فإن التعامل مع المؤسسات الدولية يجب أن يكون وفق التفويض المحدد للاستفادة منها، ولا يجب أن يكون وفق "أهواء شخصية أو على طريقة القذافي"، مشيرةً إلى أنها "طرق عفا عليها الزمن"، ومؤكدةً أهمية احترام هذه المؤسسات والاستفادة منها.
المرة الثانية
وشهدت بعثة "اليونيتامس" خلال مسيرتها حملات تحريض واسعة قادتها بعض التنظيمات السياسية إلى جانب رجال دين وصل حد انتشار طلب في نيسان/أبريل 2020 منسوب إلى وزارة الخارجية السودانية بقضي بإنهاء تفويضها في البلاد، إلا أن الخارجية السودانية سرعان نفت صحة البيان، وقالت إنه "لا صحة لأحاديث إنهاء البعثة، وأنها باقية لمواصلة عملها".
بعثة جديدة؟
وأكد مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس مواصلة حكومة السودان في ما أسماه "الانخراط البناء مع الأمم المتحدة" بما يخدم مصلحة السودان بشأن إنشاء "آلية مناسبة جديدة تلبي المتطلبات والاحتياجات في ظل الظروف التي يمر بها السودان"، لافتًا إلى أن وفدًا سودانيًا سيقابل الأمين العام للأمم المتحدة وبعض أعضاء مجلس الأمن الدولي ذوي الصلة لـ"بلورة هذه الفكرة ومناقشة تفاصيلها".