قال الباحث والناشط في منظمات المجتمع المدني سليمان بلدو إن الاتحاد الأفريقي لا يملك إستراتيجية للعملية السياسية ودعوة المدنيين إلى تقديم رؤية للحل السياسي للأزمة السودانية إذا توافق الجيش السوداني والدعم السريع في منبر جدة على وقف إطلاق النار.
قال باحثون سودانيون في ندوة بكمبالا إن الوقت حان لمنظمات المجتمع المدني لتضطلع بدورها في نزع الشرعية عن الحرب وتقديم الحلول السلمية
وأوضح بلدو في ندوة عن توحيد المبادرات المدنية في العاصمة الأوغندية كمبالا مساء الخميس أن الاتحاد الأفريقي المنوط به قيادة العملية السياسية لا يملك إستراتيجية واضحة للعملية السياسية التي يقودها المدنيون في السودان. وأضاف: "حتى التحالفات السياسية التي تتصدر المشهد ليست لديها رؤية واضحة للحل السياسي المستدام، ما يزيد المخاوف من ترك الحلول في يد الطرفين المتحاربين".
ولفت بلدو إلى عدم وجود دور للأمم المتحدة لوقف الصراع في السودان وإلى بحث المجتمع الدولي عن حل على يد الاتحاد الأفريقي عبر منظمة "الإيقاد" التي شكلت لجنة رباعية برئاسة الرئيس الكيني وليام روتو، ورفضت القوات المسلحة رئاسته للجنة، مما أدى ذلك إلى توقف هذا المسار.
وأوضح سليمان بلدو أن منبر جدة يقود عملية وقف إطلاق النار والاتفاق على المسائل الفنية العسكرية، بينما يقود الاتحاد الأفريقي العملية السياسية وتجميع المدنيين للتفاوض، لكنه لم يأتِ بإستراتيجية – على حد قوله.
ويرى الباحث والناشط في منظمات المجتمع المدني سليمان بلدو أن العبء الأكبر يقع على المجتمع المدني السوداني في البحث عن العدالة إزاء "الانتهاكات الجسيمة" التي وقعت خلال الحروب التي مرت على السودان، لافتًا إلى أن الاتفاقيات السابقة لم تحقق العدالة رغم ما تضمنته من بنود عن العدالة.
وانتقد بلدو الصمت "المخجل" للاتحاد الأفريقي إزاء ما يحدث في السودان من تشريد ونزوح للملايين ومقتل آلاف المدنيين في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، وقال إن الاتحاد الأفريقي "بدأ يتنكر لمبادئه". ودعا بلدو منظمات المجتمع إلى الضغط عليه ليضطلع بدوره مع تفعيل دور مجلس السلم والأمن "غير المفعل حتى الآن" في صراع السودان – على حد قوله.
وزاد بلدو: "أين الأمم المتحدة؟ ألا يشكل النزاع المسلح في السودان تهديدًا للأمن والسلم الدوليين؟ ولماذا تكون خارج الصورة بحجة أن الحل يجب أن يكون أفريقيًا؟". "هذه الأزمة تستدعي التنسيق بين منظمات المجتمع المدني السودانية للضغط على هذه المنظمات الدولية والإقليمية لتضطلع بدورها" – أردف بلدو.
ومن جهتها، كشفت عضوة مؤسسة التوعية والوعي في إقليم النيل الأزرق في الندوة هويدا عن قرار السلطات بإغلاق مكاتب المؤسسة في الإقليم، وعبرت عن أسفها على هذا القرار، مشيرةً إلى أن السودان حاليًا في حالة "اللا دولة واللا دستور".
وترى هويدا أن منظمات المجتمع المدني يجب أن تعمل في هذا الوقت لرفع الصوت المدني عاليًا مع الأخذ في الاعتبار السياقات المختلفة للقضايا في السودان من منطقة إلى أخرى.
وحذرت هويدا من خطورة "الاستقطاب القبلي والمناطقي" في حرب السودان، وقالت إن الحشود القبلية المقصود منها خلق نوع من "التباهي بين القبائل".
ومن جهته، قال المحلل السياسي والباحث في الشؤون الإستراتيجية بكري الجاك خلال الندوة إن المجتمع المدني السوداني مطالب بنزع "شرعية الحرب" عن الطرفين المتقاتلين بالعمل مع المجتمعات، مشيرًا إلى أن الوضع في السودان ارتد إلى عصر ما قبل الطائفة إلى القبيلة.
وقال الجاك إن العالم لم يكترث بحرب السودان إلا بعد مرور ستة أشهر، وأضاف أنه جرت نقاشات في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وعرفوا أن ما يدور في السودان "ليست مسألة سهلة".
وشدد الجاك على ضرورة توحيد الجبهة المدنية وفق أفكار متفق عليها للتعبير عن صوت المدنيين في عملية التفاوض والتصورات بشأن حكومة طوارئ أو حكومة انتقالية. وتابع: "ما هي رؤية المدنيين للحل السياسي في فترة ما بعد وقف الحرب؟ حتى المجتمع الدولي –سواء الولايات المتحدة أو السعودية أو الاتحاد الأفريقي– لديهم مخاوف من هدنة طويلة تجدد الحرب مرة أخرى بعد تسلح الطرفين والتقاطهما أنفاسهما". وأردف: "لا يجب ترك الحل في يد طرفين عسكريين متناقضين يعيشان تناقضات داخل قواتهما العسكرية"، لافتًا إلى أن "الجنرال دقلو لا يسيطر على قواته التي تتشكل من ثلاث مجموعات، وهذا ما عكسه مقتل والي غرب دارفور". وأضاف: "البرهان أيضًا لا يمكنه قبول الذهاب إلى منبر جدة". "سنرى كيف سيتعامل الطرفان مع تلك الانقسامات" – أردف الجاك.