18-أغسطس-2022
غزال في محمية الدندر

جانب من محمية الدندر

يعد السودان أحد أبرز الدول التي تزخر بتنوعٍ بيولوجيٍّ وأحيائي، ومن أكثر  الدول حظًا من حيث توافر المحميات الطبيعية؛ إذ يتمتع السودان بنحو (10) محميات طبيعية. وتتنوع فيها الحيوانات والأشجار والأسماك، إلا أن الاهتمام والتعريف بها يقع في حدود المتعاملين مع البيئة. مؤخرًا وبعد أحداث أسود حديقة القرشي التي ظهرت وهي تعاني الهزال والضعف الشديد، بدأت صفحة جديدة من الاهتمام بقضية المحميات الطبيعية في السودان.

لا تزال كثير من المحميات الطبيعية في السودان مستباحة من قبل بعض الجهات ويمارس فيها الصيد الجائر وقطع الأشجار

نقطة تحول

في كانون الثاني/ يناير 2020 أثارت صور لأسود حديقة القرشي اهتمام رواد منصات التواصل الاجتماعي. وأضحت الصور بين ليلة وضحاها مثار حديث العالم، إذ أبانت أسودًا هزيلة، تظهر عظامها من شدة الجوع والعطش. ونفذ ناشطون وقفة احتجاجية آنذاك أمام حديقة القرشي. وتوافدت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الحيوان إلى السودان لتقديم المعونة للأسود. وظل الشعب السوداني يتابع أخبار أسود حديقة القرشي إلى أن تحسنت أحوالها. وكانت هذه الصور نقطة تحول فارقة في توجيه اهتمام الشعب السوداني إلى الحيوانات بصورة عامة، وإلى أهمية المحميات الطبيعية داخل السودان بصفة خاصة.

وفي السياق، تقول المتطوعة في مركز معتصم نمر للثقافة البيئية نسرين فخر الدين إن من الواجب تشجيع الأسر والأفراد على زيارة المحميات الطبيعية عبر جعلها "جذابة للجمهور"، مؤكدةً سماع قطاع عريض من الشعب عن المحميات من دون أن يروها أو يتعرفوا عليها من قرب. في حين ساعدت المحمية الطبيعية في منطقة "الباقير"، سكان مدينة الخرطوم في التعرف على ماهية المحميات الطبيعية – وفقًا لنسرين. وتضيف: "يجب علينا تقديمها بصورة ملائمة".

ومضت قائلة: "حماية المحميات الطبيعية تقع على عاتق المجتمع كله، من حيث التعرف على حدودها والتعامل معها وفق ضوابط محددة، مع وضع قوانين للمجتمعات حولها، وتعديل قوانين حماية البرية". وأشارت إلى "قصور القوانين واستباحة المحميات من بعض السكان والشركات".

https://t.me/ultrasudan

مجهودات شبابية

وفي أعقاب انتشار صور أسود حديقة القرشي، تطوعت مجموعات كبيرة من الشباب من أجل حماية البيئة والتعريف بالمفاهيم البيئية. وانطلقت الدعوات إلى حماية الحيوان وتوفير بيئة مناسبة له. وتضافرت جهود المتطوعين من الجنسين من أجل تحسين الحياة في المحميات الطبيعية.

وفي هذا الصدد، تحدث المهندس البيئي والمتطوع في مركز معتصم نمر للثقافة البيئية شادي ولدو إلى "الترا سودان" عن زيارة قامت بها مجموعة من المركز في شباط/ فبراير الماضي إلى حديقة السودان للحياة البرية. وقال إن الزيارة تركت لديهم "انطباعًا جميلًا" خاصةً وأن المحمية قامت بفضل مجهودات شبابية - على حد قوله. وتابع: "بدأت باستضافة أسود حديقة القرشي ورعايتها، ثم استضافة حيوانات مختلفة". ويشير ولدو إلى مجهودات الشباب المتطوعين ويصفها بـ"الكبيرة والمقدرة" في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد. ويضيف ولدو: "المحمية مكان مناسب للرحلات المدرسية والزيارات العائلية".

وبحسب ولدو، فالمشكلة "الأساسية" هي غياب ثقافة البيئة كمفهوم عن الناس، مشيرًا إلى أنها تشمل عمليات التشجير والنفايات والمحميات الطبيعية وغيرها من المفاهيم، ولافتًا إلى أهمية التوعية البيئية للمجتمع والعمل على الأرض للتعريف بها.

المحيط الحيوي

وقبل أيام تداولت الصحف والوسائط خبرًا حول إغلاق "محمية المارشال" للصيانة والتطوير. وحاول "الترا سودان" التواصل مع المسؤولين عنها، لكن الهاتف وصفحة المحمية على "فيسبوك" كانا مغلقين. وبحسب أقوال مختصين لـ"الترا سودان"، فـ"محمية المارشال" لا ينطبق عليها علميًا اسم "محمية" مثل الدندر، وإنما هي مبادرة "جميلة" للتعريف بأنواع الطيور والحفاظ عليها ولا تقع ضمن نطاق تعريف المحميات الطبيعية.

وتشير الناشطة البيئية رزان معتصم نمر إلى أهمية الحفاظ على المحميات الطبيعية، وإلى الدور الذي تضطلع به الإدارة العامة لحماية الحياة البرية التابعة لوزارة الداخلية "عبر سن قوانين تحدد تعامل المجتمعات المحلية للتعامل مع المحميات مثل محمية الدندر وجبل الدائر". وتسمى هذه المحميات "محميات المحيط الحيوي" –وفقًا لرزان- ويمكن للمجتمعات أن تقيم حول المحمية، لكن وفقًا لشروط محددة، إذ يُمنع قطع الأشجار وصيد الحيوانات والأسماك.

وتتابع حديثها إلى "الترا سودان" قائلة: "إدارة المحميات مسؤولية تقع على عاتق الإدارة العامة للحياة البرية بالإضافة إلى المجتمعات". وتزيد: "إنها مسؤولية المجتمع كله إذ يُنظر إليها كإرثٍ طبيعي".

متطوعة لـ"الترا سودان": الحفاظ على المحميات مسؤولية  المجتمع كله إذ يُنظر إليها كإرثٍ طبيعي

ولا تزال كثير من المحميات الطبيعية في السودان مستباحة من قبل بعض الجهات، ويمارس فيها الصيد الجائر وقطع الأشجار. ومن هذا المنطلق تقع على عاتق الجهات الرسمية والأفراد العاملين في مجال البيئة، مسؤولية كبيرة للتعريف بأهميتها وتشجيع العائلات والأفراد على زيارتها والتعرف عليها. ومن جانب آخر، نشر ثقافة التوعية البيئية والحفاظ على صحة الحيوان.