توفي يوم أمس الجمعة بالخرطوم، الموسيقار السوداني الكبير حافظ عبد الرحمن، وذلك بعد صراع مرير مع المرض. ووري جثمان الفنان الراحل بمقابر السرحة بمدينة النيل في أم درمان.
واشتهر الموسيقار السوداني الكبير حافظ عبدالرحمن بمقطوعاته الساحرة على آلة الفلوت، حيث يعد من الفنانين الذين وحّدوا الوجدان السوداني بمقطوعاته ذائعة الصيت، والتي وجدت قبولًا كبيرًا لدى السودانيين. وقلما تجد من لا يحفظ من مقطوعاته التي يبثها التلفزيون القومي والإذاعات السودانية، حيث صارت مؤلفاته من الرموز السودانية والإرث الموسيقى للسودانيين.
بدأ حافظ عبدالرحمن العزف على الناي في سن مبكرة
ولد حافظ عبدالرحمن في مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، وبدأ بالعزف في سن مبكرة مستخدمًا الناي، حيث قال عنه أحد أصدقائه في عهد الطفولة إنّه كان شغوفًا بالعزف على الصفارة اليدوية التقليدية المصنوعة من القصب.
وصقل العازف الموهوب مقدراته في معهد الموسيقى والدراما الذي درس فيه حتى نال الماجستير، ثم واصل تطويع قدراته بالمعاهد الأوروبية، ونالت مقطوعاته العديد من الجوائز المحلية والعالمية، كما استخدمت في إذاعات سودانية وأجنبية، حيث تزينت بها الإذاعة القومية في السودان، وكذلك "مونت كارلو" "وبي بي سي" و"صوت أمريكا".
يقول حافظ عبدالرحمن في حوار صحفي: "من الطرائف أن الملتحق بالمعهد في العادة يختبر بعد التأكد من شهاداته الأكاديمية، ويسأل عن ماذا سوف يعزف؟ فكانت اللجنة مكونة من أساتذة كوريين كانوا وقتها معلمين بالمعهد، ولكن كانت إجابتي بمداعبة الصفارة وبمجرد هذه المداعبة الموسيقية انتبهوا إلى نضج هذه التجربة مع الموهبة مع اختلافها عن غيرها من أداءات غيري من الممتحنين".
وألف حافظ أكثر من (30) مقطوعة موسيقية، أشهرها مقطوعة "الأيام الخالدة" و"ضوء الشموع" و"حتى نلتقى". كما أحيا الموسيقار الكبير العديد من الحفلات في العواصم العالمية، حيث سُمعت موسيقاه في الخليج العربي واليابان، وعزف الفلوت في مسرح كيني سنتر في واشنطن، كما عملت شركة فرنسية على توزيع أعماله في شتى أنحاء العالم.
وكانت "المرفأ القديم" باكورة إنتاجه الاحترافي في السبعينات، ومدخله للإذاعة القومية، حيث صارت هذه المقطوعة شارة برنامج الإذاعة السودانية الشهير "دنيا دبنقا" بطلب من مقدم البرنامج الإعلامي الكبير محمد سليمان.
وعبر السودانيون على مواقع التواصل عن شعورهم بالحزن وكذلك العرفان للفنان الذي انطبعت موسيقاه في أذهانهم عبر السنين، حيث مثل حالة من التفرد في المجال الفني السوداني الذي يسود فيه الغناء.
تقول "هاجر": "فقد السودان اليوم أحد أبنائه العظماء المثقفين وصاحب المهارة الخطابية والموسيقار الذي تربى الكثيرون علي ألحانه وممثل السودان في العديد من المحافل العالمية الأستاذ الموسيقار حافظ عبدالرحمن".
وفي نعيه لحافظ عبدالرحمن يقول "محمد عمر": "لو كان هذا الرجل في دولة أخرى غير بلدنا لأقاموا له التماثيل ولدرست طريقة تاليفه للمعزوفات الخاصة من الأيام الخالدة وحتى نلتقي وغيرها"، ويستدرك: "لكن نحن لا نقدر ما بيدنا حتى نفقده".
ويؤكد "عبدالغفور عثمان" أن مقطوعات الموسيقار الكبير حافظ عبدالرحمن قد وحدت وجدان الشعب السوداني "رغم اختلاف وتمايز ثقافاتهم الغنائية"، ويضيف: "كانت ألحانه تدخل الروح دون استئذان، بل وتبعث فيك آمالًا وتسوقك بخيالك إلى عالم المُثل الذي تنشده كل فطرة سليمة".
برحيل حافظ عبدالرحمن انطوت موهبة فذة وتجربة فريدة مثلت حقبة في الفن السوداني، ولكن ستظل خالدة في أذهان الناس عبر مقطوعاته التي يمكن وصفها بأنها واحدة من الرموز التي يجمع عليها السودانيون. والتي صارت بعضًا من إرث الأمة السودانية.