اضطر بعض المصابين بالملاريا والحُمّى في منطقة الجريف شرق بمحلية شرق النيل بالعاصمة الخرطوم إلى النوم على الأرض في فناء عيادات صحية جراء اكتظاظ العنابر بالمرضى، كما لم ينجُ المتطوعون من الوبائيات التي ضربت المنطقة.
مواطن: المواطنون في منطقة الجريف شرق يعملون بشكل جماعي لتوفير الغذاء للمطابخ الجماعية وتشغيل العيادة الصحية، لكن الظروف التي تحيط بهم أقوى
يقول مازن، وهو من سكان منطقة الجريف شرق، لـ"الترا سودان" إن العنابر مليئة بعشرات المرضى المصابين بالملاريا والحُمّى ونقص الدم والتيفوئيد، في ظل نقص المحاليل، خاصة محلول البنادول الذي يساعد على خفض الحُمّى.
ويرى مازن أن الأوضاع الوبائية وإصابة مئات الأشخاص بالملاريا والحُمّى المجهولة والتيفوئيد قد خرجت عن سيطرة المتطوعين الإنسانيين الذين يعملون في ظروف بالغة التعقيد.
وكانت غرفة طوارئ شرق النيل قد أشارت الأسبوع الماضي إلى وفاة 25 شخصًا بسبب الحُمّى والملاريا وعدم انتظام عمليات غسيل الكلى، وحذرت من أن الناس يفقدون حياتهم بسهولة مع عجزهم عن الحصول على الغذاء والدواء.
يقول مازن إن المواطنين في منطقة الجريف شرق يعملون بشكل جماعي لتوفير الغذاء للمطابخ الجماعية وتشغيل العيادة الصحية، لكن الظروف التي تحيط بهم أقوى؛ لأنهم لا يتحكمون مثل طرفي الحرب في الطرق والممرات لدخول القوافل التجارية التي تحمل السلع الغذائية والأدوية، إلى جانب انقطاع شبكة الاتصالات وخدمة الإنترنت منذ شباط/فبراير الماضي.
وتقع منطقة الجريف شرق في نطاق محلية شرق النيل الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وخلال الشهور الماضية انحسرت القوافل التجارية التي كانت تتحرك من شندي في نهر النيل وولاية الجزيرة بسبب انتشار عصابات النهب التي لها صلة بقوات الدعم السريع، ما أدى إلى شح الغذاء والدواء والسلع الاستهلاكية.
وكانت غرفة طوارئ الجريف غرب قد حذرت الثلاثاء من انعدام المحاليل الوريدية واكتظاظ العنابر بالمرضى وعدم وجود مساحات شاغرة لاستقبال مرضى جدد في العيادة الصحية التي يعمل فيها المتطوعون الإنسانيون والكوادر الطبية.
تفاقم الوضع الإنساني في الخرطوم والخرطوم بحري وأجزاء من أم درمان بشكل غير مسبوق خلال الشهرين الماضيين
وتفاقم الوضع الإنساني في الخرطوم والخرطوم بحري وأجزاء من أم درمان بشكل غير مسبوق خلال الشهرين الماضيين، ويقدر المتطوعون الإنسانيون عدد الوفيات بالمئات جراء الملاريا والحُمّى ونقص الغذاء، مما أدى إلى عدم مقاومة المصابين للأمراض لانخفاض المناعة.
وتقول الباحثة في العمليات الإنسانية نهلة حسن لـ"الترا سودان" إن المراكز الإنسانية التي تقدم خدمات الطعام والعلاج للمواطنين في أحياء الخرطوم تعاني من نقص الكهرباء والاتصالات والوقود، وتفتقر المعامل إلى المعينات اللازمة لتشخيص الأمراض.
وتضيف نهلة حسن أن المنظمات الإنسانية مطالبة بتوفير ألواح الطاقة الشمسية للمطابخ الجماعية والعيادات الصحية في أحياء الخرطوم وبحري وأم درمان، لتسهيل عمل المتطوعين والاستفادة من الطاقة الشمسية التي توفر الكهرباء.
وتابعت: "الطاقة الشمسية توفر تشغيل خدمة الإنترنت الفضائي ومختبر التشخيص في العيادات الصحية العامة التي تقع داخل مراكز الإيواء والمطابخ الجماعية، كما توفر الطاقة عملية طهي الطعام من خلال توفير مواقد تعمل بالكهرباء بدلًا من الاعتماد على حطب الأشجار والتأثير على البيئة".
وأشارت إلى أن بعض الأشخاص لجأوا مؤخرًا إلى جلب الحطب للمطابخ الجماعية للحصول على وجبات الطعام، خاصة من لديهم القدرة على التجول في الأحياء والمرافق العامة وقطع الأشجار لغرض الطهي.
وترى نهلة حسن أن ما لا يقل عن ثلاثة ملايين شخص في الخرطوم وبحري وأم درمان على أعتاب مجاعة ووبائيات مثل الملاريا والحُمّى والكوليرا، والمجتمع الدولي عاجز عن فعل شيء ملموس ومستدام مثل تخصيص ممرات آمنة وتخصيص محطة حافلات معزولة عن العمليات العسكرية بمنع الطرفين من الاقتراب منها باعتبارها "منطقة آمنة" مخصصة لتوفير خدمات النقل للنازحين بأسعار معقولة.
باحثة: الملاريا فتكت بحوالي خمسة آلاف شخص في الخرطوم وبحري
وأشارت إلى أن الملاريا فتكت بحوالي خمسة آلاف شخص في الخرطوم وبحري، وأغلبهم لم يحصلوا على العلاج، ومنهم من فارق الحياة متأثرًا بالمرض، خاصة المسنين والأطفال.
وأضافت: "المجتمع الدولي يتعامل مع أزمة السودان بنوع من التجاهل، لأن مجلس الأمن الدولي عاجز تمامًا في ظل تقاطع المصالح الدولية والإقليمية في ردع الطرفين لتوفير الممرات الآمنة لدخول الإغاثة"، مشيرةً إلى أن المجتمع الدولي عاجز أيضًا عن تمويل خطة إنسانية لعام 2024 بقيمة ملياري دولار، وقد رصدت الأمم المتحدة 30% فقط من التمويل المطلوب.