في الأحياء الواقعة جنوب الخرطوم تنتشر قوات الدعم السريع بصورة كبيرة، ومساء السبت اقتحمت منازل بعض المواطنين في أحياء الصحافة غرب ونهبت سيارات تحت تهديد السلاح.
وقالت سيدة تسكن الصحافة غرب لـ"الترا سودان"، إنها وضعت سيارتها في الجراج ونزعت الإطارات لحمايتها من النهب، ولكنهم أمروهم بإحضارها، ومن ثم قاموا بسحب السيارة بمركبة عسكرية. "هذه السيارة اشتريتها من معاش تقاعدي من شركة هندسية في العام 2020"، تقول هذه السيدة.
ناشطة تقطن بالقرب من سلاح المدرعات: قوة من الدعم السريع طلبت منا الخروج من منازلنا
وأوضحت أنها غادرت العاصمة اليوم الأحد رفقة أطفالها متوجهة إلى ولاية سودانية، وعبرت عن شعورها بالمرارة على فقدان سيارتها والمصير الغامض الذي ينتظر منزلها الذي قد لا ينجو من النهب.
وقوات الدعم السريع تشكلت نواتها من العشائر إبان الحرب في إقليم دارفور، واستخدمها نظام عمر البشير لقتال الحركات المسلحة. وبعد الإطاحة الشعبية بالنظام في نيسان/أبريل 2019 تموضعت عسكريًا في العاصمة الخرطوم بشكل ملحوظ، مقرونًا ذلك بطموحات سياسية لقائدها محمد حمدان دقلو الذي كان قد حصل مسبقًا على صفة فريق أول.
وتعتمد هذه القوات منذ النزاع المسلح في العاصمة الخرطوم منتصف نيسان/أبريل الماضي محاصرة القواعد العسكرية للجيش الواقعة وسط الأحياء السكنية بالاستيلاء على المنازل، والطلب من المواطنين "الإخلاء القسري" في خطة تمهد للتوغل إلى مقار الجيش.
حدث ذلك بالفعل لعائلة "راوية" وهي ناشطة في الحراك السلمي الذي كان يسعى للإطاحة بالجنرالات قبيل الحرب، حيث تقطن مع أسرتها في حي جبرة على مقربة من سلاح المدرعات.
قالت راوية لـ"الترا سودان" إن قوة من الدعم السريع طلبت منهم في الحي الخروج من منازلهم. وغادرت راوية إلى ولاية النيل الأزرق رفقة العائلة، والآن لا تود أن تنظر إلى الخلف من شدة الرعب، وتريد أن تسمع عبارة واحدة وهي: "انتهت الحرب" لتعود إلى منزلها - تضيف هذه الفتاة.
في المفاوضات التي عقدت في جدة بالمملكة العربية السعودية بشكل غير مباشر بين الجيش والدعم السريع، كانت الأجندة الرئيسية كيفية مغادرة الدعم السريع للأحياء والمرافق الحكومية والمدنية.
الدعم السريع نفى تواجده في المرافق المدنية، وقال إن لجنة مشتركة نفذت زيارة ميدانية على المستشفيات وأقرت إخلاء القوات العسكرية لهذه المرافق.
واشترط قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي" لإنهاء الحرب بعزل القيادة العسكرية الحالية، قائلًا إنهم يأتمرون من قيادات النظام البائد في أول ظهور له خلال ثلاثة أشهر.
محلل سياسي: سيطرة الدعم السريع على بعض المنازل واحتلال أحياء كاملة في العاصمة الخرطوم تحولت إلى "ورقة تفاوض"
ويقول المحلل السياسي مصعب عبدالله إن سيطرة الدعم السريع على بعض المنازل واحتلال أحياء كاملة في العاصمة الخرطوم تحولت إلى "ورقة تفاوض"، وحتى اتفاق جدة الذي أقره طرفا النزاع في منتصف أيار/مايو الماضي فشل في حل هذه الأزمة.
ويرى عبدالله في حديث لـ"الترا سودان" أن قوات الدعم السريع لن تقدم على مغادرة الأحياء السكنية والمرافق العامة المدنية دون اتفاق نهائي على وقف إطلاق النار، مع تفاصيل حول كيفية تجميع القوات بشكل آمن على الأرض. ويضيف: "إخلاء الدعم السريع للأحياء السكنية يعني هزيمة هذه القوات، وهي تعلم ذلك تمامًا".