التداوي بالأعشاب أو العلاج النباتي أحد مواضيع علم النبات، ويُستخدم ما هو مخصص من النباتات للأغراض الطبية منذ تاريخ تليد، وما يزال يمارس التداوي بها في السودان. ومع تطور الطب زاد لجوء الإنسان إلى الوصفات الطبية عبر الصيدليات المعروفة ما أدى إلى تقليل نسبة التداوي بالأعشاب.
صاحب محل للأعشاب يقول لـ"الترا سودان" إن لديه علاجًا لجميع الأمراض، وتؤكد مواطنة عدم ثقتها بالأعشاب التي تباع في الأسواق
مع مرور الزمن، انتشر مروجو الأعشاب في الأسواق بصورة ملفتة للنظر، ويزعم معظمهم أنهم يعالجون جميع الأمراض، فيما حذر صيادلة تحدثوا إلى "الترا سودان" من خطورة هذه الظاهرة على المجتمع.. فهل تحولت الأعشاب من دواء إلى داء يفتك بحياة الإنسان؟
عالم الأعشاب
يقول علاء الدين موسى وهو صاحب محل للأعشاب في حديث لـ"الترا سودان" إن لديه علاجًا لجميع الأمراض، مثل التهابات البول والأرجل والأملاح الزائدة وجميع مشاكل الكلى إلى جانب مرض الحصوة والأرق والإرهاق. وأوضح قائلًا: "عندما يُصاب أحدهم بهذه الأمراض يستخدم (الشادي الهندي) الذي يتكون من (10) أنواع من الأعشاب الطبيعية"، من ضمنها -بحسب موسى- (الحرجل وشجرة أم الشطور والنعناع والرمان وعباد الشمس وعشبة الكروية والحبة السوداء).
وبخصوص طريقة الاستعمال، يوضح موسى أن هناك علاجات يتناولها المريض بالفم فيما يمسح أخرى على جسده مثل الزيت الهندي وزيت العصفور الذي يستخدم لعلاج آلام الظهر والمفاصل والتمزق والشد العضلي، بالإضافة إلى مرض الغضروف وعلاج البواسير من دون إجراء عملية جراحية وذلك عبر عشبة تسمى "علاج البواسير" تتكون من (اللالوب وأم الشطور والبودرة)، لافتًا إلى وجود صابون للجسم يُستخدم بطريقة معينة ويتكون من (15) عشبة، ويعمل على علاج "مشاكل الجسم"، ومشيرًا إلى أن العلاج يؤخذ بعد تشخيص الحالة. ويؤكد موسى نجاح جميع التجارب، مردفًا أنه لم يشكُ مريضٌ من آثار جانبية أو إخفاق العلاج.
وعن المدة الزمنية للعلاج والتعامل مع أصحاب الأمراض المزمنة، يوضح خبير الأعشاب وصاحب المحال التجارية للأعشاب أنه ليست هناك مدة زمنية محددة للعلاج، ويبين أن المريض يواظب على استخدام الأعشاب بصورة مستمرة، مضيفًا أن العلاج يبدأ مفعوله بعد ثلاثة أيام من بدء تناوله أو مسحه، ولافتًا إلى وجود عشبة مخصصة لأصحاب الأمراض المزمنة.
وفيما يخص مكان المعمل، يوضح موسى أن يُصنّع جميع العلاجات في المنزل ويُخضعها للتجربة قبل بيعها للمريض. وأوضح أن الأسعار تبدأ من (1,000) إلى (4,000) جنيه سوداني.
تجربة ومخاطر
ومضت الشابة صفاء آدم في حديثها إلى "الترا سودان " إلى أنها لا تستعمل الأعشاب التي تباع في الأسواق لجهة أن مصدرها وطريقة عملها وأنواع الأعشاب المستخدمة فيها "غير معروفة، وقالت إنها لا تثق في "الخلطات" التي تباع لعلاج الأمراض المختلفة في الطرقات، ولكنها عادت وأوضحت أنها تشتري الأعشاب التي تتوافر في "العطارات" والمحال التجارية. وذكرت أنها جربت بعض الأعشاب مثل (اللافندر، والوالاس، والبابونج، وأم قليلة، والحرجل) واستخدمتها لعلاج الضغط وانتفاخ البطن، مؤكدةً نجاعتها.
وعن استشارة الطبيب قبل استخدام الأعشاب، تقول صفاء آدم أن هناك أشياء لا تحتاج إلى طبيب وأنها تناولت الأعشاب دون استشارة طبيب. وأضافت أنها تلجأ إلى الطبيب عند تدهور حالتها الصحية.
وفي السياق نفسه، يشير المتحدث باسم تجمع الصيادلة المهنيين صلاح جعفر إلى مخاطر التداوي بالأعشاب خاصةً إذا لم يكن للمعالج معرفة بالأعشاب التي يعمل على تركيبها وبآثارها الجانبية. وتأسف جعفر في حديثه لـ"الترا سودان" على تعامل بعض المرضى مع هؤلاء الباعة، محذرًا من "العواقب الوخيمة" لهذا الأمر – على حد وصفه.
اتهامات ومطالب
وأضاف المتحدث باسم تجمع الصيادلة المهنيين أن تجار الأعشاب ليست لديهم المعرفة الكاملة ولا الخبرة العلمية المتوارثة، متوقعًا "نتائج خطيرة" تقع على المريض جراء استخدام الأعشاب التي يبيعونها. وأرجع جعفر لجوء المريض إلى مروجي الأعشاب إلى انخفاض سعرها مقابل ارتفاع تكلفة الدواء بالصيدليات وزيادة تذكرة الدخول إلى الطبيب، ما يزيد من رواج مسوقي العلاجات البلدية، متهمًا إياهم بالاستثمار في رغبات المرضى وتقديم بضاعتهم على أنها "علاج بتكلفة أقل من أدوية الصيدليات". وأوضح جعفر أن المريض يفضل تجربة العلاج الرخيص على علاج بتكلفة فوق طاقته - على حد قوله.
طبيب صيدلي لـ"الترا سودان": لجوء المريض إلى التداوي بالأعشاب بسبب انخفاض سعرها مقابل ارتفاع تكلفة الدواء بالصيدليات
وطالب الدكتور صلاح جعفر وزارة الصحة بتنظيم سوق الدواء ووضع حد لمروجي الأعشاب ومتابعة المراكز الصحية. وشدد على ضرورة أن تتناسب أسعار الخدمات التي تقدم في المستشفيات مع الأوضاع الاقتصادية للبلاد، وطالب الدولة أيضًا بالاهتمام بالقطاع الصحي ووضعه كأولوية.