31-يوليو-2018

أردوغان في زيارة للفاتح علي حسنين بمنزله في السودان (فيسبوك)

نهايات مطلع العام 2017 حطت طائرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مطار السودان، وطيلة أيامه الثلاثة، كان يسأل بإلحاح عن طبيب يسمى الفاتح علي حسنين، صديقه الذي تنبأ له قبيل ثلاث عقود تقريباً بقيادة تركيا.

قبل أيام، أرسل أردوغان طائرة طبية خاصة، لاستقدام صديقه و"شيخه ومعلمه" السوداني الفاتح علي حسنين، للعلاج في إسطنبول

وفي الليلة الأخيرة من الزيارة، أفلحت جهود أردوغان في العثور على منزل الرجل بضاحية الطائف جنوب الخرطوم، واقتطع معه وقتًا ثمينًا إلى حين منتصف الليل. والآن بعيد مرور نحو عام على تلك الزيارة، تدهورت صحة حسنين، فأرسل له الرئيس التركي طائرة خاصة مجهزة بفريق طبي أقلته إلى إسطنبول، فمن هو الفاتح علي حسنين؟ وما سر وفاء أردوغان له؟

اقرأ/ي أيضًا: أردوغان وإحراج محور الشر العربي من بوابة فلسطين

نهار الجمعة الماضي فوجئ العاملون بمطار الخرطوم بطائرة تركية خاصة، وعلى متنها فريق طبي كامل، وفي غضون ساعة حملت الطائرة الدكتور الفاتح علي حسنين الذي تدهورت صحته على نحوٍ مفاجئ، دون أن تنتبه له الحكومة السودانية، أو ترسل من يطمئن عليه. وحالياً يتلقى الفاتح علي حسنين العلاج في إحدى مشافي إسطنبول. كما أنه ومنذ ذلك الوقت يتساءل السودانيون والأتراك، عن سر هذا الوفاء الغريب؟

تقول سيرته المبذولة، إن الفاتح علي حسنين ولد في العام 1946، ودرس الطب بجامعة بلغراد، ومن ثم هاجر إلى النمسا، وعمل على نشر الإسلام في أوروبا. بعد ذلك اضطرته الظروف الأمنية والسياسية إلى الاستقرار في تركيا، وأصبح مستشاراً لرئيس البوسنة والهرسك علي عزت بيغوفيتش، وقائماً بأعماله عدة أشهر، جراء حصار بيغوفيتش من قبل المليشيات الصربية أثناء الحرب، أوائل تسعينات القرن الماضي.

عبر نشاطه السياسي والدعوي تقاطعت السبل بين الفاتح علي حسنين وأردوغان، الذي أصبح صديقًا له. وعطفاً على تلك الصداقة مع أردوغان ونجم الدين أربكان، عمل الفاتح علي حسنين على إنشاء جمعية الصداقة الشعبية السودانية التركية، وأصبح رئيساً لها.

أسامة توفيق، القيادي بحركة "الإصلاح الآن" والمقرب من الفاتح علي حسنين، وصف العلاقة بين أردوغان والفاتح، بـ"العميقة" وأنها "تحتشد بالمعاني والقصص المثيرة". وقال توفيق في حديثه لـ"ألترا صوت"، إن الفاتح علي حسنين كان يعاني من آلام في الظهر بسبب الغضروف، أقعدته عن الحركة، ومكث يومين في المستشفى. وعندما عرف أردوغان بذلك أرسل له طائرة خاصة وتكفل بعلاجه.

وحول ملابسات العلاقة وبدايتها، عاد أسامة توفيق بالذاكرة إلى اندلاع شرارة حرب البوسنة والهرسك: "وقتها دعم الفاتح علي حسنين المسلمين هناك بالإغاثة من العاصمة النمساوية فينا حيث كان يقيم هناك. في هذا التوقيت كان أردوغان مسؤول ملف البوسنة في حزب الرفاه الإسلامي بقيادة نجم الدين أربكان، وكان أردوغان يتعامل مع الفاتح علي حسنين في هذا الملف، ومن هنا نشأت العلاقة بينهما وتطورت".

وأضاف توفيق أن الفاتح علي حسنين حكى لهم تفاصيل لقائه بأردوغان حينما تولى الآخير منصب عمدة بلدية إسطنبول، قائلاً: "زار حسنين رجب طيب أردوغان ﻓﻲ ﺳﺠﻨﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﺭﺋﻴﺴاً ﻟﻠﻮﺯﺭﺍﺀ ﺑﺴﻨﻮﺍﺕ، ﻭﻗال ﻟﻪ: ﻣﺮﺣﺒﺎً ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ. ﻭﺍﺳﺘﻐﺮﺏ أردوغان ﻟﺬﻟﻚ، فرد عليه، أﻧﺎ ﺍﻵﻥ ﻣﺴﺠﻮﻥ ﻭﻣﺤﺮﻭﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﻓﻜﻴﻒ ﺃﻛﻮﻥ ﺭﺋﻴﺴﺎً ﻟﺘﺮﻛﻴﺎ؟".

زار أردوغان الفاتح حسنين مرتين، حين كان رئيسًا لوزراء تركيا وحين أصبح رئيسًا لها
زار أردوغان الفاتح حسنين مرتين، حين كان رئيسًا لوزراء تركيا وحين أصبح رئيسًا لها

وعندما زاره ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺻﺒﺢ ﺭﺋﻴﺴﺎً ﻟﺘﺮﻛﻴﺎ، ﺟﻠس ﻣﻌﻪ ﻟﻤﺪﺓ ﺧﻤﺲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺑﺤﻀﻮﺭ ﺃﻭﻏﻠﻮ، ﻭﺫﻛّﺮه ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ. وتعتبر زيارة أردوغان إلى الفاتح علي حسنين في منزله بالخرطوم الثانية، لأن الأولى جاءت عندما كان أردوغان رئيساً للوزراء قبل عدة سنوات، وفقاً لأسامة توفيق.

ومن المهم الإشارة إلى Hk الفاتح علي حسنين شيد المداميك الأولى في بناء اﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺸﺮﻕ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ واﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺑﺈﻗﻠﻴﻢ ﺑﻴﻬﺎﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻮﺳﻨﺔ، وترأس ﻭﻛﺎﻟﺔ ﺇﻏﺎﺛﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ، وامتدت وشائج الصداقة بينه وبين قادة العمل الإسلامي في تركيا، وعمل على تأسيس ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ "ﻋﻠﻲ ﻋﺰﺕ ﺑﻚ" في إسطنبول. 

عمل الفاتح علي حسنين نائبًا لعلي عزت بيغوفيتش، وقائمًا بأعماله عدة شهور في فترة حصار المليشيات الصربية لبيغوفيتش

ومن نشاطه الدعوي، طبعه لمعاني ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ باللغات البوسنية والألبانية والبلغارية والتشيكية والرومانية، وقد أسهمت وﻛﺎﻟﺔ العالم الثالث التي أسسها الفاتح علي حسنين في النمسا، كما تشير بعض المصادر، بشكل كبير في ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﻮﺳﻨﺔ ﻭﺍﻟﻬﺮﺳﻚ، ﻭﺩﻋﻢ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺷﺮﻕ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﻟﺒﺎﻧﻴﺎ ﻭﻛﻮﺳﻮﻓﻮ. هذا ويصف أردوغان الفاتح علي حسنين بأنه أستاذه وشيخه، وأنه تعلم منه الكثير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في ذكرى رحيل الترابي.. جدل سوداني حول تجربته ومشروعه السياسي الغامض

ذكرى إعدام محمود محمد طه.. جدل سوداني متجدد حول زعيم دعوة "الجمهورية"