31-ديسمبر-2023
مركوب جلد نمر سوداني

(Getty)

ابتكرت عبقرية السودانيين في دارفور حذاء "المركوب" الذي ينتعله جميع السودانيين حتى صار حذاءً قوميًا غير مرتبط بجهة أو منطقة محددة.

ارتبط اسم المركوب في الأسواق بمدينة الجنينة

وارتبط اسم المركوب في الأسواق بمدينة الجنينة، وأصبح يطلق عليه اسم "مركوب الجنينة" لجودة المنتج المصنع في حاضرة ولاية غرب دارفور.

المركوب السوداني

ويصنع المركوب من جلود الماعز والضان والبقر والنمور والثعابين والأصلة، بجانب الربل والمسامير والخيوط والشمع ومادة لاصقة تسمى النوكرين.

يأخذ المركوب أشكالًا وأنواعًا وتصاميم مختلفة؛ أبرزها مركوب الجنينة الذي يصنع من جلد الماعز بجانب النمر والأصلة والثعبان والقطيفة.

المراكيب صناعة قديمة في السودان ولا يعرف لها تاريخ دقيق بدأت فيه سوى أنها حرفة متوارثة من الأجداد.

مراكيب سودانية
تصنع المراكيب من جلود الحيوانات

وفرت حرفة صناعة المراكيب آلاف الوظائف للمشتغلين في المجال، بدءًا بالإسكافي الذي ينتج المركوب مرورًا بالتجار الذين يعملون في بيع وشراء الجلود ودباغتها، بجانب الأدوات الأخرى التي تستخدم في إنتاج المراكيب.

الحرب والمراكيب

تأثرت صناعة المراكيب في السودان كغيرها من الصناعات بحرب 15 نيسان/أبريل 2023، حيث أثرت على الكميات المنتجة لعدم توفر المادة الخام التي تجلب من الخرطوم، وتوقفت بسبب الحرب؛ باستثناء الجلود التي تنتج محليًا.

تأثر تسويق إنتاج المراكيب بسبب الحرب ولجوء معظم السكان إلى دولة تشاد الجارة، بجانب إغلاق الطرق للوصول إلى الأسواق في ولايات السودان الأخرى.

شكا الإسكافي جلال بشارة من صعوبة الحصول على أدوات الإنتاج، مؤكدًا على أن المنتج على قلته بيعه ضعيف بسبب هجرة السكان جراء الحرب التي دارت في المنطقة. وأضاف عدنا إلى العمل بعد توقف استمر ثمانية أشهر فقدنا فيها أموالنا والمعدات التي ننتج بها المراكيب.

صانع المراكيب جلال بشارة
الإسكافي صانع المراكيب جلال بشارة

ورث الإسكافي حسن يعقوب محمد هذه الصنعة من أجداده، وقال إنه بدأها في العام 1981.

وعن عمر المركوب الافتراضي قال يتراوح ما بين سنة إلى ثلاث سنوات.

وصف حسن يعقوب السوق بأنه "تعبان"، وأرجع ذلك إلى أن معظم زبائنهم من الموظفين القادمين من الشرق يأخذون كميات كبيرة كهدايا لأهلهم. وأضاف: "فقدنا هذه الفرص لأن الموظفين عادوا إلى مناطقهم بسبب الحرب".

المواد الخام

بحسب حسن يعقوب الإقبال الأكثر على مراكيب الثعبان والأصلة، وتتفوق الجلود النيجيرية على الجلود السودانية لأن شكلها أجمل بسبب البيئة الغابية وتوفر الأشجار والمياه، وتتميز بالألوان والخطوط السوداء، أما السودانية فلونها أبيض.

وقال حسن يعقوب إن جلود الثعابين السودانية تأتيهم من ولاية جنوب كردفان؛ منطقة العباسية تقلي.

صانع المراكيب حسن يعقوب
الإسكافي صانع المراكيب حسن يعقوب

وتابع: "لدينا مراكيب خاصة بأصحاب السكري ميزتها أنها مرنة ومجوفة من الداخل؛ ننتج في السابق مركوب القطيفة الذي توقف إنتاجه منذ العام 2011 لأن المادة الخام تأتينا من سوريا ووقف الوارد بسبب الحرب هناك.

وعبر حسن عن معاناتهم في الحصول على المادة الخام وأدوات الإنتاج بشكل عام بسبب الحرب.

وأضاف حسن أن معدل الإنتاج اليومي ثلاثة مراكيب ذات جودة عالية، أما المراكيب السوقية فيستطيعون إنتاج ستة أزواج في اليوم.

من ناحيته قال الإسكافي محمد حسن مختار لـ"الترا سودان" إن عملهم مرتبط بوجود الناس الذين هجرو البلد بسبب الحرب، بالتالي تأثر الإنتاج والتسويق على حد سواء.

محمد حسن مختار
الإسكافي صانع المراكيب محمد حسن مختار

وزاد: "كنا نستقبل زبائن أجانب كانوا يعملون في المنظمات العالمية ووكالات الأمم المتحدة في الولاية وتوزع منتجاتنا في أسواق مصر والسعودية؛ توقف كل ذلك بسبب الحرب".

وبالرغم من قدم هذه الصناعة لكن لم تتدخل الدولة في تطويرها بجلب آليات إنتاج حديثة تضاعف الإنتاج، تستطيع الآلات الحديثة أن تنتج آلاف المراكيب بذات التصميم الذي استفادت منه دول أخرى وبدأت في إنتاجه.

ظلت صناعة المراكيب في السودان تقليدية وإنتاجها بطيء وضعيف دون أن تتطور

وظلت صناعة المراكيب في السودان تقليدية وإنتاجها بطيء وضعيف دون أن تتطور، ومع ذلك حافظت على استمراريتها وجودتها ومنافستها للماركات العالمية.

بانر الترا سودان