18-مايو-2020

وزير المالية والتخطيط الاقتصادي (Getty)

رسم المحلل الاقتصادي، حسام الدين حسن عثمان، صورة قاتمة للاقتصاد السوداني خلال الفترة الوجيزة القادمة متوقعًا انهيارًا للعملة المحلية على خلفية تطبيق وزير المالية زيادة الأجور للقطاع العام دون تغطية من موارد حقيقية، متوقعًا طباعة العملة لتغطية منصرفات الأجور.

وأشار عثمان في تصريح لـ"ألترا سودان" إلى أن وزير المالية إبراهيم البدوي قرر زيادة أجور القطاع بنسبة (500%) اعتبارا من أيار/مايو الجاري دون الإجابة على كيفية توفير موارد حقيقية لسداد (4.2) مليار دولار هي قيمة الأجور لهذا العام. وتوقع عثمان لجوء وزارة المالية إلى طباعة النقود لتغطية العجز في سداد الأجور بعدما عجزت موازنة (2020) في الحصول على الموارد الخارجية التي اعتمد عليها البدوي بنسبة (53%) من حجم الموازنة البالغة (568) مليار جنيه. وتابع عثمان "البدوي لديه افتراضات بالحصول على دعم دولي وهي مجرد وعود لم يحصل عليها، في نفس الوقت الموازنة الكلية (50%) منها عبارة عن مصروفات وفي هذا الوضع المتفاقم قرر زيادة الأجور للقطاع العام، هذا سيؤدي إلى زيادة جنونية في أسعار السلع الخدمات خلال ثلاثة أشهر فقط".

عثمان: يجب التفاوض مع المنظومة الدفاعية لتمويل الموازنة خلال الفترة الانتقالية من رأسمالها الذي يقدر بــ(180) مليار دولار لكن الحكومة الانتقالية لم تخوض معاركها الحقيقية مع المنظومة.

ورأى عثمان إن "التعلل الحكومي بالعقوبات الأميركية غير منطقي، لأن دول مثل إيران مصنفة من الدرجة الأولى برعاية الإرهاب وحصلت على دعم دولي مقدر لمواجهة النفقات الاقتصادية ضد فيروس كورونا الجديد" ويعتقد المحلل الاقتصادي إن الحكومة ضعيفة في التفاوض مع المؤسسات المانحة والمجتمع الدولي، وعجزت عن تقديم دفوعات قوية لإقناع المسؤولين الدوليين".

وأشار عثمان إلى أن الحكومة الانتقالية ورثت كتلة نقدية أكبر من حجم السلع والخدمات، وهذا الأمر أدى إلى انفلات التضخم وانتقاله إلى الرقم الثلاثي وهي نسبة غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن السودان على بعد خطواتٍ من النموذج الفنزويلي والزيمبابوي في التضخم.

وشدد عثمان على أن المنظومة الدفاعية الصناعية يمكنها تمويل عجز الموازنة خلال الفترة الانتقالية من عائدات استثماراتها التي تقدر بـ(180) مليار دولار من الذهب واللحوم، لكن الحكومة الانتقالية لم تخض معاركها الحقيقية لإقناع المنظومة الدفاعية بتمويل عجز الموازنة.

اقرأ/ي أيضًا: مياه الخرطوم: عجز بنسبة 30% في الإنتاج وانحسار مفاجئ للنيل وراء قطوعات المياه

وأضاف "هذه ظروف استثنائية تواجه دولة باجمعها مع شعب أنجز الثورة وينتظر نتائج اقتصادية أفضل من النظام المخلوع، والبدوي وحكومته بدلًا من الحصول على مليارات الدولارات من المنظومة الدفاعية، اتجهوا إلى سحق المواطن برفع الدعم وزيادة الأجور للقطاع العام الذي لا يشكل سوى نسبةٍ ضئيلةٍ من عدد السكان".

وأبان عثمان إن هذا ليس وقت بقاء المنظومة الدفاعية باستقلالية مالية واقتصادية في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تعصف بحكومة الثورة، لافتًا إلى أن تطبيق النموذج المصري والأمريكي في استقلالية الاقتصاد المتعلق بالجيوش لايمكن نقله الى السودان بشكل حرفي في هذا الوقت الحرج.

وأردف عثمان "على الحكومة الانتقالية أن تخوض الآن معاركها المؤجلة مع المؤسسة العسكرية لإقناعها بولاية وزارة المالية على المال العام عولى شركاتها وضخ الأموال في شرايين الموازنة، وإذا تم التوصل إلى هذا الحل يمكن أن ينخفض الدولار الأمريكي خلال ثلاثة أشهر إلى (30) جنيه سوداني".

اقرأ/ي أيضًا: حل إدارة العلاقات العامة بوحدة تنفيذ السدود

وقال عثمان إن "الأجور التي منحت إلى القطاع العام ستصبح مجرد أموال معبأة في كراتين أو مظاريف في فترة وجيزة ما لم تقتلع الحكومة مصادر تغطيتها من المنظومة الدفاعية أو تحصل على مساعدات مقدرة من المؤسسات المانحة". وأوضح عثمان إن الجماعات الاقتصادية المعارضة لسياسات البدوي لا تعارض رفع الدعم بل تعتقد أن التوقيت غير مناسب، كما ترى أن البدوي يحاول تعبئة ذات الحلول التي انتهجها نظام البشير في قناني جديدة هذه المرة.

وقلل عثمان من إجراءات وزارة المالية إنشاء شبكة اجتماعية لحماية الفقراء من الإصلاحات، موضحًا أن هذه الشبكة التي يجب أن تضم جهاز الإتصالات والمصارف وشركات الكهرباء لم تبدأ التأسيس حتى الآن، ما يعني أن المالية بدأت الإجراءات الصادمة قبل حماية الفقراء.

المحلل الاقتصادي : نموذج التضخم في السودان يتقرب من نماذج فنزويلا وزيمبابوي اللتان طبعتا العملات الورقية لمقابلة العجز في ظل شح الإنتاج وقريبًا سيشتري المواطن كيلو الفراخ بقيمة ألف جنيه

وتابع المحلل الاقتصادي، "سيخصص (500) جنيه للفقراء، لكن هذا المبلغ يتآكل شهريا بنسبة (9%) أي أنه يعادل الآن في أيار/مايو (180) جنيها من أصل القيمة الحقيقية في كانون الثاني/يناير عندما أعلن البدوي عن المبلغ".

وكشف عثمان إن إنتاج السودان من الذهب يوميًا (150) كيلو تذهب (70%)  منه إلى قطاعات خارج ولاية المال العام، ومهمة الحكومة الانتقالية هي أن تتحلى بالإرادة السياسية لمواجهة المنظومة الدفاعية سلميًا في غرف التفاوض للحصول على جزء مقدر من حصائل الصادر لدعم الموازنة في الفترة الانتقالية.

ورأى عثمان إن وزارة المالية تتجاهل الإصلاحات الضريبية وحاليًا هناك مئات الشركات الرمادية التي لا تدفع ضرائب حقيقية.

 اقرأ/ي أيضًا

لجان مقاومة يطلقون مبادرة لتعقيم الأسواق والمساجد والمؤسسات العامة بالخرطوم

مياه الخرطوم: عجز بنسبة 30% في الإنتاج وانحسار مفاجئ للنيل وراء قطوعات المياه