14-مايو-2019

انتهى يوم الإثنين في السودان على نحو دموي (فيسبوك)

شهد يوم الإثنين الثامن من رمضان تطورات عنيفة في محيط الاعتصام بمقر قيادة الجيش السوداني وشارع النيل، وكانت الأجواء منذ الصباح مشحونة بالتوتر والعداء على خلفية إغلاق بعض الجسور والطرق الرئيسية وسط العاصمة الخرطوم، ما تسبب في خنق حركة السير وشل الحياة تمامًا، وانتهى بمجزرة بشرية دامية.

تعكس عديد الفيديوهات المتداولة أن محاولات فض الاعتصام في السودان ونقاط الاشتباك ربما تتواصل، كما أن ثمة رسالة من المجلس العسكري بأنه لن يسمح لتجمع المهنيين بممارسة الضغوط عليه وتوسيع دائرة الاعتصام 

وأسفر تفجر العنف وإطلاق الرصاص الحي عقب محاولات إزاحة الحواجز في شارع النيل وكبري القوات المسلحة بالقرب من ميدان الاعتصام، عن سقوط سبعة شهداء بينهم ضابط برتبة رائد، في حين تجاوزت الإصابات بالرصاص الحي وغيره التسعين إصابة بعضها حالته لا تزال حرجة، وفقًا لبيان لجنة الأطباء المركزي.

اقرأ/ي أيضًا: المرحلة الانتقالية في السودان.. صراع الأجندة الخفية

الثورة مستهدفة

في وقت كادت جولة المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري أن تحاصر نقاط الخلاف بينهما، تسارعت الأحداث أيضًا في مناطق متفرقة من البلاد، أبرزها إطلاق النار على المعتصمين في مدينة نيالا غرب السودان، وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وضرب المتظاهرين في الشوارع ومهاجمة اعتصام الهيئة المركزية للكهرباء، ما يعني أن قوى الحرية والتغيير أرادت أن توسع جغرافيا الاحتجاج لممارسة ضغط على المجلس العسكري، وجاء رد الأخير بالقوة لتأكيد سيطرته على الأوضاع الأمنية والسياسية عمومًا.

وقد المجلس العسكري عقد فجر الثلاثاء مؤتمرًا صحفيًا لتبيان الحقائق، نفى فيه مسئوليته عمّا جرى، واتهم من وصفهم بالمندسين والمتسللين وقوى الثورة المضادة بالهجوم وإطلاق الرصاص على المعتصمين، قائلًا إن "الثورة مستهدفة وتتربص بها دوائر كثيرة"، كما ادعى رئيس هيئة الأركان المشتركة تعرضهم لإطلاق الرصاص من طرف مجهول، بجانب استفزاز لقادة الجيش والدعم السريع من قبل الثوار، وصل مرحلة التوقيف والتفتيش، وأن "المتفلتون يستهدفون العناصر الشريفة من أبناء الوطن لخلق فتنة بينهم ولدينا شهود وأدلة، ولن نسمح بأي فوضى وسنردع المتفلتين"، مؤكدًا أن محاولات فتح الطرق سوف تتواصل، بجانب عملية التفاوض، والتي كشف المجلس العسكري أنها سوف تصل إلى حل نهائي خلال اليوم.

التفاوض تحت الرصاص

من جهته ادعى رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق عبد الفتاح البرهان، وجود جهات وصفها بالمندسة تحاول إجهاض الاتفاق الذي تم بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وقال البرهان في تصريحات له عقب تشييع ضابط في الجيش كان قُتل في محيط الاعتصام، أن تلك الجهات تسعى لإعادة السودانيين إلى ما قبل سقوط النظام السابق، لكنه أكد أن هذا لن يتم، وتعهد بالقبض على الجناة ومحاسبتهم.

واستمرت المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى التغيير، وصولًا إلى اتفاق شمل نظام الحكم خلال الفترة الانتقالية، وهيكلة الدولة، وتبقى فقط نسبة التمثيل في المجلس السيادي ومدة الفترة الانتقالية التي تصر قوى التغيير على أن تكون أربع سنوات بينما أرداها المجلس العسكري عامين تعقبهما انتخابات، وغالبًا سوف يتم التوافق بين الطرفين على ثلاثة سنوات للفترة الانتقالية ومجلس سيادة شرفي تحت قيادة المؤسسة العسكرية، على ما رشح من معلومات.

في السياق عينه وصفت قوى الحرية والتغيير ما حدث في التفاوض من تقدُّمٍ بأنه سدَّد ضربةً موجعةً لمن وصفتهم "ببقايا النظام الساقط لا محالة، فدفعها للخروج من أوكارها في محاولة بائسة أخيرة لجر الثوار للعنف وفض الاعتصام بالقوة"، ودعت قوى التغيير في بيان تلقى "ألترا صوت" نسخة منه، القوات المسلحة للقيام بمهامهم في التصدي للعابثين بمكتسبات الثورة وحماية إخوتهم الثوار، وحملت المجلس العسكري المسؤولية عن حفظ الأمن وحماية المواطنين ولجم بقايا النظام الساقط وجهاز أمنه ومليشياته وكتائب ظله، على حد وصف البيان الذي أضاف بأننا "التزمنا سلاح السلمية، لن نبدله بشيء مهما كانت الظروف، وموقفنا هو استمرار الثورة حتى تحقيق أهدافها".

من أطلق النيران؟

وحول من أطلق الرصاص على المعتصمين قال شهود عيان لـ"ألترا صوت" إن عملية ضرب النار بدأت عصر الإثنين، قبل موعد الإفطار، حين حاولت مجموعة من قوات الدعم السريع والجيش مدعومة بآليات إزالة الحواجز والتروس من شارع النيل وكبري الحديد الذي يربط الخرطوم بمنطقة بحري، فتصدى لهم عدد من الثوار، وهنا بدأ إطلاق الرصاص من أفراد يرتدون زي القوات النظامية، وتواصل إطلاق الرصاص الحي والقنابل الصوتية بالقرب من جامعة الخرطوم حتى وقت متأخر من الليل، ما تسبب في حالة رعب وسقوط مئات الجرحى، بجانب أن قوات الدعم السريع التي يقودها نائب رئيس المجلس العسكري الفريق حميدتي، ترتكز في تلك المنطقة، وكافة مداخل العاصمة الخرطوم بصورة كثيفة، ما يعني صعوبة تسلل قوات أخرى وإطلاق النار على المحتجين دون أن تتعرف عليها.

اقرأ/ي أيضًا: حراك السودان ومعركة الحكومة المدنية.. تحولات حاسمة

في تدوينة له على صفحته في فيسبوك، حمل رئيس تحرير صحيفة التيار السودانية عثمان ميرغني القوات النظامية مسؤولية إطلاق الرصاص على المحتجين، وكتب ميرغني قائلًا: "تجولت نهارًا في كامل المنطقة التي شهدت الاشتباكات، لا يمكن لبعوضة أن تدخلها دون أن تمر على القوات النظامية التي تحاصرها من كل الاتجاهات"، وأعتبر ما حدث هو محاولة فاشلة لفتح شارع النيل وتضييق مساحة الاعتصام ارتكبتها واحدة أو معًا، (القوات في المنطقة، الجيش أو الدعم السريع، لا ثالث لهما)"، على حد وصفه.

استمرت المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى التغيير، وصولًا إلى اتفاق شمل نظام الحكم خلال الفترة الانتقالية، وهيكلة الدولة، وتبقى فقط نسبة التمثيل في المجلس السيادي ومدة الفترة الانتقالية 

وتعكس عديد الفيديوهات المتداولة أن محاولات فض الاعتصام ونقاط الاشتباك ربما تتواصل، كما أن ثمة رسالة من المجلس العسكري بأنه لن يسمح لتجمع المهنيين بممارسة الضغوط عليه مثل توسيع دائرة الاعتصام لشل الحياة وقطع الطرق وإغلاق الجسور، بدلالة تحذير وزارة الخارجية السودانية للبعثات الدبلوماسية الغربية في ذات اليوم بعدم التواجد في منطقة الاعتصام لضمان سلامتهم، عطفًا على أن المشهد كان محتقنًا حتى فجر الثلاثاء، ما يعني أيضًا إمكانية قطع الطريق أمام أي اتفاق بين قوى التغيير والمجلس العسكري، والعودة للمربع الأول، كما أن مظاهر العنف المفتعلة أرادت التمهيد إلى سيناريو يطل الآن برأسه كجبل الجليد، ليس أقل من التمهيد لانقلاب ثالث ينقض على كل المظاهر الثورية، كما يتخوف البعض.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ورطة البشير بين المذهب المالكي وعقيدة بوتين.. من يكاتب الجنرال في سجن كوبر؟

مليونية الدولة المدنية.. قطار الثورة السودانية يشق طريقه الوعر