عادت قضية نجم فريق المريخ والمنتخب السوداني، سيف مالك، الشهير بـ"تيري"، إلى الأضواء مجددًا، بعد نحو أسابيع ظل فيها حبيس الزانزانة بسجن أم درمان، وذلك عقب اتهامه بالانتماء إلى عصابة "نيقرز" قامت بحرق قسم شرطة التكامل، شرق الخرطوم، وإتلاف ممتلكات حكومية، وهي تهمة عقّدت أزمة اللاعب ومصيره الغامض، بما يمكن أن يهدد مستقبله الشخصي، والاستفادة من جهوده الكروية، علاوة على أن القضية، كما ينظر لها جمهوره، تداخل فيها السياسي مع الجنائي، بصورة يصعب فك الارتباط بينهما.
كان لاعب فريق المريخ والمنتخب السوداني، سيف تيري أبرز المشاهير الذين شاركوا في الاحتجاجات قبل سقوط نظام البشير
وكان سيف تيري أحد أبرز لعيبة كرة القدم الذين شاركوا في الاحتجاجات المتواصلة بالسودان قبل سقوط نظام البشير في نيسان/أبريل الماضي، وبدا حتى داخل الملعب تنسحب تصرفاته اللافتة من خلال الاحتفاء بالفوز على طريقة الشباب المحتجين في إبطال مفعول قنابل الغاز المسيل للدموع.
اقرأ/ي أيضًا: الانقلاب الفاشل في السودان.. مسرحية حميدتي لإتمام السيطرة؟
احتجاز غير مبرر
في حزيران/يونيو الماضي، ألقت الشرطة السودانية القبض على 13 متهمًا، بينهم نجم المنتخب الوطني سيف تيري، على خلفية حادثة الاعتداء على قسم شرطة التكامل بشرق النيل، و"تحطيم وإتلاف أجزاء منه، وتحرير متهمين داخل حراسته، وحرق ما يقارب ثماني سيارات كانت تقف حول القسم، بينها مركبات قسم الشرطة"، بحسب ما جاء في نص الاتهامات.
هيثم كريكا، زميل تيري في المنتخب السوداني، قال إن الحالة الصحية له متدهورة داخل السجن. وكتب كاريكا على تويتر قائلًا: "ما يحدث مع الزميل سيف تيري غير مقبول تمامًا. يتم احتجاز اللاعب بعد إطلاق سراحه بكفالة من قبل، بدون أي محاكمة أو توجيه اتهام له، وهناك أخبار عن تدهور حالته الصحية"، مطالبًا الجماهير بالوقف إلى جانب تيري.
زعيم عصابة!
وقال رئيس هيئة الدفاع عن اللاعب، سمير مكين، إن موكله متهم بالإضافة للاتهامات الخاصة بالإتلاف الجنائي، فهو كذلك متهم بـ"تزعم عصابة" يطلق عليها في السودان "نيقرز"، تتواجد بشكل أساسي في المناطق الطرفية، ويحمل أعضاؤها الأسلحة البيضاء.
و"النيقرز" جماعة ازداد نشاطها في أعقاب عمليات فض الاعتصام قبالة مقر قيادة الجيش. وبرزت تلك العصابة وفقًا لكثير من الشكوك بأنها صنيعة أمنية لتخويف الموطنيين واستخدام العنف تجاه المحتجين، كما جرى بالفعل عند فض الاعتصام، واستخدام ما يعرف بمنطقة كولومبيا جوار شارع النيل، ذريعة لإطلاق الرصاص الحي وإنهاء المظاهر الثورية.
قلق الفيفا
لم تنته قضية سيف تيري المتصاعدة، إلى كونها قضية مواطن سوداني بانتظار العدالة، وإنما أثارت قلق الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي استفسر عن الموقف الصحي والإنساني للاعب المريخ الدولي، سيف تيري، داخل محبسه، وموقفه القانوني من الجريمة، وحقيقة الاتهامات الموجهة إليه. كما طالب الفيفا بإخضاع اللاعب للفحص الطبي عقب الإفراج عنه.
وكشف مجدي حسن سعيد، محامي اللاعب، تلقيه اتصالًا هاتفيًا من سكرتارية الفيفا، للتساؤل عن الوضع الصحي، والجريمة الموجهة إلى اللاعب وحقيقية موقفه القانوني. وقال مجدي في تصريحات صحفية، إنه رد عليهم من ناحية قانونية بأن اللاعب لا علاقة له بالجريمة التي حدثت، وأنه قد اعتقل من منزله بعد أسبوع من وقوع أحداث الشعب.
إخلاء مقابل الرهن
وكان القضاء السوداني قد وافق على إخلاء سبيل سيف تيري بكفالة تتمثل في رهن عقاري يوازي قيمة نصيبه البالغ 525 ألف جنيه (نحو ثمانية آلاف دولار أميركي)، من جملة سبعة مليارات و653 ألف جنيه سوداني من قيمة الدعوى الجنائية (115 ألف دولار).
لكن خطأً إجرائيًا في الأوراق المتعلقة بإيداع لاعب في تأخير إطلاق سراحه حتى نهاية الأسبوع الجاري، بعد أن اكتملت إجراءات إخراجه بضمان رهن منزل أسرته في المحكمة.
ولعل أكثر ما أثار استنكار الشارع السوداني، إيداع اللاعب سجن مدينة الهدى الإصلاحية في أم درمان، المخصص للمحكومين، وهو مازال متهمًا ولم تبدأ إجراءات محاكمته بعد، بينما رفضت سلطات سجن كوبر استلامه، وفقًا لإجراءات إدارية خاصة بسلطات السجون.
ونتيجة لذلك، وتراكم المخاوف من شبهة الاعتقال السياسي؛ خرجت مظاهرات في ضاحية الحاج يوسف، شرق الخرطوم، للتنديد بحبس تيري والتباطؤ في تقديمه للعدالة. وفرقت الشرطة المظاهرات عبر إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، علمًا بأن ضاحية الحاج يوسف هي المنطقة التي يقطن فيها سيف تيري.
خذلان وتعذيب نفسي
من جانبه، أعلن تجمع المهنيين الذي يقود الحراك الاحتجاجي في الشارع السوداني، دعمه لموكب التضامن مع سيف تيري، فيما انتقد البعض موقف نادي المريخ وتباطؤه في إنقاذ لاعبه، بينما نقل عضو في الجهاز الإداري للفريق، أن اللاعب كان يعتذر عن حضور تمارين الفريق أثناء الثورة نسبة لالتزامه وقناعاته السياسية.
ومع تطورات أزمة، سيف تيري، بدا أن الضغوط الشعبية قد أفلحت إلى حد كبير في إرغام السلطات على تدارك القضية، في الوقت الذي أعلن فيه تجمع المحامين السودانيين، عن العمل على "انتزاع حرية الثوار الأحرار من فم سلطة تدعي العدالة؛ منضوية تحت هيمنة المجلس العسكري الانقلابي".
ووصف التجمع في بيان نشرته صفحة اللاعب سيف تيري، بأنه "وطني غيور، ظل متمسكًا بقضية التغيير منذ انطلاق شرارتها، مناديًا بالحرية والسلام والعدالة داخل وخارج المستطيل الأخضر".
يبدو أن الضغوط الشعبية قد أفلحت إلى حد كبير في إرغام السلطات على تدارك قضية اللاعب السوداني سيف تيري
كما كشف التجمع عن تعرض اللاعب سيف تيري ورفاقه لصنوف وأشكال عديدة من صور التعذيب النفسي بترحيله من حراسة إلى أخرى، حتى استقر به المطاف فى سجن الهدى غربي أم درمان.
اقرأ/ي أيضًا:
تقرير لجنة التحقيق يفتح الباب أمام مزيد من الاحتمالات الثورية في السودان
ليلة السكاكين الطويلة.. سلسلة انقلابات عسكرية تهدد الثورة السودانية