ارتفعت وتيرة المعارك العسكرية بين الجيش والدعم السريع الساعات الماضية في بعض جبهات القتال، والتي شملت النيل الأبيض والخرطوم بحري والجزيرة في منطقة الفاو.
المعارك البرية التقليدية التي يعتمدها الجيش تستغرق وقتًا في الجزيرة
في منطقة الفاو شرق ولاية الجزيرة، وهي بلدة تقع داخل حدود ولاية القضارف، ذكرت مصادر أن القوات المسلحة تنشط مؤخرًا، لا سيما بعد المجزرة التي وقعت في قرية "ود النورة" بمحلية 24 القرشي بولاية الجزيرة، للتوغل صوب الولاية وشن معارك ضد الدعم السريع، التي نشرت تعزيزات أيضًا لمقابلة الهجوم المحتمل.
ومنذ ثلاثة أشهر تعتزم القوات المسلحة شن هجوم عبر منطقة الفاو على شرق ولاية الجزيرة، وإذا تمكنت من التوغل ما يقارب الـ (300) كيلو متر، قد تتمكن من السيطرة على كبري حنتوب ومدينة ودمدني عاصمة الولاية.
الشهر الماضي عاد الجيش أدراجه إلى الفاو بعد أن أحرز تقدمًا إلى منطقة الخياري الواقعة في منتصف المسافة بين الفاو وودمدني، عبر طريق رئيسي يربط بين الجزيرة وولاية القضارف.
إلى جانب ذلك فإن لدى الجيش السوداني ثلاث مناطق أخرى قد تضع الدعم السريع في دائرة حصار من أربع مناطق عسكرية، ويقول المراقبون العسكريون أن هذا يعتمد على تعزيز كفاءة القوات المنتشرة، وهي على أهبة الاستعداد في جنوب الجزيرة بولاية سنار، وفي مدينة المناقل جنوب ودمدني وفي النيل الأبيض بمدينة كوستي.
كما أن حصول الدعم السريع على أجهزة تشويش متطورة، ومسيرات نوعية تفسد الخطط التي يعتمد عليها الجيش في قيادة معارك برية تقليدية، بالمواجهة العلنية وفق المراقبين العسكريين للتحرك نحو ولاية الجزيرة، التي تضع ضغوطًا هائلة على عاتق أعضاء مجلس السيادة العسكريين، بسبب زيادة الانتهاكات بحق المدنيين من قبل الدعم السريع.
بينما تعتمد الدعم السريع على أسلوب الإنهاك في التعامل مع الجيش، شنت قواتها المنتشرة حول سلاح الإشارة في الخرطوم بحري السبت، هجومًا تصدت له القوات المسلحة وتمكنت من إبطال مفعول الهجوم.
وتشن الدعم السريع الهجمات العسكرية على سلاح الإشارة بالخرطوم بحري، منذ منتصف آذار/مارس الماضي بالتزامن مع سيطرة الجيش على الإذاعة وأحياء وسط أم درمان.
وفي نهاية أيار/مايو الماضي، توغلت وحدات من الجيش إلى جسر الحلفايا وتمكنت من عبور الجسر، وقالت القوات المسلحة إنها نفذت عملية نوعية وعادت إلى قواعدها في أمدرمان.
وعلى الرغم من أن الدعم السريع مُنيت بخسائر فادحة في معارك جسر الحلفايا، حشدت قواتها من مختلف أنحاء بحري لمنع الجيش من التقدم، حيث يفسر مراقبون عسكريون خطوة الجيش على أنها اختبار لمعارك قادمة في الخرطوم بحري.
فيما توسعت رقعة العمليات الحربية لسلاح الجو التابع للجيش اليوم الأحد منذ وقت مبكر من الصباح، بشن غارات في منطقة "سوق قندهار" غربي أم درمان استهدفت تجمعات الدعم السريع، وتسيطر على السوق مع أنباء عن وقوع ضحايا وسط المدنيين.
ومنذ نهاية الأسبوع الماضي ارتفع نشاط سلاح الجو التابع للجيش نتيجة تزايد انتهاكات الدعم السريع بحق المدنيين، وفقًا للعاملين الإنسانيين و الإدانات الصادرة بحقها في مجزرة "ود النورة" بولاية الجزيرة.
كما أن الجيش يعتزم من خلال كثافة الطلعات الجوية، إلى خفض تحركات هذه القوات التي أكدت الأسبوع الماضي نشر ثلاثة متحركات في الجزيرة وسنار والنيل الأبيض، في خطوة توضح اتساع رقعة القتال خلال الفترة القادمة.
أما في منطقة الأعوج غربي مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض، أبلغ سكان مراسل "الترا سودان" عن سماع دوي انفجارات منذ وقت مبكر من صباح اليوم لطائرة قصفت مواقع للدعم السريع، وردت عليها الأخيرة بالمضادات الأرضية.
وتتسع دائرة التصعيد العسكري بين الجيش والدعم السريع في ظل تدهور الوضع الإنساني وانقطاع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه في غالبية المدن، وارتفاع السلع الغذائية ونقص الأموال في أيدي المواطنين.
والخميس أكدت منظمة الهجرة الدولية أن تتبع حركة النزوح أظهر ارتفاع النازحين داخليًا وخارجيًا في السودان بسبب الحرب إلى نحو عشرة ملايين شخص. وتتعثر دعوات أميركية وسعودية لبدء محادثات بين الجيش والدعم السريع، حيث أعلن نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار الشهر الماضي أن الجيش لن يذهب إلى جدة.
وترتفع المخاوف بشأن طول أمد الحرب بين الجيش والدعم السريع، ففي حين تحاول القوات المسلحة تحسين وضعها الميداني لفرض شروطها على طاولة المفاوضات، تسعى الدعم السريع إلى اغلاق هذا الخيار من خلال حشد المقاتلين وتجنيد الشبان في مناطق سيطرتها، وفقًا للمعلومات التي جاءت من بعض أحياء ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة.
ويستبعد المراقبون العسكريون وحتى الدبلوماسيون ذهاب الجيش إلى المفاوضات قبل تحسين وضعه الميداني، وفي ذات الوقت فإن هناك عوامل قد لا تمنح الجيش وقتًا كافيًا، خاصة مع ارتفاع الانتهاكات في ولاية الجزيرة وحصار الفاشر ونقص الغذاء.